وكالات – كتابات :
لا تعدو مصادرة، “واشنطن”، للأسلحة الإيرانية، في “بحر العرب”، أمرًا مباغتًا، إنما ثمة سوابق عديدة لهذا الأمر، بيد أن الحادث الأخير، بحسب مراقبين، يتصل بعدة تطورات سياسية وإقليمية لافتة، من بينها؛ “مفاوضات فيينا”، التي تهدف إلى إحياء “الاتفاق النووي”، حيث تضغط “أميركا” باتجاه: “ردع سلوك إيران الإقليمي”، خاصة في ظل رفض “الحوثيين”، مؤخرًا، الاجتماع مع مبعوث “الأمم المتحدة” في “مسقط”، وتبني سياسة: “التصعيد وإطالة أمد الصراع”.
الشحن أو الصيد للتعمية على النشاط الرئيس للسفن..
وقد أعلنت “البحرية الأميركية”، الأحد، العثور على قرابة 3000 بندقية هجومية صينية من النوع (56)، بالإضافة إلى مئات البنادق الآلية الثقيلة وبنادق القنص، وعشرات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات روسية الصنع.
وتضمنت الشحنات؛ عدة مئات من قاذفات القنابل ومعدات رؤية تُركب في الأسلحة.
وتُعد أغلب الموانيء البحرية، التي تقع في منطقة “تشاهبهار” و”كونرك”، الواقعة في جنوب شرق “إيران”، وتطل على ساحل “خليج عُمان” الشمالي، خاضعة لإدارة (الحرس الثوري) الإيراني، بحسب المحلل السياسي والمعارض في إيران، “ملا مجيد”، كما يحظر دخول الأفراد أو السفن في هذه المراسي إلا بتصاريح خاصة، إذ إنها منطقة مغلقة وشبه عسكرية، وعليها حراسة مشددة.
وأوضح “ملا مجيد”؛ في تصريحات صحافية؛ أن: “السفن المستخدمة في الشحن أو الصيد، هي للتعمية عن النشاط المحموم لـ (الحرس الثوري)، في تهريب الأسلحة للحوثيين؛ وأنشطتها العسكرية الأخرى، ومن بينها الطائرات المُسيرة والصواريخ التي يجري استخدامها ضد الأهداف المدنية، في المملكة العربية السعودية”.
وتابع: “أن إيران تعمد إلى تعبئة المناطق، التي تتغول فيها سياسيًا وميدانيًا، في ظل التحركات أو بالأحرى الضغوطات التي تتعرض لها من قبل أوروبا والولايات المتحدة”.
مماطلة إيرانية..
ولا يخفي القادة في “إيران”؛ هذا الدعم العسكري والميداني واللوجيستي الهائل لـ”الحوثيين”، بحسب المحلل السياسي والمعارض الإيراني، لافتًا إلى أن: “طهران تتملص من كافة المفاوضات السلمية؛ وتماطل أمام سُبل الحوار السياسي، وبينما تجلس مع الأطراف الإقليمية والدولية في العراق أو غيرها، فإنها تواصل، في المقابل، عمليات تهريب الأسلحة لليمن؛ وهذا دليل قاطع على أن إيران تريد زعزعة أمن المنطقة عن طريق وكلائها”.
وأدان السيناتور الجمهوري “توم كوتون”؛ سلوك “إيران”، التي تؤدي إلى: “تأجيج الصراع في اليمن؛ عبر مواصلة تهريب الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية”.
واعتبر، في تغريدة له؛ أن قيام “البحرية الأميركية” باحتجاز شحنة أخرى من الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى “اليمن” لا يُعد مفاجأة، وذلك لأن “طهران” سعت لتأجيج الحرب هناك في “اليمن”، منذ 2013.
ليست المرة الأولى..
وإلى ذلك، يرى “محمود أبو القاسم”، الباحث المتخصص في الشأن الإيراني بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية، (رصانة)؛ أن مصادرة “الأسطول الخامس”، في البحرية الأميركية، لشحنة الأسلحة المهربة من “إيران”، والتي كانت في طريقها لـ”الحوثيين”، في “اليمن”: “ليست العملية الأولى، لكنها جاءت تلك المرة في إطار قرار حظر السلاح المفروض من الأمم المتحدة”.
ويضيف “أبو القاسم”: “منتصف العام الماضي، جرى مصادرة شحنة أسلحة، غير قانونية أيضًا؛ كانت تقوم إيران بتهريبها عن طريق بحر عُمان إلى الميليشيات الحوثية باليمن، وفي نهاية العام ذاته، تم اعتراض أكثر من سفينة تحمل مخزونات كبيرة من الأسلحة الإيرانية محلية الصنع، بالإضافة إلى يقرب من 1.1 مليون برميل من النفط الإيراني”.
ويلفت “أبو القاسم”؛ إلى أن مصادرة “البحرية الأميركية”، لشحنة الأسلحة الإيرانية؛ إنما تزامنت مع رفض “الحوثي” مقابلة مبعوث “الأمم المتحدة” الخاص، “مارتن غريفيث”، في “مسقط”، فضلاً عن التراجع في مسار المفاوضات بـ”فيينا”، ومن ثم، فإن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، الذي جاء ويحمل بيده المسار الدبلوماسي لحلحة العلاقات المأزمة مع “طهران”، يدفع باتجاه رسالة قوية: و”خشنة” للأخيرة، وذلك بضرورة الإنخراط في المفاوضات مع الأطراف الإقليمية، ووقف تصعيدها وأنشطتها العدائية والتخريبية بالمنطقة، ويربط سلوكها الإقليمي وبرنامج الصواريخ (الباليستية) بالعودة إلى الاتفاق.