الكثيرون يرون في هذا السلوك إستنزافا للطاقات والقدرات وذلك من زاوية حادة , ويمكن الإقتراب منه بزاوية منفرجة.
فالأمة في جوهرها تكنز طاقات مترافدة متوالدة متراكمة كديدنها منذ الأزل , فمنها إنطلقت الحضارات وتأسست بدايات وعيها.
وكلما تعرضت لضغوطات تعيق طاقاتها من التعبير عما فيها من القدرات , تنبعج , ويندلع محتواها وينتشر في بقاع الدنيا.
فهجرات أبناء الأمة ليست جديدة , وقد تُعزى لأسباب متنوعة , لكنها تشترك في أنها تحاول قهر إرادتها وحبسها في زوايا مغلقة , لكن طاقاتها فوارة مما يتسبب بإنفجارات مدوية ترمز لها الهجرات المتعاقبة.
وفي العقود الأخيرة تزايد أبناؤها , وتنامت الضغوطات عليهم , مما أدى إلى هجرتهم إلى مواطن لا يُضغطون فيها , بل ينطلقون ويجسدون إرادتهم الكامنة فيهم.
فأبناء الأمة اليوم يشكلون نسبة واضحة في مجتمعات الدنيا , ويساهمون في البناء الحضاري المعاصر في شتى ميادينه وصنوفه , وتبرز منهم طاقات متميزة علمية ومعرفية وقيادية وإبتكارية , تتفاعل في الواقع الجديد الذي هاجرت إليه.
وأبناء المهاجرين لهم دورهم الإبداعي الخلاق , المؤكد لذات الأمة وهويتها , والمترجم لإرادتها النبيلة الساطعة.
وبهذا فالقول بأن هجرة أبناء الأمة خسارة , لا يتوافق وحقيقتها التي عليها أن تؤكدها , رغم غائلة الظروف وشدائدها.
ولا يعنيها المكان الذي تتألق فيه , ما يهمها أنها تسكب ما فيها فوق التراب , وكأن الأرض بأسرها موطنها!!
وعليه فأن الأمة بخير , ومساهمة في نشاطات الإبداع , ولا يجوز القول بأنها عاجزة , وإنما تتعرض لضربات وتتحرر منها , بصيرورات متفوقة عليها في ديار الدنيا الأخرى!!
فهل من إيمان بطاقات الأمة؟!!