خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مازالت تداعيات اقتحام مؤيدي الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، مقر “الكونغرس” الأميركي، وانعكاسها على السياسة الأميركية والتي على إثرها استقال العديد من أعضاء “البيت الأبيض”؛ ومازال القائمون على العمل السياسي يتدارسون فيما بينهم كيفية مواجهة ما حدث ؟
واهتمت الصحف بتلك الأحداث وتداعياتها، لحد أنها أصبحت الموضوع الرئيس لها.
تدنيس التقاليد الأميركية.. إرث “ترامب” الدائم !
صحيفة (التايمز)؛ نشرت مقال، لـ”دانيال فينكلستين”، بعنوان: “ترامب دنس التقاليد السياسية الأميركية، وسيكون ذلك إرثه الدائم”.
وبدأ الكاتب مقاله قائلاً؛ إنه لم يوجد ما يُلزم “جورج واشنطن” بترك منصبه، في عام 1797م، بعد فترتين كرئيس، حيث لم يتم التصديق على التعديل الثاني والعشرون، الذي يُقصر الرئيس بفترتين، حتى عام 1951، لكنه كان مصممًا على أنه لن يكون “الملك”؛ الذي اتهمه منتقدوه بأنه يتطلع إلى أن يكون.
ويضيف الكاتب؛ أنه بعد أكثر من 200 عام، لا يزال هذا القرار يعتبر أحد أعظم أعمال “واشنطن”، وأحد أهم الأعمال في تأسيس البلاد كديمقراطية دستورية.
ويوضح الكاتب؛ إن “دونالد ترامب”، اليوم، أخفق في التنازل عن منصبه طوعًا وبكياسة وكرامة. وشجع أعمال عنف بدلاً من محاولة إخمادها، وجاء مقطع الفيديو الساعي إلى تهدئة المحتجين بعد فوات الأوان.
ويقول “فينكلستين”؛ إنه بينما يبقى إرث “جورج واشنطن” هو أفعاله القيادية وترك جمهورية قوية، سيُذكر “ترامب” لتقصيره في أداء الواجب والطريقة التي أضعف بها الجمهورية، التي كان من المفترض أن يخدمها.
وأوضح إن جل الرؤساء الأميركيين قاموا بواجبهم، كما فعل “واشنطن”: “احتفظوا بالسلطة وفقًا للقواعد المرعية ثم تنازلوا عنها بدماثة؛ عندما حان الوقت لذلك، مع الإلتزام بالقانون والدستور”.
ويرى الكاتب؛ أن “ترامب” قد دنس هذا التقليد وألحق به العار؛ وسيكون إرثه. ويضيف أنه قبل اقتحام مبنى (الكابيتول)، كان “ميتش مكونيل”، زعيم الأغلبية في “مجلس الشيوخ” الجمهوري، قد أدلى بكلمة رائعة، وذكر بوضوح أن الانتخابات الرئاسية لم تُسرق وأن السباق الانتخابي لم يكن متقاربًا.
ويقول الكاتب؛ إن مؤيدي “ترامب”، في “الحزب الجمهوري”، يرون ما قاله “مكونيل”، “خيانة”، وبهذا يكون “ترامب” قد نجح أيضًا في إحداث انشقاقات داخل حزبه، مضيفًا ذلك إلى إرثه الرئاسي.
“ترامب” يرغب في السلطة بأي ثمن !
وتناولت صحيفة (الديلي تلغراف) تحليلاً لـ”نيك ألين”، من واشنطن، بعنوان: “حشود غاضبة تقتحم مبنى الكابيتول الأميركي تعكس رغبة ترامب في السلطة بأي ثمن”.
يرى “ألين”؛ إن صور الحشود الغاضبة التي تقتحم مبنى (الكابيتول) الأميركي؛ ستلوث إلى الأبد إرث “دونالد ترامب”، وتمثل واحدة من أحلك اللحظات في التاريخ السياسي الحديث لـ”أميركا”.
ويضيف إنه؛ بينما تسلق أنصاره جدران المعقل المقدس للديمقراطية الأميركية، أصيب العديد من الأميركيين، الذين كانوا يشاهدون على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء البلاد، بالصدمة والفزع والإشمئزاز.
ومن وجهة نظره، يرى أن “الولايات المتحدة”، المنقسمة بشدة، ستجد التعافي من هذه الانقسامات أمرًا عسيرًا ومنهكًا.
ويقول الكاتب؛ إنه بالنسبة للكثيرين بدا الأمر وكأنه فتنة، ومحاولة انقلاب، وأخفق “ترامب” في إيقافها، بل وشجعها. ويضيف أنه من الصعب أن تتعافى العلاقة بين الرئيس و”الحزب الجمهوري”.
تعقيد مهمة “بايدن“..
وفي الصحافة الأميركية، قالت صحيفة (وول ستريت جورنال)؛ إن أحداث يوم واحد أدت إلى إهتزاز رئاستين وحزبين وأمة بأكملها، حيث أصبحت مهمة الرئيس الجديد، “جو بايدن”، في تهدئة وتوحيد “الولايات المتحدة” أكثر تعقيدًا.
