21 ديسمبر، 2024 6:12 م

العلويون والمفترق التاريخي الأخير

العلويون والمفترق التاريخي الأخير

العلويون في سوريا كانوا على الدوام عرابي المدنية في الشرق ورواد العلمانية في جميع اتجاهاتها وتوجهاتها فالحزب القومي السوري كان في جل مفكريه من العلويين وكذلك الحزب الشيوعي السوري واللبناني ، اما القوميين فلولا زكي الارزوسي لهلك ميشيل عفلق فضلا عن القيادات الاخرى من صلاح جديد وغيرها.
وقد تراجع الفكر الديني العلوي الى شكل طقوسي لا يتدخل في الحياة الدنيوية للأفراد بل لعلي لا اغالي اذا ما قلت إن تحولا وتغيرا بنيويا في ذلك الفكر لم يعد مسؤولا سوى عن ادامة روح الجماعة وان تراجعت كثيرا اولوياته لدى الاتباع لصالح شعارات جديدة مثل المواطنة والانسانية وغيرها من العناوين الفضفاضة التي تعمد اية اقلية للانضواء تحتها لإشاعة روح التسامح بين المختلفين عنها.
واستطاع العلويون في المئة سنة الاخيرة انتاج عقول رائعة اسهمت في اعطاء سوريا والمنطقة واجهات مشرقة من العقل الجمالي والانساني متناسين تلك المناطق الرمادية التي تضمخ الانسان عادة بنتيجة شعوره الديني فسعدالله ونوس لم يستثمر ابعاده الدينية العلوية حينما انتج لنا ارثا مسرحيا هائلا وادونيس لم يتبنى رمزية علوية في مجمل اشعاره الرائعة وغيرهم كثيرون بل لعلي لا اجافي الحقيقة ان قلت ان مجمل الميراث الثقافي السوري كان باغلبه ذي اصول علوية لم تسم بالاسم.
الان يراد لتلك الفرقة التي حملت مشاعل التحضر والمدنية على الدوام ان تستنبت راديكالية دينية لم تعرفها ابدا فما يتعرض له العلويين من فنون ابادة همجية ستقود حتما لإنتاج ردة فعل لا واعية وستفقد المنطقة بذور التمدن والعلمانية للابد لصالح رياح صحراء الظلام البدوية.
ومن يراهن على العمق العقلائي الذي تمتع به العلويون في مجمل تاريخهم سيفاجئ قريبا بابتكار رايات متطرفة لابد منها لمواجهة الصمت والخنوع والابادة التي يتعرضون لها دون ان يجدوا نصيرا ولعلنا لن ننتظر طويلا حتى نجد انكفاءا علويا نحو الداخل العميق وابتعاث رموز كافية لصناعة تطرف ديني يستطيعون من خلاله مواجهة الاحتقان والابادة فمادام النسق قد تبدل فلابد للبنية أن تتغير .
فالسنة العرب لديهم مراهنات تاريخية تتمثل بنجاح صلاح الدين في تحويل مصر تحت حد السيف من إسماعيلية الى شافعية وهم يمنون النفس بان تلك الفنون الهمجية التي يمارسونها على العلويين والاسماعيليين والمسيحيين ستمكنهم من ضمان تحولهم الى ما يماثلهم.
فيما تركيا تراقب الوضع على امل ان يستنجدون بها لضمهم الى اقليم هاتاي المقتطع اصلا من الدولة العلوية التي ساهمت فرنسا بإخراجها للوجود لكن الغباء العلوي اجهض تلك الدولة والغاها بعد 14 عاما من اعتراف العالم بها.
وايران تراهن ان ازدياد الابادة سيقود العلويين للارتماء في حضن الدين ومحاولة ابتعاثه من جديد وتلك فرصة سانحة لتحول ذلك المذهب الغنوصي المشع الى التشيع الاثني عشري فيما ينتهك العلويين بهمجية لا تدانيها همجية المغول في مذابح اسلامية لن تنتهي.