29 ديسمبر، 2024 8:56 م

“نبع السلام” .. هل تقضي على حلم الدولة الكُردية ؟

“نبع السلام” .. هل تقضي على حلم الدولة الكُردية ؟

خاص : كتبت – هانم التمساح :

يزيد الهجوم التركي، الذي يستهدف القوى الكًردية السورية عبر الحدود، “أكراد العراق” ضعفًا، بعد أن أصبح “إقليم كُردستان العراق” المنطقة الوحيدة للأكراد التي تتمتع بحكم ذاتي كُردي، بينما يعزز القوى الإقليمية والذين يجمعهم هدف واحد يتمثل بعدم قيام دولة كُردية.

قلق وغضب بـ”كُردستان العرق”..

وأثار الهجوم قلق قاطني “إقليم كُردستان العراق”، فقد أنهى هذا الهجوم حكم “أكراد سوريا” لمنطقة “روج آفا”، وهو الاسم الذي يطلقونه على شمال شرق “سوريا”، عقب انسحاب القوات الأميركية؛ مما أعطى فعليًا ضوءً أميركيًا أخضر لـ”تركيا”.

وأحرق محتجون في مدن “كُردستان العراق”، أعلام “تركيا”، وتعهدت سلطات المنطقة بمساعدة اللاجئين الفارين جراء الهجوم التركي.

ويقول مسؤولون أكراد ومحللون إنه مع إحراز “تركيا” تقدمًا في مواجهة المسلحين الأكراد واستعادة الحكومة السورية مناطق كُردية وتأمين مسلحين، متحالفين مع “إيران”، خطوط إمداد إقليمية، سيتنامى إعتماد “أكراد العراق” على القوى الإقليمية، وفق ما ذكرت شبكة (رويترز) في تقرير.

وقال “شيروان ميزرا”، العضو الكُردي في “مجلس النواب” العراقي؛ في تصريحات صحافية: “المشكلة أن الكُرد في كافة الدول واقعون بين الدول المتسلطة أو التي يتوجه فيها الجميع ضدهم. تعامل سوريا وتركيا وإيران مع الأكراد غير منصف؛ وحتى العراق. حكومة كُردستان قلقة لأنها الأخيرة التي بقت في المنطقة”.

وأضاف: “عليها، (كُردستان العراق)، القيام بدورها للحفاظ على الواقع الذي تعيشه وإدراك خطورة المنطقة. حكومة كُردستان يجب أن تتعامل مع بغداد كإقليم فيدرالي، (اتحادي)”.

زعماء أكراد العراق.. مصالح مع تركيا وانقسام داخلي..

وجاء رد الفعل الأكثر حذرًا لزعماء “أكراد العراق” ليظهر وضعهم بين مطرقة الهجوم التركي وسندان إعتمادهم على “أنقرة” اقتصاديًا وسياسيًا، وبالتالي لم ينددوا بـ”تركيا” بالاسم؛ رغم قتالها إخوانهم في “سوريا” عبر الحدود.

ويخفي الهجوم كذلك توترًا كامنًا بين الحزبين الرئيسيين في “كُردستان العراق”، “الاتحاد الوطني الكُردستاني”، وهو حليف وثيق لـ”إيران”، و”الحزب الديمقراطي الكُردستاني” الحاكم، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع “أنقرة”.

من جانبه؛ حذر وزير الخارجية العراقي الأسبق، “هوشيار زيباري”، من تنفيذ القوات التركية عمليات تطهير عرقي في “شرق الفرات” خلال العملية العسكرية، التي تشنها ضد المقاتلين الأكراد.

وقال “زيباري”، في تصريحات صحافية؛ إن الاقتحام العسكري التركي لشمال شرق “سوريا” و”شرق الفرات”؛ “يُعد تطورًا خطيرًا، ليس على الوضع في سوريا، ولكن على عموم المنطقة”.

وأوضح أن: “هناك خشية كبيرة من عمليات تطهير عرقي؛ وأيضًا قتل للمواطنين الأبرياء نتيجة عمليات القصف الجوي والمدفعي”.

ويشير نشطاء إلى أن القوات التركية “تستهدف بشكل عشوائي”، مدن وبلدات شمال وشرق “سوريا”، مما يعرض حياة مئات آلاف المدنيين للخطر.

ولفت “زيباري” إلى أنه، وفق التجارب السابقة؛ “فمتى دخلت القوات التركية منطقة، فلن تتركها بهذه السهولة”.

ورغم التنديدات الدولية، يواصل الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، التأكيد على أنه: “لن يتراجع” عن عمليته العسكرية، ويشدد على أن بلاده لن توقف الهجوم ضد الأكراد مهما كانت التصريحات الصادرة بشأنها.

حكومة “كُردستان العراق” : لابد من تفاهم وحل سياسي سريع..

حذرت حكومة “إقليم كُردستان العراق”، “تركيا”، من التداعيات المحتملة للعملية العسكرية التي تنوي شنها شمال شرق “سوريا”، داعية إلى حلحلة التوتر عبر حوار بمشاركة الأطراف الكُردية.

وقالت حكومة الإقليم، في بيان لها؛ إنها: “تُعرب عن قلقها العميق بشأن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا، وإزاء التقارير التي تتحدث عن عملية عسكرية تركية محتملة”.

ودعا البيان: “تركيا، كعضو في التحالف الدولي، إلى تجنب أي تحرك من شأنه أن يقوض التقدم المحرز ضد تنظيم (داعش)، ولا سيما خروج أماكن إحتجاز المقاتلين الإرهابيين عن السيطرة”.

وشددت حكومة “كُردستان العراق”، في بيانها، على أن: “آثار عواقب التصعيد العسكري تتعدى حدود سوريا، مما يهييء ظروفًا لعودة (داعش) ويسبب نزوحًا جماعيًا للسكان”، وتابعت: “لذلك لا بد من أن تنخرط جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الأطراف الكُردية، في حوار لتهدئة الوضع”.

وأكدت: “على أن الأزمة يجب أن تُحسم من خلال حل سياسي راسخ يضمن حقوق السوريين جميعًا؛ ومن بينهم الشعب الكُردي”.

وختمت بالقول: “لقد قدم إقليم كُردستان تضحيات جسيمة في حملة دحر (داعش)، وهو يستضيف في الوقت الراهن 1.1 مليون نازح، كثير منهم فر من ذلك الصراع. وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية منع تكرار ذلك مجددًا. ستتابع حكومة إقليم كُردستان باستمرار الموقف عن كثب، وستعمل على القضية عبر مختلف القنوات”.

فشل حلم الدولة الكُردية..

وفشل “أكراد العراق”، في 2017، من تحقيق حلم الاستقلال عقب انتقاد “الولايات المتحدة” لاستفتائهم على حكم ذاتي كامل للأكراد.

ومهد الانتقاد الأميركي، إضافة للتنديد التركي والإيراني، الطريق أمام قوات الحكومة العراقية لاستعادة المناطق التي كان يسيطر عليها الأكراد، منذ إجتياح تنظيم (داعش) لمساحات شاسعة من “العراق”.

وبحسب “بلال وهاب”؛ من معهد “واشنطن” لسياسة الشرق الأدنى، فإن التجربتين الكُرديتين للحكم الذاتي في “سوريا” و”العراق” تلقتا، “صفعة”، خلال العامين المنصرمين.

وتساءل “وهاب” إن كانت تلك الإنتكاسات تعزى لسوء توقيت أو لغفتقار الحنكة السياسية أو “لصورة أكبر ينتهي فيها الأمر دائمًا بالأكراد بأن يعانوا من أسوأ التبعات والعواقب؛ بغض النظر عن أي شيء”.

ويسعى الأكراد لقيام دولة مستقلة لهم منذ ما يقرب من قرن من الزمان، عندما إنهارت الإمبراطورية العثمانية وتناثرت الأراضي التي يقطنها الأكراد بين “تركيا وإيران والعراق وسوريا”.

لكن محاولات القوى الإقليمية للإبقاء على هذه الجماعة العرقية، التي يُقدر تعدادها بنحو 30 مليون نسمة، تحت السيطرة؛ إضافة إلى الانقسامات الداخلية، أحبطت لفترة طويلة جهود الأكراد لتحقيق الاستقلال.

وفي شمال “العراق” حصل الأكراد على أول حكم ذاتي لهم عام 1991، غير أنه يتعين عليهم منذ ذلك الحين أن يوازنوا بين طموحهم في الاستقلال التام والتهديد برد فعل عنيف من جيرانهم ومقاومة “بغداد” لإعادة ترسيم الحدود.

وتجربة “أكراد سوريا” أقصر عمرًا، فقد سمحت الأزمة، التي بدأت عام 2011، للأكراد في شمال شرق البلاد بحكم أنفسهم، وعملت القوات الأميركية مع “وحدات حماية الشعب” الكُردية، في “سوريا”، لإلحاق الهزيمة بـ (داعش)، الأمر الذي عزز أمل الأكراد في أن يسهم دعم حليف غربي قوي لهم في تعزيز إدارتهم الذاتية.

وإنتهى الطموح الكُردي في “سوريا”، الأسبوع الماضي، بانسحاب القوات الأميركية وبدء التوغل التركي.

وفي محاولة للتصدي للهجوم التركي؛ اتفقت “وحدات حماية الشعب” مع الرئيس السوري على السماح لقواته بالدفاع عنهم، مُعيدة لـ”دمشق” السيطرة على أراضيها لأول مرة منذ سنوات.

ويشير ساسة أكراد ومحللون إلى أنه في مثل هذه البيئة؛ فإن حكومة “كُردستان العراق” ليست في موقف يتيح لها أن تهب لنجدة “أكراد سوريا” خوفًا من الإخلال بعلاقاتها الإقليمية مع “إيران” و”تركيا”، وبناء على ذلك فإن مساعدة حكومة “كُردستان” للسوريين ستقتصر على استقبال بعض اللاجئين، وهو ما بدأته بالفعل.

