23 ديسمبر، 2024 3:19 م

أرقام السيارات..كفر والحاد

أرقام السيارات..كفر والحاد

حتما ان تنظيم الملفات المؤسساتية بتفرعاتها السياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها من بقية الملحقات الأخرى وفق سياق علمي واقعي مدروس ,يتناسب مع شخصية العصر وطبيعة الحراك والتطور التكنولوجي , اثر طيب الوقع وخطوة في مسار نافذ الأفق بركائز ثابته, وهو ما نسعى اليه ونتضامن معه بغية تمرير نسخة عراقية ذي وجهة حضارية الى جغرافية العالم , ومع كثرة المنغصات التأسيسية واضمحلال الكثير من الثقافات المدنية الا إننا مازلنا نمسك بالحلم وكما يقول احد الفلاسفة ,الحلم قانون الإرادة, غير ان تلك الإرادة واقعة تحت مطرقة الأمية الإدارية و سندان الروتين الحكومي , في حين ان متطلبات الحاضر ,لا تحتاج من يدفعها خطوة إلى الأمام بل تتطلب ان نقفز فوق الزمن من اجل الالتحاق بالركب, والإمساك بناصية القافلة, وهنا نتوقف عند الظاهرة الجماهيرية في دوائر المرور العامة العراقية في فحوى تسجيل المركبات , كسلوك و تخطيط لعقل حكومي في إدارة وأرشفة المعلومة.
كما يعرف الجميع ان ابواب العراق ما بعد سقوط الجمهورية “الخاكية” باتت مشرعة امام المستورد الأجنبي , ومع غياب المصدات الوقائية التي تنظم آلية الاستيراد والتصدير وبدافع التعويض من افة الحرمان التي رزح تحتها المواطن العراقي في حق امتلاكه لأبسط مقومات البقاء , اصبح العراق المرأب الأكبر في دائرة الشرق المتوسط في أعداد السيارات القادمة اليه من خارج الأسوار, مما انتج  تخمة مرورية وشوارع متهالكة البساط الإسفلتي مع ما تعانيه من شيخوخة قبل ذلك التاريخ, اضافة الى كثرة الحوادث المروية والتي تجاوزن الـ20% من جملة الحوادث و الإصابات التي تسجل في المستشفيات العراقية,فضلا عن كونها لم تخضع إلى مختبرات التقييس والسيطرة النوعية لتحديد صلاحيتها ومقاييس المتانة فيها , غير ان ذلك أصبح واقع حال لابد من التسليم اليه, مع ان المعالجات كانت متيسرة في بدايتها الا ان وعلى الرغم مما وضع من مصدات ومسارات تصحيحية لاحقا , في إدراك وتدارك تساقط السيارات علينا , الا إننا وضعنا اليوم أمام أزمة من تصنيف “سرطان مروي” لاتقل تأثيرا عن بقية المسرطنات الأخرى في الجوانب السياسية والاقتصادية, ولكن بمنطق يأتي الحل خير من ان لا يأتي , ومع بدء تطبيق تسجيل أرقام السيارات الواردة الى “كراج” العراق , ووفقا للجدول الذي أصدرته مديرية المرور القاضي بجدولة الأرقام وفق فترة زمنية محددة ,بدء الزحف الشعبي باتجاه مراكز التسجيل , وهنا تنثر الأوراق وتتزاحم الخطى ,في طوابير كارثية الشكل غريبة الإطار , ترى الناس سكارى وما هم …….!!!!
من يرمق مراكز التسجيل في بغداد والتي في معظمها تقع في مناطق معزولة , يعتقد للوهلة الأولى أنها زيارة مليونية او مراسيم حج لكن بدون ملابس احرام, وخصوصا ان الطواف حول الممرات والشبابيك يؤكد طقوس الزيارة, والناس في حيرة من أمرهم , على الرغم من الكثير منهم يلازمون أبواب التسجيل منذ ساعات الفجر الأولى ,غير ان ذلك لايشفع لهم بانجاز يشفي صدور سياراتهم.

لا أريد ان أتكلم عن ثقافة مراجعة الشباك في الدوائر الحكومية والتي فيها اكثر من قراءة لا تتناسب مع مفردات كرامة الإنسان , او طبيعة العمل والتعامل لبعض العاملين هناك , ولكنني أود ان امسك الحديث بسؤال , ان اغلب رجالات السلطة في العراق خاضوا تجربة الخارج في منافي الغربة, فهل ما حملتموه لنا من فكر إداري في توجيه مفاصل البلاد ,متأتي من ثقافة التجربة والاحتكاك؟!.