خاص : ترجمة – آية حسين علي :
الفرار من وضع مزري يجتمع فيه الفقر مع العنف لا يعني نهاية المعاناة والانتقال إلى حياة أفضل؛ لأنه في أحيانٍ كثيرة يبدأ مرحلة جديدة من العذاب في المناطق التي يصلون إليها، وخير مثال على ذلك ما يعيشه الشعب في “نيجيريا”، التي دمرتها الحرب والصراعات المسلحة.
وتزداد الأوضاع الإنسانية في شمال شرق “نيجيريا”، وبالتحديد ولاية “بورنو”، سوءًا كل عام، إذ يتسبب الصراع الدائر بين جماعة (بوكو حرام)؛ بقيادة “أبومصعب البرناوي”، الذي عينه تنظيم (داعش) الإرهابي، وجماعات متشددة أخرى والقوات المسلحة، في فرار المزيد من السكان في كل مرة، أغلبهم من النساء والأطفال، والأصعب أنهم ينزحون لمجرد الهروب دون وجود مكان آمن يتوجهون إليه، وإلى جانب إنعدام الأمن يعيشون في أزمة إنسانية طاحنة ويعانون من نقص المياه؛ كما تمنعهم المعارك من زراعة الأراضي.
ويعاني الجيش من نقص الإمكانات لدرجة تجعل الحرب غير متكافئة القوى، خاصة وأن الجماعة المتطرفة تستخدم أسلحة حديثة، ويتعرض الجنود إلى القتل والتعذيب والاختطاف كل يوم على يد (بوكو حرام).
1.7 مليون نازح..
في الواقع؛ تزداد الأزمة في شمال شرقي البلد الإفريقي تعقيدًا، فمنذ بداية المعارك بين الجماعات المسلحة والقوات النيجيرية، عام 2009، وصل عدد النازحين إلى 1.7 مليون شخص، فروا إلى مناطق منعزلة مثل؛ مدينتي “بولكة” و”جوزة”.
وتعاني بعض المناطق، التي تقع تحت سيطرة الجيش، من انخفاض مستوى الأمن، بينما تبقي قدرات الدولة على توفير الاحتياجات الإنسانية لهؤلاء الأشخاص محدودة.
الحرب تعرقل النزوح ووصول المساعدات..
كان للصراع تأثيرًا سلبيًا على توزيع المساعدات الإنسانية والوجبات في “نيجيريا”، التي تُعد أكبر دولة في إفريقيا من حيث تعداد السكان، وكذلك توفر مصادر للمياه الصالحة للشرب، كما تُعرقل طرق النزوح، وباتت الرعاية الصحية واهنة في عدة مناطق، ويبقى عدد من النازحين محاصرين في مناطق لا تصل إليها المنظمات الإنسانية.
مخيمات مكتظة بدون خدمات..
خلال العام الماضي؛ كان يعيش مئات الفارين في مدينة “بولكا”، التي تقع بالقرب من الحدود مع “الكاميرون”، في ظروف غير مستقرة، بينما أقامت “منظمة أطباء بلا حدود” مستشفًا ميدانيًا، ثم أنشيء مخيمًا لاستقبال اللاجئين لفترات مؤقتة، لكن الأعداد ارتفعت وأصبحت بالآلاف، وباتت المخيمات مكتظة بالسكان، حيث يجب الانتظار لفترات طويلة من أجل الحصول على خيمة عائلية، والأغرب أن هذه المخيمات لا تتمتع بالخدمات الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان.
وخلال موسم الجفاف؛ على سكان المخيم الوقوف في طوابير طويلة من أجل الحصول على قنينة ماء واحد، ويبدو أن حالة الطواريء وصلت إلى أعلى مستوياتها، خاصة وأن الوضع يزداد سوءًا منذ عدة سنوات، لدرجة أن النازحين لا يستطيعون القيام بأعمال الزراعة أو تربية الحيوانات، ويعتمدون اعتمادًا كاملاً على المساعدات الإنسانية.
أغلبية النازحين من النساء..
يعتبر أغلبية النازحين من النساء، وتتراوح أعمارهن ما بين 12 و18 عامًا، وكثير منهن يعانين من تعقيدات خاصة بأمراض النساء.
وصرحت “ألتين”، الممرضة في منظمة “أطباء بلا حدود”، بأنه في بعض الأيام يقبل 50 حالة في قسم الولادة، إذ يواجه بعضهن مشكلات متعلقة بالحمل والكثيرات منهن يمرضن بعد الولادة.
وأوضح منسق المنظمة في نيجيريا، “لويس إيغيلوث”، أن: “الطريقة الوحيدة لتغيير هذه الأوضاع هي إيجاد طرق آمنة للخروج من هذه المعاقل، لكن لسوء الحظ تحدث حتى الآن الكثير من الحوادث، وخلال الفترة الأخيرة بينما كان يحاول الجيش توسيع النطاق الأمني في مدينة جوزة تم اختطاف وقتل عدد من الأشخاص”.