23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(62)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(62)

(مسألة 14) ((أذا قلد من لم يكن جامعاً للشرائط عمداً بما فيه شرط الأعلمية كان كمن عمل من غير تقليد.))
—————————————————————-
مرّ علينا في ((مسألة 11)) نفس موضوع هذه المسألة وكان الحكم هناك هو وجوب العدول إلى من هو أهلٌ للفتوى أو هو أعلم يعني وجوب العدول إلى من كان جامعاً للشرائط ,,
وفي هذه المسألة تتضح الصورة فإن وجوب العدول بسبب بطلان تقليد المجتهد الفاقد للشرائط كما نصت عليه هذه المسألة حيث جاء فيها ما نصه:
(( كان كمن عمل من غير تقليد )). والعمل من غير تقليد محكومٌ عليه بالبطلان كما نصت عليه ((مسألة2)).
عرفنا فيما سبق أن تقليد المجتهد الجامع للشرائط واجبٌ بعد ضم(مسألة 1 ) إلى (مسألة 6) ومن الواضح بعد هذه المسائل أن هذا الوجوب ليس وجوباً تكليفياً بل هو حكم وضعي أيضاً يعني لا يصح تقليد المجتهد الفاقد للشرائط.
فتقليد المجتهد الجامع للشرائط واجب وصحيح، بمعنى أن من قلّد عن إهمال أو تسامح أو تعمدّ تقليد غير الأعلم فإنه قد ترك الواجب وحكمه حكم من عمل من غير تقليد يعني بطلان تقليده بمعنى بطلان المعاملات والعبادات ( الأعمال ) التي تستند على مثل هذا التقليد…
ولو كان الحكم مقتصراً على الناحية التكليفية لما احتاج الأمر إلى وجوب العدول إلى من هو جامعٌ للشرائط.
إن الذي يخالف وجوب تقليد الأعلم الجامع للشرائط فإن هذا العصيان يُوجب أمرين:
الأمر الأول: بطلان التقليد بمعنى بطلان العمل المستند والمعتمد على هذا التقليد.
(وهذا ما دلت عليه المسألة).
الأمر الثاني: وجوب العدول إلى المجتهد الجامع للشرائط كما نصت عليه (مسألة11) .
في هذه المسألة نصت على بطلان تقليد المجتهد الفاقد للشرائط إذا كان على وجه العمد بل الأمر كذلك في حال الإهمال والغفلة وسيأتي في (مسألة 18) ما يدل على بطلان تقليد غير الأعلم عن غفلة، وهنا يتأكد التدقيق بل لا بد أن يحرز العامي كون المجتهد جامعاً للشرائط عن طريق قيام حجة شرعية تامة وإلا فإن المهمل والمتسامح والمتعمد والغافل لا يُعذر بمعنى ــ بطلان ــ تقليده في حال أنه قد قلّد غير الأعلم..
وهذا الأمر لا يتفرد به السيد الشهيد محمد الصدر ((قدس)) بل هو ما اتفق عليه مشهور الفقهاء المتأخرين ولكن بفضل الله كان السيد محمد الصدر ((قدس)) سبباً في نشر هذا الوعي والذي عبر عنه في لقاء الحنانة ((بالتدقيق في شرائط مرجع التقليد )) وقال ما مضمونه أن التسامح في التقليد كان حتى في أوساط الحوزة العلمية فضلاً عن المجتمع.
وأقول: أن الله منَّ علينا بهذا العالم العارف العبد الصالح المجتهد الأورع الأعلم الشهيد فكان سبباً لوعي الحوزة والمجتمع على حدٍ سواء وخير شاهد هذا الشرح لهذه المسائل الذي هو بفضل هذا الوعي الذي أفاضه السيد محمد الصدر ((قدس)).
وليس من العدل والإنصاف بعد هذا الوعي أن نرجع إلى الوراء وإلى التسامح ونتعمد إهمال واستغفال الناس وتكون الجريمة افظع إذا كان التسامح والإهمال وعدم نشر الوعي يصدر ممن تعلم على يد السيد الشهيد محمد الصدر ((قدس)) ومن المؤسف أننا نرى ونسمع في كل يوم من هؤلاء لا لشئ الا لطلب الدنيا والجاه والسيطرة وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة….