23 ديسمبر، 2024 2:20 م

من خلال “البرج” .. “ماتس غرورد” يستكشف عالم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين !

من خلال “البرج” .. “ماتس غرورد” يستكشف عالم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين !

خاص : ترجمة – بوسي محمد :

نحن لا نرى الأشياء كما هي، لأن ما نراه هو إنعكاس للضوء فقط، دون أن تلامسها يدانا أو تستشعر بها قلوبنا، لكن “ماتس غرورد”، المخرج النرويغي، وجه عدسات كاميرته مستخدمًا “زووم” التكبير البصري، لينقل صورة واقعية تحاكي حياة اللاجئين الفلسطينيين، الذين يقطنون داخل مخيم “برج البراجنة”، القابع في جنوب “لبنان”.

لم يعتمد “غرورد”، عندما قرر أن يصنع فيلمًا يبرز فيه قضية اللاجئين الفلسطينيين، على الأخبار التي يتم تداولها عبر “السوشيال ميديا” أو تلك التي تنقلها القنوات الإخبارية، إذ توجه بنفسه للمخيم وعاش وسط اللاجئين قرابة شهر، حتى يتعرف على طبيعة حياتهم وكيف يمضون أيامهم داخل مخيم شديد التواضع لا يصلح لحياة كريمة.

يبدو أن “غرورد” كان يريد أن يشاهد الفيلم أكبر شريحة من الجمهور، لذا أعتمد على “الأنيميشن” مستغل بذلك إزدهار وتقدم “أوروبا” في “الرسوم المتحركة”، الموجهة للأطفال والبالغين، خاصة أن هذه النوعية من الأفلام التي تعتمد على “الأنيميشن” في سرد قصتها لاقت نجاحًا كبيرًا مثلما حدث مع فيلم، Waltz with Bashir (2008)، للمخرج، “أري فولمان”، وفيلم the legacy of the success of Persepolis (2007).

البرج..

(البرج)؛ فيلم تحريك من تأليف وإخراج، “ماتس غرورد”، ويقوم بالأداء الصوتي للشخصيات: “ليلى نجار”، “مكرم ج. خوري”، “محمد بكري”، “منى حوا”، “مراد حسن”، و”حنان حلو”، و”صالح بكري”، و”شادن كانبورا”، وتدور أحداث الفيلم حول الطفلة، “وردي”، صاحبة الـ 11 عامًا، والتي تعيش في مخيم للاجئين الفلسطينيين، وتتعرف على تاريخ عائلتها من خلال قصص يحكيها لها ثلاثة أجيال سابقة من اللاجئين.

وكان الفيلم قد لقي حفاوة عالمية عند عرضه، وحصل على سبع جوائز أثناء مشاركته فى العديد من المهرجانات الدولية، إذ فاز بجائزتين خلال مشاركته في “المهرجان الدولي لأفلام الأطفال”، بـ”شيكاغو”، وهما جائزة “ليف أولمان للسلام” وجائزة “لجنة التحكيم” لثاني أفضل فيلم تحريك، وكذلك جائزتان من “مهرجان لشبونة لأفلام الرسوم المتحركة”، وجائزة “لجنة التحكيم الخاصة” وجائزة “أفضل موسيقى تصويرية”، وجائزة “لجنة التحكيم” من “مهرجان بيساك”.

ويُعد “برج البراجنة”، أحد المخيمات الفلسطينية العديدة التي تشكلت في “لبنان” بعد قيام دولة “إسرائيل”، في عام 1948، وما تلا ذلك من طرد وتهجير الفلسطينيين من مكان إقامتهم.

تتمحور القصة حول طفلة تدعى، “وردي”، وهي فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا؛ وتمثل الجيل الرابع من سكان المخيم.

يُظهر الفيلم أيضًا ثقافة المخيم ودينامياته الاجتماعية، ويكشف كيف يعيش الناس عندما تكون سُبل عيشهم قد جردت منهم.

(البرج)؛ هو أول تجربة للمخراج، “ماتس غرود”، وهو رسام نرويغي أمضى عامًا متطوعًا في “برج البراجنة” للخروج بفيلم مليء بالتفاصيل الغنية للتجربة الحية. عمل في الفيلم لمدة ثماني سنوات، (ست سنوات في التصوير وإثنان في الإنتاج)؛ حتى تم إصداره أخيرًا في العام الماضي، عندما تم عرضه للمرة الأولى في المنافسة في “مهرجان آنسي”.

يشار إلى أن الفيلم، حاليًا، يشارك في التصفيات المؤهلة لجوائز “الأوسكار”. تحدث “غرورد” إلى موقع (Cartoon Brew)؛ حول نشأة الفيلم ، ودورة الرسوم المتحركة التي درسها للاجئين، و”القبح الجميل” للمخيم.

تاريخ شخصي مع فلسطين..

  • لماذا ذهبت إلى “برج البراجنة” تحديدًا رغم تعدد مخيمات اللاجئين ؟

“غرورد” : بدأت علاقتي بـ”فلسطين”، في الثمانينيات، والدتي عملت ممرضة في المخيمات، أثناء الحرب في “لبنان”، كنت أرافقها حينها، جمعت في مخيلتي صورًا لأطفال يكبرون في الحرب.

ثم ذهبنا إلى “القاهرة” ومكثنا فيها لمدة عام عندما كان عمري 12 عامًا، وزرنا “القدس” و”رفح” في “غزة”. ثم أتيحت لي الفرصة للعمل كمتطوع في “برج البراجنة”، في عام 2001. في المقام الأول كمدرس للغة الإنكليزية، لكنني أيضًا قمت بحلقات عمل للرسوم المتحركة مع المنظمات غير الحكومية الفلسطينية.

الرسوم المتحركة في المخيمات..

  • ماذا تعني الرسوم المتحركة للاجئين ؟

“غرورد” : بما أن كل شخص في العالم يختبر فرحة القيام بشيء ما، فقد كان لدينا نفس الشعور في المخيمات. هذه المخيمات موجودة منذ 71 عامًا، لذلك كان من الرائع منح الأطفال فرصة للقيام بشيء جديد ومثير، استنادًا إلى رسوماتهم وخيالهم. كان لديهم أيضًا العديد من القصص التي يجب سردها، وآمل أن يكونوا فعلوا ذلك بالرسوم المتحركة.

  • لقد خلطت العديد من التقنيات – الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد، والصور المتحركة الحقيقية. ما هي المعايير لاختيار كل واحدة والتحديات التي واجهتك ؟

“غرورد” : حاولنا أن نكون سرياليين في صورنا، وضحنا التجارب التي عاشها الناس في ماضيهم.

كان ثنائي الأبعاد خيارًا عمليًا وفنيًا. دخلت الصور الفيلم بنفس الطريقة التي دخلت بها حياتي كطفل. لقد استخدمت صور والدتي من المخيمات، وكذلك من ألبومات أصدقائي الخاصة. كان شاغلنا الرئيس حول الجمع بين التقنيات الثلاثة هو كيفية إيجاد التوازن بينهما.

مراحل الإعداد..

  • ما هو مدخلات مصمم الإنتاج الخاص بك ؟

“غرورد” : التقيت “روي تنريو” في “أوسلو”، في أوائل العقد الأول من القرن العشرين. عندما بدأت العمل في (The Tower)، في عام 2010، أطلعني “روي” على العمل الذي كان يقوم به في روايته الرسومية، (Lanterns of Nedzu”. أحببت المزاج المظلم لعالمه، وشيء ما في تصميم الشخصيات يمكنني وصفه على أنه “قبيح جميل”؛ يشبه المخيم من نواح كثيرة: كل من الأحياء الفقيرة القبيحة، ولكن هناك مكان جميل يُظهر كيف نجا الناس طوال هذا الوقت، كانت هذه الإزدواجية شيئًا أردت أن أخرجه على الشاشة، وأعتقدت أن تواجد “روي” سيساعد في جلب هذا إلى الشاشة.

لقد كان شخصًا يمكنني مناقشة أي شيء معه: في موسيقى الفيلم والألوان والتحرير ورواية القصص بشكل عام. نحن نتعاون معًا على تجربة جديدة عن المناخ في دلتا “النيغر”.

  • هل كان لدى الآخرين في فريق الإنتاج الخاص بك خبرة مباشرة في مخيمات اللاجئين ؟.. كيف قمت بنقل جو المخيم لفريق الفيلم الذي لم تسنح له الفرصة للإلتقاء بهم ؟

“غرورد” : تم تقسيم العمل في الغالب بين “النرويغ”، (القصة، القصص المصورة، التحرير)، وفي “السويد”، (الصوت)، و”فرنسا”، (الرسوم المتحركة، الموسيقى، التأليف، تصنيف الألوان).

لم يذهب أي من أفراد الطاقم إلى المخيمات. لذلك كان من الضروري الحصول على أكبر قدر ممكن من المواد: اللقطات والصوت والفيديو.

عدت إلى المخيم لتسجيل الأصوات الفعلية، وناقشت السيناريو مع الأصدقاء الفلسطينيين في “النرويغ والسويد ولبنان”.

تجربة أعمق..

  • شهدت السنوات الأخيرة العديد من أفلام الرسوم المتحركة رفيعة المستوى حول الصراع واللاجئين.. هل أستمديت إلهامك منهما ؟

“غرورد” : أعتقد أن أفلامًا مثل (Waltz with Bashir)، و(Persepolis)، أثرت فيَ، لكن تجربتي مع مخيم “برج البراجنة” أعمق من ذلك، لأنها تجربة حية أثرت فيّ وأنا صغير وكبرت بداخلي، وعندما سنحت الفرصة أردت أن أنقلها على الشاشة.

  • هل عرضت الفيلم لسكان المخيم أو اللاجئين الآخرين ؟

“غرورد” : نعم، وكان هذا مهمًا جدًا بالنسبة لي. قمنا بجولة في المخيمات، في حزيران/يونيو 2019، في كل من “لبنان” و”الضفة الغربية”، في “فلسطين” المحتلة.

في “أوروبا” أيضًا، هناك الكثير من الأشخاص الذين فروا من “سوريا” و”السودان” و”إريتريا” و”العراق” و”اليمن” – وكذلك مهاجري الجيل الثاني والثالث من “إيران” أو “يوغوسلافيا” السابقة – الذين أخبروني أن الموضوعات في الفيلم حقيقية.

أعتقد أن الرسوم المتحركة  تعمل تجريد الشخصيات من الواقع – تساعد في تقريب القصة من أي جمهور. تنتزع من الجمهور الآهات والبكاء في مشهد يصور طفلاً يُقتل على يد الاحتلال.

الرسوم المتحركة تساعد على كسر الحاجز بيننا وبينهم. هذا شيء أجده في غاية الأهمية في المناخ السياسي اليوم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة