” ويأكل لحمنا عرب
ويبقر بطننا عرب
ويفتح قبرنا عرب”
لو تصفحنا تأريخنا الأدبي , لوجدناه رثاء وندب , ومنذ إنطلاقة الشعر في القرن العشرين , ما تجاوزنا الرثاء والندب واللطميات , ونجيد إستحضار المفردات النواحية.
وقصيدة بلقيس لنزار قباني , تختصر إبداعنا وتلخص مشاعرنا , مع إحترامي وتقديري لما يعتلج في أعماق حبيب فقد حبيبته التي قتلتها بيروت.
قبلها وبعدها ما تجاوز الشعراء دائرة الدموع المفرغة , وإتخذ الإبداع أنواعا من الأشكال والموضوع واحد , بكائيات لا أول لها ولا آخر , وستبقى الأقلام تكتب بمداد الدم والدموع , فهكذا هو الإبداع الذي تترنم به الأجيال , وتجيد مسيرات اللطم وجلد الذات , وتثأر لما مضى وما إنقضى , وسيبقى الويل ديوان العرب!!
فالعرب ضد العرب , وتكربلت (من كربلاء) أيامهم , وتضرجت بالدماء , فلا يجوز للعرب أن يفرحوا , وينالوا بعضا من حقوق الإنسان.
العرب إندحروا في زاوية زمانية ومكانية , وتم إستثمارها بأساليب عاطفية وتكرارية مبلدة للعقول , ومؤججة للطاقات السلبية , فتحول البشر إلى جمرات ودمامل قابلة للإنفجار حالما تطرق موضوعا متصلا بها , وكان الأرض لا تدور , والزمان لا يتغير , والحياة دماء ودموع , والوطن وهم وسراب , والحياة في المعتقد بأضاليله وما يكنزه من دجل وبهتان , مؤطر بخرافات وأساطير لا يقبلها عقل عصفور , لكنها ذات قدرة عالية على حشد النفوس وتسعير الأعماق , وتأمين الكراهية والبغضاء والعدوان بين أبناء كل شيئ واحد.
فما يقوله الشعراء والأدباء بأنواعهم , يمثل الواقع الذي وجدوا فيه , وبما هو دامي ودامع , فإبداعهم من الوعاء الذي تكوّنوا فيه , والإناء ينضح بما فيه , ولهذا فالندب سلطان والرثاء عنوان , والبكاء من الإيمان , فهل تبت يدا أبي لهب؟!!
وهل للنصر طلب , وللفخر أرب؟!!