28 يونيو، 2025 12:42 ص

من الرد على الـ”ناتو الشرق الأوسطي” إلى تطلعات النفط الإيراني .. تفاعلات طهران مع زيارة “بايدن” !

من الرد على الـ”ناتو الشرق الأوسطي” إلى تطلعات النفط الإيراني .. تفاعلات طهران مع زيارة “بايدن” !

وكالات – كتابات :

دفعت زيارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى منطقة الشرق الأوسط، “إيران”؛ إلى اتخاذ مساراتٍ موازية حاولت من خلالها: “الرد” على هذه الزيارة، طبقًا لمنظورها الخاص الذي فسرتها من خلاله؛ إذ تُعد هذه الزيارة هي الأولى للرئيس؛ “جو بايدن”، إلى المنطقة، كما أنها تأتي في توقيت حرج؛ في ظل التصعيد الذي تشهده بعض الملفات المشتركة ذات الصلة بـ”طهران”، وأهمها الملف النووي والأنشطة العسكرية الإيرانية في المنطقة؛ بحسب “علي عاطف”؛ في تقريره التحليلي الذي نشر على موقع مركز (إنترريغونال) للتحليلات الإستراتيجية.

وبجانب ذلك؛ كشفت الزيارة عن طموحات إيرانية لم تكن واضحة بالقدر الكافي في السابق، وهي الطموحات الخاصة بمحاولتها استغلال الأزمة “الروسية-الأوكرانية” لتعظيم مكاسبها المادية عبر رفع مستوى إنتاج “النفط” محليًا، والأهم من ذلك أن تُصبح بديلة عن بعض دول المنطقة الأخرى المرشحة لأن تُساهم في حل معضلة الطاقة العالمية؛ لذا مثَّل إدراك “إيران” فشل هذه المساعي الأخيرة قبيل إنطلاق زيارة “بايدن”؛ في يوم 13 تموز/يوليو 2022، عاملاً مهمًا في تبلور الرؤية الإيرانية لزيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة، خاصةً فيما يتعلق بمشاركته في “قمة جدة للأمن والتنمية”؛ بـ”المملكة العربية السعودية”، في 15 من الشهر نفسه.

أربعة أبعاد..

وعليه؛ يمكن الإشارة إلى كيفية تفاعل “إيران” على المستويين: السياسي والإعلامي؛ مع زيارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى المنطقة، وخاصة فيما يتصل بمشاركته في القمة التي عُقدت بـ”السعودية”؛ وذلك على النحو الآتي:

01 – المزج بين “التهديد” و”التحذير” ضد الرئيس “بايدن”: دأبت “إيران” ووكلاؤها في المنطقة؛ أثناء زيارة الرئيس الأميركي؛ “بايدن”، إلى المنطقة، على إطلاق تصريحات لفظية حادة: “تهديدية” أو “تحذيرية”، ضد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، أو ضد بعض القادة الذين التقوه وضد دولهم.

وقد مثَّلت المزاعم الإيرانية بشأن وجود: “مساعٍ إلى تشكيل جبهة مضادة لها في المنطقة” عاملاً بارزًا في هذا التوجه الإيراني. وقد تضمنت هذه التصريحات تهديدات بمواصلة “إيران” نشاطها المزعزع للاستقرار في الإقليم، كما أشارت بعضها إلى أن: “زيارة بايدن لن تكون نهاية الأزمات في المنطقة”.

وقد تبنى مثل هذه التصريحات الحادة في “إيران” القادة السياسيون والعسكريون على السواء، بل تبناها بعض قادة الميليشيات التابعة لـ”طهران” في الإقليم.

ومن الملاحظ أن هذه التصريحات تنحصر في كلمة من إثنتين: “التهديد” أو “التحذير”. وعلى سبيل المثال، يُلاحظ أن الرئيس الإيراني؛ “إبراهيم رئيسي”، “حذر”، في 14 تموز/يوليو 2022 – أي في ختام زيارة “بايدن” إلى “إسرائيل” – كلاً من “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” من: “محاولة زعزعة أمن الشرق الأوسط”.

