18 ديسمبر، 2024 7:40 م

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(52)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(52)

((مسألة 10)) إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر . فإن لم يعلم الاختلاف بالفتوى بينهما تخير. وإن علم الاختلاف وجب الفحص عن الأعلم ويحتاط وجوباً في مدة الفحص وله أن يعمل خلالها بمن كان مقلداً له قبل وفاته ولو مع ثبوت كونه مفضولاً فإن عجز عن معرفة الأعلم فالأحوط وجوباً الأخذ بأحوط القولين مع الإمكان، ومع عدمه يختار أحدهما إلا إذا كان احتمال الأعلمية في أحدهما أكبر.
—————————————————————

بقيّت الإشارة إلى تكليف العامي خلال مدة الفحص لأن باب التقليد خلال فترة الفحص مغلق لأن العامي يفحص عن الأعلم لكي يقلده ، ففي هذه المسألة تفصيل نافع ودقيق ..
عرفنا من خلال مسألة ((3 )) أن السيد محمد الصدر(قدس) قد منع واغلق طريق الاحتياط في عموم المسائل إلا في بعض المسائل يكون العمل بالاحتياط جائز والنتيجة: أن في عموم المسائل هناك طريقان لا ثالث لهما أما طريق الاجتهاد أو طريق التقليد هذا في عموم المسائل، ولكن في حالات خاصة قد ينغلق أحد الطريقين ( الاجتهاد والتقليد ) أو ينغلق كِلا الطريقين وهذا ما ستتحدث عنه مسألة ((16)) والتقليد هو طريق للعامي فقط والاجتهاد هو طريق للمجتهد فقط. يعني من ناحية عملية أن العامي له طريق واحد وهو طريق التقليد ..
والمجتهد له طريق واحد وهو طريق الاجتهاد وهذه المسألة اقصد مسألة ((10)) هي محل ابتلاء العامي، ففي فترة الفحص فإن طريق التقليد مغلق بل متعذر وبالتالي ينفتح طريق الاحتياط مؤقتاً وخلال فترة الفحص وهذا ما دلت عليه كلمات السيد محمد الصدر (قدس) حيث قال ما نصه في هذه المسألة : (( ويحتاط وجوباً في مدة الفحص ))، وهي ليست أحوط وجوباً بل هي عمل بطريق الاحتياط (الاحتياط التام ) وهذا الطريق واجب بعد تعذر العمل بطريق الاحتياط.
ومما يؤيد ذلك أننا نقول لمن يعمل بطريق التقليد أنه يقلد, ولمن يسلك طريق الاجتهاد يجتهد, وهنا قال السيد يحتاط يعني لمن يعمل بطريق الاحتياط في فترة الفحص .
وهذه هي إحدى المسائل التي أشارت إليها مسألة ((3)) حيث نصت تلك المسألة : (( لكن الاحتياط في بعض المسائل جائز ))، وهذه منها أي العمل بالاحتياط في مدة الفحص ولفظ (جائز) المراد منه المعنى الأعم الذي يشمل الإستحباب والإباحة والكراهة والوجوب والحكم الوضعي .
إن العمل بالاحتياط في مدة الفحص هو احتياط تام في بعض المسائل الواقعية ولكن يلزم المكلف معرفة ما هو الأحوط شرعاً يعني المكلف في مدة الفحص لابد أن يراعي الاحتياط الشرعي .
بقيّ الإشارة إلى أمر لا ينبغي أغفاله وهو أن التقليد على نوعين ابتدائي وبقائي وقد يختلف الأمر بالنسبة للنوعين، فالعامي الذي يريد أن يقلد تقليداً ابتدائياً لابد أن يعمل بالاحتياط خلال مدة الفحص وليس له بديل عن العمل بالاحتياط.
أما العامي الذي مات مجتهده فليزمه الرجوع إلى الحي الأعلم الجامع للشرائط ويسمى (( أعلم الأحياء )) ، ففي هذه المسألة أيضاً يجب عليه الفحص عن أعلم الأحياء وخلال مدة الفحص فإنه مخير بين أن يحتاط في مدة الفحص أو يبقى على تقليد الميت حتى لو كان هذا الميت غير أعلم اقصد ليس أعلم من (( الشخصين )) وهذا ما ذكره السيد محمد الصدر ((قدس سره)) في نفس المسألة حيث قال ما نصه : (( وله أن يعمل خلالها بمن كان مقلداً له قبل وفاته ولو مع ثبوت كونه مفضولاً ))، والمراد من ثبوت كونه مفضولاً أن الميت ليس أعلم من (( الشخصين ))
وقد تحصّل أن العمل بالاحتياط خلال فترة الفحص واجب بالوجوب التعييني على من يقلد تقليد إبتدائي…
أما في حال التقليد البقائي فإن العمل بالاحتياط واجب تخييري يعني هو مخير خلال فترة الفحص بين العمل بالاحتياط أو البقاء على تقليد الميت.
إن هذه المسألة تأكد أهمية تقليد الأعلم كما لا يخفى.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…..