خاص : كتبت – نشوى الحفني :
للمرة الأولى، منذ استفتاء 25 أيلول/سبتمبر الماضي لإنفصال “إقليم كردستان العراق” عن الحكومة المركزية في بغداد، قام رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، “نيجرفان البارزاني”، بزيارة العاصمة العراقية بغداد، أمس الأحد، على رأس وفد كردي رفيع في زيارة لم يعلن عنها، فيما لم تكن الزيارة لبغداد فقط، وإنما زار بعدها مباشرة طهران وقابل الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، مما أثار مجموعة من التساؤلات حول أسباب هذه الزيارات وتوقيتها وعلاقتها بعملية “عفرين”، التي تشنها القوات التركية الآن.
الحدود الدولية يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة الاتحادية..
بعد زيارته لبغداد ذكر مكتب رئيس الوزراء العراقي، في بيان، أنه “جرى خلال اللقاء مناقشة مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية وحل الإشكالات بين الحكومة الاتحادية والإقليم وفق الدستور”.
وأكد رئيس الوزراء، “حيدرر العبادي”، لرئيس حكومة إقليم كردستان العراق، “نيجرفان البارزاني، على وحدة وسيادة العراق وأن مواطني الإقليم “جزء من الشعب العراقي”.
مشيراً خلال اللقاء إلى استمرار عمل اللجان المختصة بفتح المطارات بعد إستكمال كل الإجراءات بعودة كامل السلطات الاتحادية لها، مشدداً على أن الحدود الدولية يجب أن تكون تحت السيطرة الاتحادية بإعتبارها من الصلاحيات الحصرية للسلطة في بغداد.
مؤشرات الاتفاق النهائي بدأت تلوح في الأفق..
من جانبه أكد رئيس الجمهورية، “فؤاد معصوم”، استمرار المساعي لحل الخلافات والقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، فيما لفت إلى أن مؤشرات الاتفاق النهائي بين الطرفين بدأت تلوح بالأفق.
من المبكر الحديث عن حلول..
تعليقاً على زيارته لبغداد، يقول أستاذ العلوم السياسية في “جامعة صلاح الدين”، الدكتور “عبدالحكيم خسرو”: “إن تلك اللقاءات مهمة بطبيعة الحال بين الطرفين، ونستطيع القول إن التعامل الرسمي للحكومة الاتحادية مع حكومة إقليم كردستان جاء على إعتبار الأخيرة الممثل الوحيد للشعب الكردي”.
موضحاً أنه مع ذلك، فمن غير الممكن القول أنه حان الحديث عن بدء مفاوضات سياسية، كون الإشكاليات الموجودة بين بغداد وأربيل هي إشكاليات فنية، والمدخل الحالي لحل هذه الإشكاليات يعتبر مدخل سليم، الذي جاء عبر عمل وزارات الجانبين، أما فيما يتعلق بالخلافات الرئيسة والتي تحتاج إلى قرارات سياسية، فأعتقد أنه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، خصوصاً فيما يتعلق بالنفط والغاز، فهناك إشكاليات عديدة، منها إستحقاقات الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان، وإيرادات بيع النفط في “إقليم كردستان” ومسألة إعطاؤها إلى شركة “سومو” العراقية، على إعتبار أننا بحاجة إلى سن قانون النفط والغاز داخل البرلمان العراقي، بعدها يمكن التوصل إلى اتفاقيات سياسية.
توجد ضغوط على الطرفين..
مضيفاً “خسرو” أنه هناك ضغوط على الطرفين، على كل من الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، سواء كانت اقتصادية أو سياسية، فهناك توجه واضح من “صندوق النقد الدولي” حول كيفية دعم العراق في المستقبل. وهناك دعم دولي للتنمية الشاملة في العراق بعد إنتهاء الحرب على تنظيم “داعش”، وهذا الموضوع يمثل ضغطاً على الحكومة الاتحادية، فلا يوجد قضية تنازلات من حكومة الإقليم، ذلك أنه عندما جلست اللجان المشتركة بين الطرفين، سارت وفق آليات دستورية وعلى أسس سليمة في العمل، بعيداً عن قضية الغالب والمغلوب. فنحن أمام مرحلة جديدة تتمثل بإعادة بناء الدولة العراقية.
إيران تدعم توحيد العراق..
أثناء زيارته لطهران، أعلن الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أن المستثمرين الإيرانيين على استعداد للتعاون في خطط تطوير “إقليم كردستان”.
وخلال إستقباله رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، “نيجرفان البارزاني”، شدد “روحاني”، على أن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تدعم توحید العراق وسیادة أراضیه، قائلا: “لا ریب أن القوی الأجنبیة لم ولن تشفق لشعوب المنطقة أبداً”، وذلك وفقاً لوكالة أبناء الطلبة الإيرانية (إسنا).
وأشار “روحاني” إلی العلاقات التاریخیة المتجذرة بین الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وأکراد العراق، موضحاً أنه یجب توظیف کافة الجهود من أجل تعزیز العلاقات الودیة بین الشعبین.
المستثمرين الإيرانيين مستعدون للشراكة..
مؤكداً “روحاني” على أنه یجب أن تحصل کافة القومیات في دول المنطقة علی حقوقها الشرعیة في إطار الدستور وسیادة الأراضي، معلناً استعداد المستثمرین الإیرانیین للشراکة في مشاریع “کردستان العراق” التنمویة، مرحباً بتواجد التجار الأکراد في السوق الإیرانیة، قائلاً: “نرید إیران والعراق أکثر إعماراً وتنمیة وهذا یخدم صالح شعوب المنطقة برمتها”.
يجب أن تلتزم كافة الأطراف بالدستور العراقي..
من جانبه قال رئیس وزراء کردستان العراق، “نیجیرفان البارزاني”: “نرید العراق الموحد ونری أن کافة الأطراف یجب أن تلتزم بالدستور العراقي وتتابع الحلول في إطار الدستور”.
معرباً عن تقدیره لدعم إیران حكومة وشعباً للعراق بوجه تنظیم “داعش” الإرهابي، وقال: “ننوه دائماً بجهود ومساعدات الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة في هذه المحاربة”.
ودعا المستثمرین الإیرانیین إلی المشارکة فی تنفیذ المشاریع التنمویة في “إقلیم کردستان” العراق، داعیاً إلى توثیق التعاون الاقتصادي مع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة.
متمردون أكراد إيرانيون يشنون غارات..
وفي وقت سابق التقى “البارزاني” أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، “علي شمخاني”، الذي عبر عن قلقه تجاه الغارات المتواصلة عبر الحدود التي يشنها متمردون أكراد إيرانيون من كردستان العراق.
ونقلت (وكالة الجمهورية الإسلامية) الإيرانية للأنباء عن “شمخاني” قوله: “لا يمكن أن نقبل أن تستخدم مجموعات معادية الأراضي الكردية لإغتيال جنودنا ومواطنينا ثم تعود للمنطقة الكردية وتعلن مسؤوليتها عن تلك الأفعال في وسائل إعلام كردية رسمية”.
مؤكداً على أن “توسيع أطر العلاقات والتعاون بين إيران وإقليم كردستان لن يتأثر بجهود المعارضين، وينبغي علينا استخدام كل قوانا لمنع التهديدات الأمنية ضد إيران”.
وتعمل مجموعات كردية – إيرانية معارضة مسلحة، إنطلاقاً من مواقع في منطقة جبلية نائية شمال العراق، وتشن هجمات متفرقة في إيران.
للحصول على الغفران..
حول السبب وراء زيارة رئيس حكومة “إقليم كردستان” العراق إلى إيران في هذا الوقت بالذات، وعلاقته بعملية “عفرين”، قال المتخصص بالشؤون الكردية وقضايا الأقليات، “محسن عوض”، أعتقد أنه لا يوجد أى علاقة بـ”عفرين”، فساسة “باشور كردستان العراق” لا يهتمون بكرد سوريا، وهناك خلافات كبيرة بينهم، موضحاً أن الزيارة تأتي فى سياق محاولة ساسة كردستان إستعادة مرحلة ما قبل 25 أيلول/سبتمبر؛ وإعتبار الاستفتاء غلطة وندموا عليها ويحاولون الحصول على الغفران من طهران وأنقرة وبغداد.
التراجع الجزئي..
حول ما إذا كانت قد تزامنت زيارة وزير الخارجية التركي إلى بغداد مع زيارة “البارزاني” إلى طهران، عادية أم تنطوي على رسالة ما ؟.. قال “عوض” أن القياده السياسية الكردية السابقة راهنت على قبول العالم للإنفصال كمكأفة على محاربة “داعش”، وخسارة رهانهم أضعفتهم، والآن يجب عليهم التراجع الجزئي وإلا خسروا كل شيء.
فيما قال “د. محمد محسن أبو النور”، المتخصص في الشأن الإيراني، أن الملاحظ أنهم لم يعلنوا حتى الآن إلغاء نتائج الاستفتاء، معتقداً بأن إغلاق إيران المنافذ الحدودية مع كردستان العراق كان بمثابة قرار الإفاقة لمحدودية بدائل أربيل، (أو عدم وجود بدائل أصلاً لديها)، موضحاً أن التراجع الجزئي معناه عدم السير في تطبيق الإنفصال مع تجميد النتائج.
وكان الاستفتاء، الذي أجري في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وجاءت نتيجته بتأييد الإستقلال بنسبة كاسحة، قد أغضب الحكومة المركزية في بغداد وإيران وتركيا، خصوصاً، وأن لدى الدولتين أقليات كردية على أراضيها.