وقد أعقب هذا التصريح الإيراني؛ توقيع الرئيس “بايدن” إعلانًا أمنيًا مع “إسرائيل”. وهدد الرئيس الإيراني: بـ”ردٍ قاسٍ” حيال ما سماه: “أي خطأ في هذه المنطقة”.

وعلى المنوال نفسه، ذهب زعيم ميليشيا (حزب الله) اللبناني؛ “حسن نصرالله”، إلى توجيه انتقادات حادة للرئيس الأميركي و”الولايات المتحدة”.

02 – التصعيد المتزامن على المستويين العسكري والنووي: في الوقت الذي تعددت فيه نوعية التصريحات الإيرانية المُشار إليها، أعلنت “إيران”؛ قبيل وأثناء زيارة الرئيس الأميركي “بايدن” إلى منطقة الشرق الأوسط؛ عن خطوات تصعيدية على المستويين العسكري والنووي؛ فقد كشفت “طهران” قبل الزيارة بثلاثة أيام فقط – أي في 10 تموز/يوليو الجاري – عن بدء تخصيب (اليورانيوم) بنسبة تصل إلى: 20% باستخدام أجهزة طرد مركزية متطورة في منشأة (فوردو) النووية المصممة تحت الأرض.

وأعلنت “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية”؛ (AEOI)، في اليوم نفسه؛ عن إنتاج: “(يورانيوم) مُخصب لأول مرة من أجهزة طرد مركزية متطورة من نوع (IR–6)”.

وقد قرأ البعض تصريحات رئيس المجلس الإستراتيجي الإيراني للسياسة الخارجية؛ “كمال خرازي”، يوم 17 تموز/يوليو الجاري، على أنها الأكثر خطورةً في هذا الصدد؛ وذلك حينما قال إن: “إيران لديها المقدرة التقنية على إنتاج قنبلة نووية”، مضيفًا أنها: “تستطيع في غضون عدد من الأيام رفع مستوى تخصيب (اليورانيوم) إلى: 90%”.

وبعد هذه التصريحات بخمسة أيام فقط، وفي يوم وصول “بايدن”؛ إلى “المملكة العربية السعودية”، في 15 تموز/يوليو الجاري، أعلن الجيش الإيراني عن إنشاء أول: “وحدة بحرية” من حاملات الطائرات المُسّيرة التي تسمح بإطلاق (الدرونز) من على متن السفن والغواصات البحرية.

ولم يكن تعليق قائد الجيش الإيراني؛ “عبدالرحيم موسوي”، بأن التطورات الأخيرة تسمح للطائرات الإيرانية المُسيّرة: “بجمع معلومات استخباراتية في نطاق جغرافي يصل إلى مئات الكيلومترات؛ بعيدًا عن الحدود الإيرانية” غير ذي صلة؛ حيث إنه يزعم بذلك مقدرة بلاده على التقاط المعلومات والحصول عليها في نطاق دائرة منطقة الشرق الأوسط الجغرافية على وجه التحديد.

وعلى أي حال؛ كان لتوقيت هذا التصعيد الإيراني مغزى؛ إذ إنه تزامن مع زيارة “بايدن” إلى المنطقة، وخاصةً مع إنعقاد “قمة جدة للأمن والتنمية”؛ في “المملكة العربية السعودية”؛ حيث يُلاحظ على سبيل المثال أن كشف “طهران” عن: “الوحدة البحرية” الجديدة قد جاء في يوم وصول “بايدن” إلى “السعودية”، كما سبقت الإشارة، وهو ما يمكن إرجاعه أيضًا إلى السبب نفسه المتمثل في قلق “إيران” من مزاعم تشكيل: “تحالف إقليمي مضاد لها”.