صدام” والأكراد.. المد والجزر..

وإذا عدنا تاريخيًا لجذور الأزمة؛ نجد أن الأكراد يسعون، منذ قرن، لإنشاء دولتهم في “العراق”، وبفعل نضال هذا الشعب وبإسناد تام وتضحيات مشتركة من القوى الوطنية التقدمية، وبالمقدمة منها “الحزب الشيوعي العراقي”، الذي حمى ودافع عن كل الوطن والمواطنين، وبالتساوي ومع تضحيات الشعب الكُردي والذي شذب نضاله بالطروحات التي قدمتها الماركسية اللينينية.

وبعد إستلام “صدام حسين” لملف القضية الكُردية؛ ونتيجة لما سبق، حصل الأكراد على أعلى وأكبر ما يسمح به الإقليم والمحيط الدولي.. فتم الإعتراف الرسمي بالقومية الكُردية واللغة الكُردية، اللغة الرسمية الثانية، وهذا تطور فاق ما يتحمله الإقليم والدول التي تتباكى على حقوق الإنسان.. لقد صدرت صحف وأُنشأت جامعات وتعزز الاقتصاد ونهض العمران وتطورت السياحة والصناعة والزراعة وأصبح، ولو أسميًا، نائب رئيس الجمهورية كُردي والكثير من السياسيين الأكراد الحاليين أو آبائهم أو أقاربهم أصبحوا وزراء، ولو منقوصين الصلاحيات، وسفراء ويتكلمون حتى أمام “صدام حسين” بلغتهم القومية، وقال “صدام” مقولته الشهيرة: “إن للكُردي حقين؛ حق لأنه عراقي وآخر لأنه كُردي”. وكان الكُردي مفضل في القبول في الوظائف العمومية والمعاملات الإدارية على العربي في المناطق العربية.. لقد كان “صدام” يوازن بين ما “يراد وما يريد”..

رافق ذلك ما شمل العراقيين من اضطهاد، من خلال فكرة الحزب الواحد القائد؛ فعمل “صدام” على ضم الشباب الكُردي إلى صفوف “حزب البعث”، على أساس أنه الحزب القائد، وعمل على اختراق الأحزاب الكُردية وأنشأ أحزاب وجماعات كُردية كان يتندر عليها العراقيين بـ”الحزب …… الكُردستاني لصاحبه حزب البعث العربي الاشتراكي”.. وبدأ بجرد حساب مع الشخصيات السياسية الكُردية بحجج فيها الكثير من التجني، لكن فيها الكثير أيضًا من الدقة، فكان لا يريد غيره مع الأميركان والعرب والإسرائيليين والمعسكر الشرقي، وهذا لم يفعله مع الأكراد فقط؛ وإنما مع كل التنظيمات والأحزاب وحتى “حزب البعث”، وكان يعتبر كل من يتصل مع مثل تلك الجهات عميل إلا هو وحده.

ثم قام بقمع كل محاولات التعبير خارج التصورات التي وضعها باعتبار ذلك إخلالاً بالأمن.. ولا ننسى التدخلات الإقليمية لإفشال تلك التجربة والإرتباطات التي يراها البعض سند عند الحاجة، وأكثر لحظات الحاجة في أي مسيرة سياسية مسلحة كانت أم غير مسلحة هي الحاجة إلى سند ونصير حتمًا تفتش عنه في الإقليم المحيط بها أولاً ومن ثم تتحرك بإتجاه المؤثرين دوليًا؛ فكانت وقبل هذا الوقت إرتباطات الحركة الكُرية السياسية والعسكرية مع الدول المؤثرة إقليميًا ودوليًا.. وإزدادت وحشية النظام خلال الحرب مع “إيران”؛ وأراد تحييد المنطقه الكُردية من خلال قرارات العفو الكثيرة وتشكيل أفواج خاصة من الأكراد لحماية المنطقة، وأعتبرها خدمة عسكرية لأسباب منها أنهم يعرفون بعضهم وأقارب بعضهم فيحمون أنفسهم وغيرهم؛ وهو يتفرغ لإدارة المعركة في جبهات القتال ومنها فسح المجال للشباب الكُردي بالإلتزام بالقانون من خلال عدم إرتكاب جريمة الهروب من الجيش، التي وصل الحكم فيها إلى الإعدام، وحتى يسقط أعذار البعض لحمل السلاح ضد الدولة، لذلك أجاز لنفسه اعتبار كل من يحمل السلاح ضد الدولة، وهي في حالة الحرب، عدو يجب إبادته ووجد أنه تبرير اجتماعي، إن صح القول، معناه لماذا تحارب الدولة وهي لم تقترب منك ولم تحاربك ؟.. وأصدر عفوًا عامًا عن جميع المخالفات السابقة، لذلك جاز لنفسه استخدام كل الممكن للقمع لتدمير الأعداء.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة