22 ديسمبر، 2024 4:32 ص

آبرهة الحبشي…وعام الفيل..ومن يحكمون اليوم بالباطل…

آبرهة الحبشي…وعام الفيل..ومن يحكمون اليوم بالباطل…

قال الحق : “ألم تَرَ كيف فعلَ رَبكَ بأصحابِ الفيلِ * ألم يَجعل كَيدهم في تضليلٍ * وأرسلَ عليهم طيراً أبابيلَ * ترَميِهم بحجارةٍ من سجيلٍ * فَجعلهم كعصفٍ مأكولٍ “، ..الفيل1-5.
آية قرآنية فسرت تفسيرا لغويا وليس تأويلاً علميا مُقنعا للقاريء اللبيب ،تفسيرها يوحي ان أبرهة المسيحي أراد تدمير مكة والاصنام..اي تدميرالعرب ونزع سلطة قريش..والسؤال هنا هل كانت أصنام مكة تخيفهم وتنافسهم حكم الدين…والعداء معهم لهذه الدرجة…؟ وهل العرب كانوا قبائل ضعيفة لا تملك قوة مقاومة الحبشيين وفيها من المسيحيين الكثير ؟. فاذا كان ذلك صحيحا ..فكيف احتمى محمد (ص) بالنجاشي ليحمي دعوته واصحابه من قريش في بداية التنزيل ..وان محمداً كان يعرف ان الحبشة فيها مَلِكُ لا يُظلم عنده احد ،وهي ارض صدق..،(الطبري ،الرسل والملوك ج2 ص333-334)؟.
.ألم يكن ذلك تناقضا في التفسير ؟ وبين عام الفيل ودعوة محمد (ص) اربعين عاماً..(570 م مولد محمد-610 م مجيء الاسلام) وهي ليست مدة طويلة بعمرذلك الزمن البعيد؟ اعتقد ان هناك اسبابا اخرى للهجرة ارتبطت بالعلاقات بين الدعوة والمجاورين وخاصة الروم في بلاد الشام الذين نزلت فيهم اية التمجيد والتنبأ بنصرهم القريب”سورة الروم آية 1-5”.. وان العرب المسلمين كانوا منذ ذلك الزمن يعادون الفرس ويخافون من تطلعاتهم في اراضيهم..كما قرأنا في مصادر التاريخ القديم..أنظر اطروحة ماجستير للسيد قيس الجنابي ..تاريخ العراق القديم تحت الاحتلال الساساني، كلية التربية – جامعة بابل العراقية ؟
نتمنى ان نسمع من فقهاء التفسيرالذين ضيعوا الامة في آتون التفسيرات اللغوية للقرآن الكريم وتركوا التأويل ..بعد ان حولوه الى ترتيل …والقرآن هو الذي امر بالتأويل مع الراسخون في العلم..”آل عمران آية 7″ وكلمة فقيه لا تعني عالم …فكيف تصرفوا بالنص على هواهم دون تأويل لهذه السورة المباركة التي توحي بالكثير المبهم والتي لازالت تقرأ دون تأويل….حتى بقينا نردد ما كتبوه أعتباطاً دون فهم عميق..؟ فأسسوا لنا كل مذاهب الغريب…ففرقوا بيننا كل تفريق..
الى من يؤمنون بالحق والكتاب المبين .. نكتب هذه السطور نتمنى ان تظهر دراسات جديدة من علماء المثيولوجيا عن جدلية الذات الآلهية وأرتباطها بتعدد الأديان لتوضيح ما غمض من مراسيم الحياة منذ القدم وما زال يعشعش في رؤوس الناس على كونها حقائق مقدسة غير قابلة للنقاش.
لقد حفلت شبه جزيرة العرب بتاريخ قديم يكتنفه الغموض عموماً..ويكاد يكون هذا الغموض عميقا وشاملا في بعض نواحيه ،والاستدلال عليه يفرض على الباحث التعامل مع الروايات المتناثرة والمتناقضة في أغلب الاحيان بعد تمحيصها وتحكيم المنطق العلمي فيها..فنحن لا نملك وثائق تاريخية مكتوبة مما يجعل الخوض في تاريخها الديني عسيراً ومضنياً في اغلب الأحيان..فكيف يجوز لنا التصديق بهم دون سند أكيد..؟
لقد احتلت القصص القرآنية مكانة كبيرة في تاريخنا وعقولنا…فجاءت في غالبيتها على شكل اساطير تحاكي الحياة الحية فيها..وكانت حملة ابرهة الحبشي عام 570 للميلاد احدى هذه القصص التي ذكرها القرآن الكريم بسورة قصيرة واحدة..فكيف تمكن الفقهاء والمفسرين وحسب تفسيرهم لها ان يأتونا بحقائق غامضة فأخذناها على علاتها وحسبناها صحيحة ..ولم تبين لنا بعد ما غمض منها والاسباب والاهداف والمجريات فيها.
والقصة بدأت برغبة النجاشي ملك الحبشة بالايحاء لأبرهة ممثلهُ في اليمن والتابع له الذي بنى كنيسة كبيرة هناك سماها “القليس” ليحول الحجيج من مكة مقام ابراهيم اليها..وهذا التوجه يعكس جدلية التناقض بين الاديان السماوية الواحدة التي كان المفروض ان تكون واحدة دون تعارض في الآيديولوجيا وتوابعها فيه..ما دامت هي من مصدر واحد هو الله..وكانت شبه الجزيرةالعربية يومها تحوي الاديان الثلاثة اليهودية في المدينة ، والمسيحية في اليمن ، والصنمية في مكة …وكانت التجارة والعلاقات الاجتماعية قائمة بينها “رحلة الصيف والشتاء،سورة قريش 1-4″..فلمَ هذا التوجه الغريب الجديد من الحبشة ..؟ نعم انه بحاجة الى تفسير تاريخي رصين..؟ نعم هكذا كتب تاريخنا واخذناه حجة للفرقة والتباعد بيننا والتخريب.
من هنا تبرز اهمية المقالة التي تستطيع كشف اللثام عن معلومات خبيئة قد تسهم في ايضاح الرؤية العلمية وتنير متاهات طويلة في تاريخ هذه الحملة واهدافها وتاريخها..لا بل تسهم في التفسير لماجاءنا منهم دون توثيق..؟
لقد أقسم أبرهة الحبشي ان لا يبقي لمكة من أثر ليخرب بيت أبراهيم الذي اقام عليه القواعد .. ليحَوَل العرب الى كنيسته القليس ..حتى أقسم ان يغزوها بجيش عظيمٍ ..وسار حتى وصل المغمس،موضع قرب مكة ،..وهو لم يعرف الطريق اليها ..فاستمال احد الخونة الأعراب وهو”ابو رغال” على ان يكون دليلا لهم الى مكة – كما خان أبن العلقمي الخليفة العباسي عند المغول عام 656 للهجرة ..وكما خان حكام بغداد اليوم وطنهم مع المحتلين- وهو الذي قتلته العرب فيما بعد انتقاما من الخيانة – العرب لا تعترف بالخائنين – ولا زال قبره يُرجم هناك الى اليوم..وقيل هو القبر الذي ترجمه الحجيج اليوم..وقالوا لنا ان الذي يرجم هو الشيطان..ولاندري هل الشيطان لا زال حياً في مكة حتى يُرجم في كل حجيج ..؟ نريد تفسيرا للصحيح..؟ لقد مللنا تفسير التراثيين..
ولكن لا ندري ايضاً كيف فكر بهذا وبعض العرب على دين المسيحية يعبدون تحت راية القسيس ورقة بن نوفل خال خديجة الكبرى زوجة رسول المسلمين؟ اين المؤرخ الثبت ليقول لنا الحقيقة التي كتبها السابقون ؟وهل يعقل ان الفيل يمشي الف كيلو متر من اليمن الى مكة بحجم جسمه الكبير..لا.. ان جيش ابره الحبشي كان على ما يبدو رمزه الفيل..فلم يدرك المفسرون تأويل النص الديني المكين بصحيح.