وأضافت، في تحليل إخباري نشرته يوم الخميس: “لم تشهد الذاكرة الحديثة أحداثًا مماثلة مثل تلك التي وقعت أمس الأربعاء، في غضون 24 ساعة فقط، حيث تسببت في إرتباك هائل سواء في الإدارتين الأميركيتين الحالية والمقبلة، وكذلك كل من كان في مبنى الكونغرس، بل والأمة الأميركية نفسها”.
ومضت تقول: “مشاهد العنف السياسي الاستثنائية التي اندلعت؛ فيما كان من المفترض أن يكون تأكيدًا على الانتقال السلمي للسلطة، تُمثل اختبارًا للمؤسسات الديمقراطية الأميركية، وليس واضحًا على الإطلاق كيف سيكون رد فعل هذه المؤسسات بعد تلك الأحداث”.
ورأت الصحيفة الأميركية؛ أن تأثيرات ما حدث سيكون لها عواقب مستمرة لسنوات طويلة، وسوف تترك النتائج للمؤرخين في نهاية المطاف لترتيب الأحداث وفهم أسبابها، ويبدو من المتوقع أن رؤية بعض الجمهوريين؛ بأن يكون “ترامب” زعيمًا لـ”الحزب الجمهوري”، بعد أن يترك منصبه، قد تلاشت تمامًا.
وفي نفس الوقت؛ فإن جهود “بايدن” لاستعادة الهدوء ووحدة الدولة أصبحت معقدة بشكل أكبر مما كانت عليه، فمن جانب فإن استعداد أنصار “ترامب” إلى اللجوء للسلوك العنيف، كما حدث في “الكونغرس” يُظهر عمق الشكوك المحيطة بشرعيته، وكيف أنهم غير مستعدين على الإطلاق لقبوله كرئيس للولايات المتحدة.
نقطة إيجابية لـ”بايدن”..
ونوهت الصحيفة الأميركية إلى أن هناك نقطة يمكن أن تكون إيجابية بالنسبة لـ”بايدن”، وهي أن حالة الرعب التي عاشها معظم الأميركيين ومشاهد الفوضى، سوف تُجبر الجميع على الرجوع خطوة إلى الخلف، والتخلي عن الانقسام السياسي، ومحاولة الوصول إلى أرضية مشتركة.
وسيكون من المبالغ فيه، وفق الصحيفة، وصف ما قام به أنصار “ترامب” على أنهم أسدوا له معروفًا، ولكنهم في نفس الوقت منحوا زخمًا لدعواته بالتراجع عن السياسات المريرة خلال السنوات الماضية.
فشل أمني “كارثي“..
وفي السياق ذاته؛ قالت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ إن اقتحام مبنى “الكونغرس” يُثير تساؤلات عاجلة حول القصور الأمني.
ووصفت الصحيفة، في تقرير نشرته يوم الخميس؛ مجموعة المقتحمين لمبنى (الكابيتول) بأنهم: “رعاع في صفوف أنصار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته”، معتبرة تلك الأحداث: “فشلاً أمنيًا كارثيًا”.
وأضافت الصحيفة: “في مدينة على أعلى درجات الاستعداد الأمني، وفي مبنى يضم أكثر من ألفي رجل شرطة، فإن مقتحمي حرم الديمقراطية الأميركية مضوا قدمًا في طريقهم دون أن يكون لديهم أشياء أكثر من سواري الأعلام ودروع مكافحة الشغب. لم يوقفهم أحد، وفي بعض الفيديوهات ظهر بعض رجال الشرطة وهم يتراجعون إلى الخلف ومثيرو الشغب يقتحمون المبنى”.
ولاحظت الصحيفة الأميركية أن شرطة “الكونغرس” ووكالات أمنية أخرى؛ فشلت في توقع حجم ونوايا الحشود التي دعاها “ترامب” للتظاهر في شارع “بنسلفانيا”، بالقرب من مقر اجتماع نواب “الكونغرس”.
ونقلت عن خبراء في إنفاذ القانون؛ قولهم إنهم في حيرة شديدة من الطريقة التي تعاملت من خلالها قوات الأمن مع اقتحام الغوغاء لمبنى “الكونغرس”.
ونقلت (واشنطن بوست)، عن مسؤولين إثنين في شرطة إنفاذ القانون؛ قولهما: “عندما حاول أمن الكونغرس إيقاف محاولة الاقتحام، بدا أن هناك قوات أخرى من الشرطة تقف في حالة استعداد، وتراقب الفوضى بدلاً من محاولة إيقافها. توجد صورة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لضابط، وهو يلتقط سيلفي مع أحد المتسللين، بينما أظهر فيديو آخر بعض رجال الأمن وهم يفتحون الطريق أمام أنصار ترامب ليكونوا أكثر قربًا من مبنى الكونغرس، وعلى ما يبدو لم تكن هناك محاولات اعتقال واسعة للمتظاهرين”.
وقالت الصحيفة: “كانت النتيجة غزوًا سقط فيه الرمز الأميركي للحراسة القوية والمشددة وفرض النظام أمام الفوضى بسرعة مذهلة”.