موضوع الحكم الشرعي:
هو مجموع الأشياء التي تتوقف عليها فعليّة الحكم المجعول( المصدر:دروس في علم الأصول الحلقة الأولى للسيد محمد باقر الصدر”قدس”) . بعد أن عرفنا الحكم الشرعي ومتعلقه نسلط الآن الضوء على موضوع الحكم الشرعي, وبعد الفراغ من بيان تعريف موضوع الحكم الشرعي لابد من ذكر مثال يوضح الفكرة : المثال
إن وجوب الحج جعله الله سبحانه على المكلف المستطيع, يعني أن موضوع هذا الوجوب هو الفرد الذي بلغ سن التكليف والذي له استطاعة. أمّا المجنون والصبي فإنه ليس موضوعاً لهذا الوجوب وكذلك المكلف غير المستطيع فإنه أيضاً ليس موضوعاً لهذا الوجوب لأن انتفاء الموضوع يكون سبباً لانتفاء الحكم المجعول (سالبة بانتفاء الموضوع). ما هي العلاقة بين موضوع الحكم الشرعي والحكم الشرعي؟ ج ـ إن فعلية الموضوع ( تَحقق الموضوع) يكون سبباً لفعليّة الحكم الشرعي، فالحكم متأخر رتبةً عن الموضوع.
الجعل والمجعول
——————-
هذان مصطلحان في علم الأصول يحسن التعرض لهما لأن فيه فائدة ومدخلية في فهم شرح المسائل فهماً واعياً وراسخاً.إن للحكم الشرعي ثبوتين:ـ
الثبوت الأول: ثبوت الحكم في الشريعة ويسمى (الجعل).
الثبوت الثاني: ثبوت الحكم بالنسبة إلى هذا الفرد أو ذاك ويسمى (المجعول) أو (فعليّة الحكم). في مثال وجوب الحج فإن المُراد من انتفاء حكم الوجوب هو إنتفاء الحكم المجعول(إنتفاء فعلية الحكم) أي إنتفاء الثبوت الثاني للحكم وليس إنتفاء الثبوت الأول للحكم (الجعل)، لأن الجعل ثابت في الشريعة حتى مع عدم تحقق موضوعه وخير مثال في زماننا الحاضر أحكام الرِق والعبيد فإن المنتفي هو الثبوت الثاني للحكم أي المجعول (فعليّة الحكم) بسبب انتفاء الموضوع الذي هو الاستيلاء الكامل والسيطرة وهو الموضوع الوحيد للرقّية (المصدر:منهج الصالحين للسيد محمد الصدر”قدس”) ويبقى الثبوت الأول لأحكام الرِق والعبيد ثابتاً في الشريعة بغض النظر عن تحقق موضوعها. وسيأتي في شرح المسائل أمثلة كثيرة عن الجعل والمجعول ,وأيضاً ما يصلح ان يكون مثالاً للجعل والمجعول ,وجوب الصوم في شهر رمضان، فإن موضوع هذا الوجوب هو المكلّف الذي هلَّ عليه هلال شهر رمضان غير المسافر سفراً يوجب القصر ، فإذا سافر المكلّف انتفى عنه وجوب الصوم فالمنتفي هو الحكم المجعول لا الجعل, وسبب انتفاء الوجوب المجعول هو انتفاء موضوع وجوب الصوم؛ لأن السفر ينقض الموضوع .
وعلى ضوء ما تقدّم يمكن بيان المسؤولية العقلية والشرعية بإزاء المقدمات، لأن المقدمات أمّا أن تكون مقدمات الحكم أو تكون مقدمات المتعلق, إن موضوع الحكم ومقدماته هي تمثل مقدمة للحكم الشرعي. مثال ذلك:
وجوب الحج الذي يكون موضوعه التكليف مع الاستطاعة فالاستطاعة لها مقدمات كثيرة منها التكسب وقبلها الخروج من البيت إلى العمل,وتسمى هذهِ المقدمات في هذا المثال((مقدمة وجوب))
إن مقدمة الوجوب ليست واجبة لأن فعليّة الحكم (المجعول) تتوقف على فعليّة وتحقق الموضوع فيكون من المتعذر والمستحيل أن يكون المعلول علّة لعلّته وكذلك فإن مقدمات الموضوع متقدمة رتبة على المجعول.
وهناك مقدمات للمتعلق ففي نفس المثال عند تحقق موضوع وجوب الحج يعني في حال وجود مكلف مستطيع فإن جعل الوجوب يُصبح مجعولاً عليه (فعليّاً) وبالتالي لابد من الإتيان بالمتعلق الذي هو الحج، إن متعلق هذا الوجوب (الحج) له سلسة مقدمات، فالسفر إلى مكّة مقدمة للمتعلق وركوب واسطة للنقل مقدمة لهذا السفر وإنجاز معاملة الجواز مقدمة من مقدمات المتعلق وتسمى هذهِ المقدمات في هذا المثال:ـ ((مقدمة الواجب)) إن مقدمة الواجب واجبة، فالحج هو متعلق حكم وجوب الحج وبالتالي فهو واجب، وحيث أن تحقق موضوع وجوب الحج صار فعلياً فهو يكون سبباً لفعلية وجوب الحج وهو أيضاً يكون باعثاً نحو متعلق الوجوب(الحج) وهذا المتعلق يتوقف على تلك المقدمات فتكون واجبة.
والخلاصة: إن مقدمة الواجب واجبة ومقدمة الوجوب ليست واجبة. وستأتي مسائل أيضاً تكون مصداقاً لهذا الكلام.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…