بعد عام الفيل بأربعين سنة”610 م” نزل الاسلام على محمد (ص) لينذر الظالمين ..”أقرأ باسم ربك الذي خلق..”فهل كان الاسلام يريد نسخ الاديان الاخرى وهي اديان الهية ايضاً ..نعم يريدها للتوحيد بموجب الآية “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا المائدة 3″ ..علما ان من نوح الى محمد (ص) كلهم مسلمون،الآية 35 من سورة الاحزاب” ..في وقت قال المفسرون ان النسخ جاء في الآيات القصار وليس في الاديان- وهم مخطئون – لم يفهموا التفسير بهذا التناقض الكبير..فكان ما كان..نحن لا نريده تاريخا واسلاما لنقرأ قرآنه و نسمعه طرباً من المقرئين..ولانقرأه للعضة والاعتبار .. بل نريده تاريخا لنحرك به جدلية واقع التحريك التاريخي لأمة ظلمت من الفقهاء والمفسرين ولا زلنا على هداهم الغامض نسير ..وهل كان للامة تعريف يومها بالمعرفة الحقيقية وليس بالمبهمة في التعريف ؟ المسلمون كانوا أمة واحدة لا يجوز التفريق بينها بحجة المذاهب والاتجاهات كما في قوله تعالى :” ان هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فأعبدون،الأنبياء92″.
فلا يجوزلأي جماعة ان تنصرف عن هذه الوحدة بحجة المذاهب أو الاجتهادات الفردية او الأدعاءات الوهمية كما نحن اليوم..فمن منحهم التخويل..؟
لا تجعلنا يا آلهي المعبود بعد أن أمنا بك وبقرآنك .. ندخل دائرة الشك ..لان دينا لا يحمينا..واسلاما لا يرحمنا.. ومرجعيات دين تبيعنا لفاقدي قيم الدين …نحن لسنا باحاجة اليهم ..والقرآن لا يعترف برجال الدين ولم يخولهم حق الفتوى عند المسلمين ولم يميزهم بلباس معين كما فعل رجال الدين في العصر القديم..ونحن كذلك لسنا بخراف ليذبحنا ابراهيم فداءً لاسماعيل لمجرد حلم او نذر لقتل الشيطان الذي كان يعشعش في بيته اقاويل ..نحن بحاجة الى دين رصين بديل ما دمنا نملك البديل الذي خلقتنا به على الصحيح..
والعبرة في تاريخ القصص القرآنية التي تمثل الجزء المتغير من تراكم الاحداث الانسانية بعد وقوعها..وقد حَدثت من امام مبين وان كانت من نسج الاساطير ،لذا قال عنها القرآن :”نحن نقص عليك نبأهم بالحق،الكهف 13″.
هنا اعطانا القرآن خط تطور التاريخ الانساني بالمعرفة والتشريع ليتفاعل القدر مع السلوك والانسان والقانون فيتحول الى واقع تحقيق.. . لذا فالقصص القرآنية ما جاءت لتقرأ وأنما جاءت للعضة والاعتبار والتطبيق..فحين نفذها الله في الظالمين..نأمل منه تعالى وهو القادر القدير ان ينفذها اليوم في الظالمين الجدد..وهو القائل “كن فيكون”..في دول المظلومين.نحن ننتظر ولكن متى نرى التنفيذ في يوم الصور الذي سيكون على الجميع حسابه وقرأنه الكريم..؟
هذا ما نقصد ونريد. لنقول ان الشعوب يجب ان تحرر نفسها بأيديها ولا تعتمد على الاخرين ..فقد انتهى عهد ابراهيم والنجاشي وابرهة وغرق نوح وما ذكرته الاساطير..التي لا زالت طقوسها ممثلة بمراسيم اداء فريضة الحج الغامضة الى اليوم نؤديها ولا نعرف لها من معنى في التاريخ..وعلينا ان لانسكت عن الباطل الذي يضحك علينا به وكلاء الدين في الارض كما يضحك علينا اليوم قادته ” قدس سرهم” في التهويل بادعاء الوطنية والدين وهم سارقيها بامتياز ونبقى نهرول خلف من يسعون الى سرقة حياة الناس دون رادع وخوف من الله والضمير …؟
فهل سنبقى ننتظر من غرس في صدورنا سهام القاتلين..أم الأخرالذي يريد قتلنا بالمخدرات ليستبدل شعبنا بشعب اخر على افكار الموالين ؟؟
فمتى نوظف حقيقة الدين في اسعاف انفسنا والمظلومين ..وهل سنبقى كما يريد ان نسير من ورائهم دون عقل وتفكير..لا .. لا نريد ان تتكرر علينا حملة الفيل . .كفاية يا رب العالمين من دينك ننتظر الفرج ضد الظالمين..هل ستنفذ فيهم ما نفذته باصحاب حملة الفيل…؟ ام نبقى كما يريدون عبد النيران من زنادقة الدين..؟