27 ديسمبر، 2024 4:23 ص

(4)
الوطنية والمواطنة : التمسك بها ليس ترفا بل ضرورة لكل دولة ناهضة
لعل الابرز في المشاكل التي واجهت وتواجه شعبنا منذ 2003 وحتى اليوم، هي حالة التشظي الاجتماعي التي ضربت في الصميم وحدة المجتمع العراقي، واصبح الانتماء للوطن الواحد وجهة نظر تحتمل الصواب والخطأ، تلك لوحدها كارثة كبرى، وكأن هوية الانتماء للعراق باتت معيبة ومحرجة للبعض, ودليل ذلك ان الكثير منا منشغلون اليوم في البحث قي التأريخ عن هوية انتماء جديدة للعراق, فبعضهم يدعي انه سومري والاخر بابلي .. والى… اخ, رغم انه لم يكن انتمائنا للعراق الواحد يلغي اصولنا القومية والدينية المتنوعة ، بل كانت قوة وحدة العراق تكمن في هذا التنوع القومي والديني والمذهبي الجميل.
لقد ساهم الدستور ايضا في تشتت الهوية العراقية, حين ادرج العرب والاكراد والتركمان في ديباجته, واغفل عمدا ذكرالقوميات الاخرى، مما ساهم بشكل او اخر في الهجرة لمكونات الشعب العراقي الاصيلة، احد التقارير التي نشرتها جمعية لحقوق الانسان في العراق مؤخرا، تشير الى ان 81 بالمئة من المسيحيين و96 بالمئة من المندائيين و18 بالمئة من الازيدية غادروا العراق منذ 2003.
لقد ادى التراجع المخيف في الانتماء للهوية الوطنية الى بروز ظاهرة الطائفية والعشائرية والتي ادت الى انفلاتات اجتماعية وظواهرخطيرة منها:- انتشار الرشوة واعتيادها لدرجة تحولت فيها من حالة مرفوضة اجتماعيا الى اسلوب لايثير احراجا ولا نقيصة لجميع من يتعامل بها. وكذلك عدم الحرص, الذي كان سائدا، في الحفاظ على نظافة وجمال كل مرفق من مرافق البلاد. ونسجل ايضا وبامتعاض شديد، اللغة المتدنية والبذيئة، التي يتداولها الشارع العراقي اليوم. واصبحت المرأة العراقية التي كانت متميزة بالهيبة والاحترام هدفا سهلا وضعيفا. وكل تلك الظاهر توكد انه ماكان لهذا المارد الخبيث ان ينطلق من قمقمه الشرير، لو كنا متمسكين بهويتنا الوطنية الاصيلة والرائعة.
ببساطة، لا يمكن بناء دولة مدنية حديثة وعادلة، دون التمسك بالوطن والمواطنة.
ان اعادة احياء روح الوطن العراقي الواحد في ذات كل عراقي، مهمة تتطلب تظافرا وتعاونا متينا فيما بيننا جميعا،
لمواجهة هذا التحديالذي يهدد وجودنا كأمة عظيمة ذات حضارة غارقة في القدم. وفي ذلك نقترح الاتي :

1 – تشريع القواين وتفعيل السارية منها التي تختص في حماية المجتمع من الظواهرالمذكورة اعلاه دون ان تتعارض مع الحقوق الدستورية في الحريات العامة.
2 -اعادة النظر في البرامج التعليمية وادراج مادة التربية الوطنية كمادة اساسية واعداد الدراسات العلمية وفي علم الاجتماع خصوصا للبحث في ثنايا هذه الظواهر واقتراح طرق مواجهتها.كذلك ادراج مادة مثل “عادات وتقاليد” في البرنامج التعليمي المدرسي الذي يعرف بعادات وتقاليد جميع مكونات المجتمع العراقي, كاعيادهم واحتفالاتهم بمناسباتهم الدينية والقومية.
3- العمل على تأسيس مركز وطني لمحاربة الرشوة يستقبل شكاوى المواطنين مباشرة ويقوم بالبحث فيها وتوثيقها بما يلزم لمتابعة المتورطين فيها قضائيا واعلان تلك الاحكام امام الرأي العام وعلى اوسع نطاق..
4- العمل على اعداد برامج اعلامية شاملة تعمل على اشاعة ثقافة المواطنة وسبل التمسك بها واحياء ثقافة التكافل الاجتماعي والتعايش السلمي والاندماج جميعا في البوتقة الوطنية للعراق الموحد. ودعوة المؤسسات الثقافية والفنية الرسمية والمدنية الى اقامة المهرجانات موسمية تؤكد على وحدة نسيجنا الاجتماعي الوطني.
5- الاحتفاء الشعبي والرسمي بالمناسات المتعددة لجميع مكونات الشعب العراقي خصوصا تلك المهددة بالتضاؤل الديموغرافي بسبب الهجرة القسرية ، المسيحيين والصابئة المندائيين والازيديين، اضافة الى الترويج الاعلامي والثقافي والاجتماعي لعاداتهم وتقاليدهم العريقة وتشجيع الشباب في كل المكونات لإنشاء منظمات مجتمع مدني مشتركة تعنى بترسيخ مفاهيم الاخاء والمحبة والسلام وفي مجالات العمل الاجتماعي كافة.
6- دعوة الحكومة الى اعتماد سياسة اجتماعية استراتيجية ، تأخذ بنظر الاعتبار الحاجة الماسة الى تدعيم السلم الاجتماعي عن طريق اشراك كافة مكونات المجتمع العراقي الاثنية والقومية والدينية في مشروع اجتماعي – ثقافي شامل يعمل على رأب التصدعات الخطيرة التي تعرض لها النسيج الاجتماعي لوطننا الكبير.

7- تشجيع الشباب في كل المكونات لإنشاء منظمات مجتمع مدني مشتركة تعنى بترسيخ مفاهيم الاخاء والمحبة والسلام وفي مجالات العمل الاجتماعي كافة.
اختي المواطنة… اخي المواطن…بكم ومعكم يمكننا ان نعيد الحياة العراقية الحلوة والثرية، الامنة والوديعة والطيبة. بتصويتكم وبقوة في 12 ايار القادم…ستعلنون وقوفكم معنا والى جانبنا ساعين جميعا الى انتشال وطننا الغالي ومضلتنا الوارفة والزاهية وشعبنا العظيم من قاع هاوية يكاد يسقط ونسقط فيها جميعا.
صوتك… وصوتي واصواتنا جميعا….خيارنا الوحيد والاكيد لصد الهجمة الوحشية البربرية الشرسة التي ساقها لنا الفاسدون والمتكالبون على خدمة مصالحهم الذاتية الضيقة مقابل ضياع وطن باكمله….

صوتك غال… لانه يليق بوطن غالي كالعراق الكبير… فلا تضن به. على العراق ولاجل عين العراق.
صوتك يعني العراق…. والعراق فقط