23 نوفمبر، 2024 2:02 ص
Search
Close this search box.

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(19)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(19)

مسألة (3) الأحوط ترك طريق الاحتياط في عموم المسائل والاختصاص بطريقي الاجتهاد والتقليد، لكن الاحتياط في بعض المسائل جائز سواء اقتضى التكرار أم لا لكن يلزم المكلف معرفة ما هو الأحوط شرعاً.
—————————————————————
الأمر الثاني:
في بيان الأسباب التي دعت السيد محمد الصدر(قدس سره) في المنع عن جواز العمل بطريق الاحتياط في عموم المسائل.
من المعلوم أن الفقيه المجتهد يستند في فتواه إلى دليل معتبر..
وهذا ما يقوم به بالفعل، وتسمى هذه العملية الاستدلالية بعملية الاستنباط..
وفي مسألة (عدم جواز العمل بطريق الاحتياط) كانت هذه الفتوى مخالفة لرأي الكثير من الفقهاء…
وقد ذكر السيد محمد الصدر(قدس سره) بعض الأمور التي دعته إلى هذه الفتوى، وأود أن أذكرها مع أنها كثيرة وموزعة في مؤلفاته واستفتاءاته…
لكنني سأقتصرعلى ما ذكره (قدس سره) في كتابه الرائع “ما وراء الفقه”، حيث قال ما نصه:ـ
(( وأوسع أنواع الاحتياط هو التام في كل الأحكام الواقعية، فكلما عنَّ للفرد تكليف أخذ بأحوط الاحتمالات فيه. وهذا هو الذي جعله الفقهاء بديلاً عن الاجتهاد والتقليد. وقالوا بصحته كطريق ثالث. بصفته موجباً لليقين بفراغ الذمّة.
إلاّ أن هذا غير صحيح، لأنه يواجه عدّة إشكالات نذكر أهمها:
أولاً: قد يكون الاحتياط مستحيلاً أو متعذراً، كما في الشك في ركعات الصلاة، فإن الصلاة المشكوكة يكون قطعها مخالفاً للاحتياط، كما إن الاستمرار بها بأي شكلٍ كان مخالف له أيضاً، والفرد لا يخلوا من أحد الأمرين: أمّا القطع أو الاستمرار، وارتفاع النقيضين مستحيل.

ثانياً: قد يكون الاحتياط فيه عسر وحرج أو ضرر أو مشقّة، ونحو ذلك من الأمور المُسقطة للتكليف شرعاً؛ لقوله تعالى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(الحج:87 ) وقوله (صلى الله عليه وآله):ـ ((لا ضرر ولا ضِرار)) ونحوها من ما لا مجال الآن لاستعراضها.
كما لو كان الاحتياط موجباً للتكرار بحيث يكون موجباً للمشقّة والحرج. ومنه أيضاً الاحتياط في الاجتناب، من النجاسات والمتنجسات فإن الاحتياط المطلق فيها يقتضي مقاطعة الدنيا بما فيها حتى الطعام والشراب واللباس والعائلة. وخاصة في أغلب المجتمعات التي رأيناها على مدى التاريخ. وفي هذا من الحرج ما لا يوصف.
وقد يُقال بإزاء ذلك: إن الاحتياط إذا كان حرجياً، أمكن الاقتصار منه على ما دون ذلك.
إلاّ أن هذا غير صحيح؛
أولاً: لأننا نتحدث عن الاحتياط التام ومع الاقتصار لا يكون موجباً لليقين لفراغ الذمّة.
ثانياً: إن بعض أقسام الحرج يكون الاحوط تحملها، وهو أمر غير محدد في نفس الأمر.
ثالثاً: قد يكون الحرج واقعاً، فيما يكون الظن فيه راجحاً أو المظنون فيه مهماً نسبياً، فيكون الاحوط فعله وهكذا.

ثالثاً من الإشكالات على الاحتياط التام:
إن الاحتياط قد يكون في كِلا احتمالي المسألة من ما يجعل الاختيار متعذراً ـ الفرق بين هذه الاشكال والأول إنما هو في اتجاه النظر فقط ـ كما لو عَقَدَ أحد زوجته بغير اللغة العربية، فإن وجود الزوجية بهذا العقد مخالف للاحتياط، كما أن عدمها مخالف له أيضاً.
وكذلك البيع بالمُعاطاة، فإن نيّة المشتري التملك على المبيع مخالف للاحتياط، كما إرجاعه للبائع لبطلان المعاطاة مخالف له أيضاً.
والأمر قد يدور بين النقيضين، وبين الضدين أو بين الضررين وهكذا:
الأمر الذي ينتهي بنا إلى تعذر الحكم بوجوب الاحتياط المطلق في كل الأحكام الواقعية، أو اعتباره بديلاً عن الاجتهاد والتقليد))( المصدر:ماوراء الفقه الجزء الأول القسم الأول) انتهى.
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة…

أحدث المقالات

أحدث المقالات