خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد ضغط دولي وشعبي مارسته قوى عالمية وإقليمية، أعلن “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، في بيان رسمي؛ أن “تركيا” بدأت فعليًا في تنفيذ قرار سحب المرتزقة الأجانب من “ليبيا”.
وقال “المرصد السوري”، في بيان، إن أوامر تركية صدرت للمرتزقة السوريين، في “ليبيا”، للعودة إلى “سوريا”، في تطور جديد على الساحة الليبية، وبعد دعوات متكررة لـ”أنقرة” بسحب مرتزقتها.
ونقل المرصد، عن عناصر في تلك المجموعات قولها؛ إنه: “تم الطلب منهم، حتى الآن، بالتجهيز للعودة”.
وأوضح أن هؤلاء المرتزقة كان ينبغي أن يعودوا بعد حدوث التوافق الليبي، إلا أن وضعهم ظل عالقًا إلى حين صدور القرار التركي الأخير.
“المرصد السوري لحقوق الإنسان”؛ ربط الأوامر التركية بضغوط أميركية وعربية؛ لإثبات حُسن النية أيضًا، أمام الحكومة المصرية، بأن “أنقرة” تريد التقارب مرة أخرى.
اتفاق “أميركي-تركي”..
وكان موقع (سكاي نيوز عربية)، قد أنفرد، الثلاثاء الماضي، بأن اتفاقًا جرى بين “تركيا” و”الولايات المتحدة”؛ يقضي بخروج المرتزقة السوريين من كافة التراب الليبي.
وأكدت المصادر أن مباحثات كبرى جرت، على مستوى السفراء، التركي والأميركي، في “ليبيا”، بشأن ضرورة إخراج المرتزقة؛ وأنه جرى الاتفاق على أن يتم ذلك خلال أسبوعين.
وأشار المصدر إلى أن طائرات من الخطوط الإفريقية وطائرات تركية ستنقل المرتزقة من “مطار معيتيقة الدولي”، إلى “تركيا”، ومن ثم إلى “سوريا”.
وأوضح مصدر أمني، في “طرابلس”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية)، إن كافة المرتزقة السوريين تم وضعهم في معسكر واحد، غرب مدينة “طرابلس”، تسهيلاً لنقلهم على دفعات إلى “مطار معيتيقة”.
مضيفًا أن طائرات تركية وليبية ستقوم بنقلهم إلى مدينة حدودية، في “تركيا” تمهيدًا للدفع بهم إلى مدينة “عفرين” السورية.
وأوضح المصدر، أنه من المتوقع إقلاع أولى الرحلات، خلال اليومين المقبلين، وأنه هناك أنباء بالفعل تفيد بأن “مطار معيتيقة” أستلم طلبًا بالاستعداد لتنظيم رحيل المرتزقة السوريين.
وكانت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، “ستيفاني ويليامز”، قد كشفت، مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي، عن وجود 20 ألفًا من: “القوات الأجنبية والمرتزقة” في “ليبيا”، معتبرة ذلك انتهاكًا: “مروعًا” للسيادة الوطنية، كما أشارت إلى وجود 10 قواعد عسكرية في “ليبيا”، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة.
وكانت “تركيا” قد مددت، في 22 كانون أول/ديسمبر الماضي، نشر جنودها وخبرائها ومرتزقتها لمدة 18 شهرًا.
وأرسلت “تركيا” طائرات مُسيرة ومدربين ومستشارين عسكريين إلى “ليبيا”؛ بموجب اتفاق عسكري موقع مع “حكومة الوفاق”، كما أرسلت مرتزقة سوريين، بحسب خبراء “الأمم المتحدة”.
وكانت اللجنة العسكرية المشتركة، (5+5)، قد طالبت في اجتماعها بـ”جنييف”، 23 تشرين أول/أكتوبر الماضي، بإخراج المرتزقة وتجميد الاتفاقيات المبرمة بين الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، ورئيس حكومة الوفاق، “فاير السراج”.
بوابة الاستقرار الأولى..
السياسيون الليبيون يرون أن ما تردد، خلال الساعات الأخيرة، بشأن خطوات عملية مرتقبة لترحيل المرتزقة الموجودين على الأراضي الليبية، بمثابة: “بوابة الاستقرار الأولى”، وبما يفتح الطريق أيضًا أمام تفكيك الميليشيات المحلية، الأمر الذي من شأنه إزالة أحد أبرز العوائق والتحديات التي تقف أمام “حكومة الوحدة الوطنية”، برئاسة “عبدالحميد دبيبة”.
ويرى المراقبون أنه؛ إن تمت تلك الخطوة بشكل عملي فهي ناتجة بالأساس عن الضغط الدولي لإنجاح المسار السياسي في “ليبيا”؛ بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ولتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات، في شهر كانون ثان/يناير المقبل. كما تأتي ضمن جملة المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، والتي كان من بين أهم محطاتها نذر التقارب بين “القاهرة” و”أنقرة”، والرسائل التركية الهادفة لتطبيع العلاقات مع “مصر”.
تحدٍ كبير.. يحد من النفوذ التركي..
السياسي الليبي، “أحمد الصويعي”، يعلق على تلك الأنباء الخاصة بترحيل المرتزقة؛ بقوله: “إن خروج المرتزقة من ليبيا؛ يُمثل تحديًا كبيرًا، وبلا شك سوف يحد من النفوذ التركي والروسي، الذي أخذ في التنامي خلال الفترة الأخيرة، ويوطد الاستقرار والسلام في الوطن”.
مشيرًا إلى أن: “ليبيا؛ ذات الموارد الضخمة، تُعتبر مطمعًا للدول الإقليمية والكبرى، ما لم تخرج الدولة من حالة الهشاشة التي تعاني منها منذ عشر سنوات”.
لا يعول عليها إلا بقرار من الحكومة !
ويلفت أيضًا إلى أن إعلان “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، عن صدور أوامر للمرتزقة السوريين في “ليبيا” بحزم أمتعتهم للعودة للأراضي السورية، والتأكيد على أن مهمة هؤلاء المرتزقة إنتهت في “ليبيا”: “لا يمكن التعويل على هذه التصريحات، وأخذها على محمل الجد، إلا عند صدورها عن حكومة الوحدة الوطنية أو لجنة العشرة العسكرية أو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”.
إنتهاء التعاقد واستمرار الاتفاقيات بآليات جديدة..
ومن جهتها؛ أبلغت حكومة “الدبيبة”، وفق موقع (218) الليبي، الجانب التركي؛ أنها لن تواصل التعاقد مع المرتزقة السوريين وستبدأ ترحيلهم عبر “تركيا”، بما أن “حكومة الوفاق”، الراحلة، هي التي تعاقدت معهم.
وأوضحت مصادر الموقع الليبي؛ أن رئيس الحكومة الليبية، “عبدالحميد الدبيبة”، ورئيس المجلس الرئاسي، “محمد المنفي”، سيزوران “تركيا” قريبًا، وليعلنا استمرار العمل بالاتفاقيات مع “الوفاق”، لكن بآليات جديدة تتوافق مع مصلحة البلدين والتغيرات السياسية المحلية والإقليمية.
استمرار الخطر التركي..
ويستطرد “الصويعي”؛ قائلاً إن: “الخطر التركي سيظل قائمًا، إلى حين فك الإرتباط به بشكل كلي.. ولدى الحكومة التركية أطماع تريد حملها معهم كمكاسب في انتخابات الرئاسة التركية، 2023، لدغدغة مشاعر الناخب التركي على حساب الشعب الليبي، الذي تجرع ويلات الحروب وعدم الاستقرار”.
ويختتم السياسي الليبي تصريحاته؛ بقوله: “طرد المرتزقة جميعهم، دون استثناء، من أولويات الحكومة الجديدة، التي تحتاج بعض الوقت للحكم على نتائج عملها”.
ويصل عدد المرتزقة السوريين، الذين لا يزالون متواجدون على الأراضي الليبية، حتى الآن، ممن دفعت بهم “أنقرة” للقتال في “ليبيا”، إلى حوالي (6750) مرتزقًا، طبقًا لأحدث البيانات الإحصائية الصادرة عن “المرصد السوري”، في 13 آذار/مارس الجاري.
يُمهد لتفكيك المليشيات المحلية..
من جهته؛ يوضح الكاتب والمحلل السياسي الليبي، “فايز العريبي”، أن: “هناك ضغوط من المجتمع الدولي، الذي تبنى خريطة الطريق وقدم الدعم لها من خلال البعثة الدولية؛ وما قامت به البعثة من حوار في تونس أو في جنييف، وأعتقد بأن هذا الدور لن يتكلل إلا بخروج المرتزقة السوريين من ليبيا”.
لافتًا إلى تأثير: “ما بدا من ملامح ومؤشرات لتقارب (مصري-تركي)”، معتبرًا أن: “هناك ملامح لتفاهمات في كثير من الملفات في المنطقة، ومن ضمنها الملف الليبي”.
ويعتقد “العريبي”؛ بأن: “خروج المرتزقة من ليبيا مؤشر إيجابي، ويساعد الأطراف المحلية على مزيد من التفاهمات، وكذلك يمكن أية سلطة وطنية من بسط سيادتها (..)، المجتمع الدولي هو في حقيقة الأمر جاد في خارطة الطريق السياسية التي رسمت، في تونس وجنييف، والتي ستفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، في شهر كانون أول/ديسمبر المقبل”. كما يعتبر أن: “خروج المرتزقة هو مطلب وطني، وبالتأكيد سيكون عاملاً مساعدًا ومهم جدًا في مسألة التمهيد أيضًا لتفكيك باقي الميليشيات المحلية”.