03 – تكثيف الدعاية الإعلامية بشأن زيارة “بوتين” المرتقبة: على النقيض من كثيرين خارج وداخل “إيران”، لا ترى “طهران” زيارة الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، المُقرر إجراؤها يوم 19 تموز/يوليو 2022، على أنها محدودة بعملية (آستانة) الخاصة بمسار الأزمة السورية؛ إذ ربطت وسائل الإعلام الإيرانية بين زيارة الرئيس الأميركي؛ “بايدن” إلى المنطقة وزيارة “بوتين” المرتقبة إلى “طهران”؛ وذلك من منطلق أن “روسيا” تُمثل أحد الحلفاء الإستراتيجيين لـ”إيران”، على غرار ما تُمثله “واشنطن” لبعض دول المنطقة؛ لذا فإن الإعلام الإيراني قد روَّج بشدة لزيارة “بوتين” على أنها موازية لزيارة “بايدن” ومماثلة لزخمها الكبير، وأنها قد تُحدث تغييرًا ملموسًا في وضع “إيران” الإقليمي وما يُخص علاقاتها بـ”الولايات المتحدة”؛ خلال السنوات المقبلة.

وعليه، فمن خلال قراءة ما نشره الإعلام الإيراني؛ خلال الأيام التي جرت فيها زيارة “بايدن”، يتضح جديًا أن الزيارة الأخرى المرتقبة للرئيس الروسي قد تكون محورية وإستراتيجية فيما يُخص مسار العلاقات “الإيرانية-الروسية”، وقد يتم التوقيع خلالها على الاتفاقية الطويلة المدى؛ (20 عامًا)، التي طال الحديث بشأنها داخل الأوساط الإيرانية والروسية؛ وهي الاتفاقية المتعلقة بتعزيز وتعميق مختلف مجالات التعاون بين الطرفين.

04 – محورية دور “النفط” في انتقادات “إيران” الشديدة: مع أن المزاعم الإيرانية بشأن تشكيل تحالف إقليمي مضاد لها قد مثَّلت المحرك الرئيس لدى “طهران” لتوجيه انتقادات للقمة، إلا أن هناك عاملاً آخر، لكنه واقعي هذه المرة، يُفسر طبيعة موقف “إيران” بشأن مُجمل زيارة “بايدن”، وعلى وجه الخصوص تجاه القمة التي عُقدت في “جدة”؛ بـ”المملكة العربية السعودية”، يوم 15 تموز/يوليو الجاري؛ بحسب مزاعم الكاتب.

ويتمحور هذا العامل حول فشل “طهران” في التوصل إلى اتفاق مع “الولايات المتحدة” أو الدول الغربية يقضي بزيادة إنتاجها من موارد الطاقة من “نفط وغاز”؛ وذلك في ظل الأزمة الحالية التي تُعد من تداعيات الحرب “الروسية-الأوكرانية”؛ التي اندلعت بدورها في 24 شباط/فبراير من العام الجاري.

إذ إنه منذ بدء هذه الأزمة، كانت “إيران” – ولا تزال – تطمح في أن تتحول إلى مركز رئيس لإنتاج وتصدير “النفط” في العالم، استغلالاً لتلك الأزمة، وهو ما سيُمكنها بالتبعية من جني عوائد مالية ضخمة بالعُملة الصعبة لطالما رغبت في الحصول عليها. ولعل من أهم أسباب مشاركة “إيران” في محادثات نووية مع “الولايات المتحدة” والدول الأوروبية بوجه عام، تطلعها إلى رفع العقوبات المفروضة بالأساس على قطاع “النفط” الإيراني.

وقد عبَّرت بعض وسائل الإعلام الإيرانية علنًا عن ذلك الأمر، بل طالبت بعضها؛ الرئيس الأميركي؛ “بايدن”، بالعدول عن قراره والتوصل إلى اتفاق مع “إيران” ترفع الأخيرة بموجبه مستوى إنتاجها من الطاقة.

عاملان محوريان..

وختامًا.. يزعم الكاتب: يمكن القول إن محركات تشكيل توجه إيراني محدد إزاء زيارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى المنطقة، تتمحور حول عاملين أساسيين؛ هما: مزاعم تشكيل تحالف مضاد لها في الإقليم، وعدم نجاح خطتها الرامية إلى استغلال الأزمة التي تواجهها سوق الطاقة العالمية حاليًا عن طريق إقناع الدول الغربية بأن تسمح لـ”طهران” برفع مستوى إنتاج الطاقة محليًا لتصدره إليها، فتحل بذلك محل الموارد الروسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة