خاص : بقلم – عبدالناصر محمد :
عدّى النهار .. والمغربية جاية تتخفى ورا ضهر الشجر
وعشان نتوه في السّكة شالت من ليالينا القمر
وبلدنا ع الترعة بتغسّل شعرها جانا نهار مقدرش يدفع مهرها
يا هل ترى الليل الحزين .. أبو النجوم الدبلانين .. أبو الغناوي المجروحين يقدر ينسّيها الصباح
أبو شمس بترش الحنين
أبدًا بلادنا ليل نهار بتحب موّال النهار لما يعدي في الدروب ويغني قدام كل دار
إلى آخر هذه القصيدة المعروفة باسم: “موّال النهار”؛ فبهذه الأبيات الحزينة المؤلمة التي نظّمها “عبدالرحمن الأبنودي” وغناها “عبدالحليم حافظ”، استقبل الشعب المصري ومعه كل الشعوب العربية والإسلامية خبر مفجع صادم شديد الألم.. إنه خبر الهزيمة الكارثية يوم 05 حزيران/يونيو 1967؛ أو ما أطلق عليها: “نكسّة يونيو”، تلك النكسّة التي ثبّطت من عزائم الرجال وحطمت آمال الشباب، واتشّح المستقبل بالغموض واليأس بل بالسواد وسّيطر الإحباط على الجميع فكانت مرحلة شديدة الصعوبة فقد فيها كثير من الشعب الثقة في كل شيء.. مصيبة كبرى.. العدو الصهيوني يُدنّس أرضنا الطاهرة في كامل سيناء.. أولاد القردة والخنازير يقفون يحتلون الضفة الغربية من قناة السويس !
العيون في وجوه كل الشعب تبكي دمًا وألم وحسّرة.. رائحة دماء شهداؤنا الأبرار تفوح من كل شّبر من أرض مصر الطاهرة.. فقدت الأم ولدها والزوجة راح زوجها والأبن أصبح بلا أب.. ألم بلا حدود.. حزن عميق يسّكن القلوب.. حسّرة تكسّو الوجوه.
ولكن سرعان ما استعاد الرجال إرادتهم واسّتفاقوا من هول “صدمة يونيو” واستعانوا بالمولى عز وجل وعزموا على الأخذ بالثأر واسّترداد الكرامة قبل الأرض وتركوا الديار متعهدين بعدم العودة إلا بعد تحقيق النصر المبّين.. فكانت البداية مع حرب الاستنزاف وتوجيه ضربات موجعة للعدو الصهيوني في العديد من المعارك منها “رأس العُش”؛ في “بور توفيق”، وتدمير المدمرة الإسرائيلية فى “إيلات” وتدمير قطع من الأسطول الإسرائيلي، كل ذلك كان تمهيدًا لليوم العظيم يوم العاشر من رمضان سنة 1393 هجرية الموافق 06 تشرين أول/أكتوبر 1973.
في مثل هذا اليوم، والغريب أنه كان أيضًا يوم سبت، ولكن منذ نصف قرن من الزمان تحقق النصر المبّين كما أراد رجال مصر الذين سّطروا أعظم ملحمة وطنية على مر كل العصور.
في مثل هذا اليوم؛ العاشر من رمضان الموافق السادس من تشرين أول/أكتوبر، وتحت شعار: “الله أكبر”، خاض الصائمون من أبناء مصر وسوريا الشقيقة من أقباط ومسلمون الحرب ضد الصهاينة الملاعين ومن ورائهم أميركا “رأس الشيطان”؛ وعدد من القوى الاستعمارية الطاغية مثل بريطانيا وفرنسا، ليلقّنوهم درسًا قاسيًا في فنون القتال استطاعت مصر تحرير جانب كبير من أرضها المسّلوبة وعزفت العسكرية المصرية أعظم سّيمفونية حربية حققت فيها النصر.. كل التحية لشهداء الوطن الأجلاء والقيادة العسكرية التي حملت على عاتقها عبء مسؤولية تحرير الأرض الطاهرة ومحت كل آثار الهزيمة وتحقق النصر بفضل الله وبفضل دماء شهداؤنا البواسّل.. تحية عطرة من أبناء جيلنا لجيل تشرين أول/أكتوبر العظيم الذي تجرع مرارة هزيمة حزيران/يونيو وتذوق حلاوة نصر العاشر من رمضان.. السادس من تشرين أول/أكتوبر المجيد.