من الاضطرابات إلى محاولات انقلابية سابقة .. السلطة الانتقالية السودانية في بؤرة العواصف التي تهدد بقاؤها !

من الاضطرابات إلى محاولات انقلابية سابقة .. السلطة الانتقالية السودانية في بؤرة العواصف التي تهدد بقاؤها !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط إدانات دولية، أعلنت الحكومة السودانية إحباط محاولة انقلاب، في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية هشة؛ منذ الإطاحة بالرئيس، “عمر البشير”، في عام 2019.

وقالت الحكومة؛ إن ضباطًا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع، حاولوا الانقلاب، لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور.

وقال رئيس الوزراء، “عبدالله حمدوك”، إن محاولة الانقلاب الفاشلة: “كانت تستهدف الثورة وما حققه الشعب السوداني من إنجازات”.

وأضاف، خلال كلمة له في اجتماع طاريء لمجلس الوزراء؛ أن من سماهم: بـ”الانقلابيين”؛ كانوا يسعون إلى: “تقويض النظام الديمقراطي”، مشيرًا إلى أن هذا الأمر مستحيل في ظل ما وصفه: بـ”يقظة الشعب السوداني”.

وأوضح أن هناك علاقة بين محاولة الانقلاب والإنفلات الأمني في بعض مناطق البلاد، والاحتجاجات ذات الطابع القبلي في شرق البلاد.

وطمأن وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، “حمزة بلول الأمير”، الشعب السوداني؛ بأن الأوضاع تحت السيطرة التامة، إذ قُبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين؛ ويجري التحقيق معهم حاليًا، بعد: “تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة”.

إدانات عربية ودولية..

وأدانت “الأمم المتحدة”، محاولة الانقلاب. ودعا المبعوث الأممي، “فولكر بيرتس”؛ مختلف الأطراف في “السودان” إلى الإلتزام بالفترة الانتقالية.

كما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبوالغيط”؛ على استمرار وقوف “الجامعة العربية” بقوة وراء استتباب الأمن والسلام في “السودان”، خلال الفترة الانتقالية.

ودانت “الولايات المتّحدة”، المحاولة الانقلابية؛ التي أحبطها “السودان”، الثلاثاء، مندّدة: بـ”أعمال مناهضة للديموقراطية”؛ ومحذّرة من أيّ: “تدخّل خارجي يهدف إلى بثّ التضليل وتقويض إرادة السودانيين”.

وقال المتحدّث باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، “نيد برايس”، في بيان؛ إنّ “الولايات المتّحدة” تؤكّد دعمها لعملية: “التحوّل الديموقراطي” الجارية في “السودان”.

ودعا البيان إلى مساءلة جميع المتورطين في إطار إجراءات قانونية عادلة، مضيفًا أن الإجراءات المناهضة للديمقراطية، مثل تلك التي حدثت، في 21 أيلول/سبتمبر، في “الخرطوم”، تقوض دعوة الشعب السوداني إلى الحرية والعدالة وتضع الدعم الدولي لـ”السودان”، بما في ذلك العلاقة الثنائية مع “الولايات المتحدة”، في خطر.

كما دان البيان أي تدخل خارجي يهدف إلى بث التضليل الإعلامي وتقويض إرادة الشعب السوداني، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة” تحشد مساعدات كبيرة لمساعدة “السودان”؛ على تحقيق أهداف البلاد الاقتصادية والأمنية.

وختم البيان بالقول: “سنعمل على تعزيز هذا الدعم؛ بينما يُحرز السودان تقدمًا مستمرًا في انتقاله المستمر، بما في ذلك إنشاء مجلس تشريعي، وإصلاح قطاع الأمن تحت قيادة مدنية والعدالة والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان السابقة”.

مجرد ضغط على الشارع..

تعليقًا على ذلك الانقلاب، استبعد الكاتب والصحافي السوداني، “نصرالدين عبدالقادر”: “أن يكون ما حدث محاولة انقلاب”، معتبرًا أن: “الأمر عبارة عن ضغط على الشارع؛ وعلى كل من تخوّل له نفسه أن يفكر في انقلاب”.

واحدة من محاولات سابقة..

بدوره؛ علّق المحلل السياسي السوداني، “محمد آدم”، أن ما حدث: “محاولة الانقلاب هذه؛ هي واحدة من العديد من المحاولات السابقة، وممثلو نظام البشير يريدون العودة مجددًا إلى السلطة عبر بوابة الانقلابات المتكررة في الأشهر الماضية، محاولة الانقلاب هذه أحدثت اختراقًا كبيرًا جدًا، لأن الذين وصلوا اليوم إلى مقر القيادة للقوات المسلحة استطاعوا السيطرة عليها لما يقارب: الـ 06 ساعات”.

تعكس حالة الاضطراب التي تعيشها الفترة الانتقالية..

ويرى رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز “الأهرام” للدراسات السياسية والإستراتيجية، “هاني رسلان”، أن: “هذه المحاولة تُشير إلى حالة الاضطراب التي تعيشها الفترة الانتقالية في السودان”، إذ يقول إن: “المرحلة الانتقالية في السودان تقوم على شراكة بين المدنيين والعسكريين، لكنها مرحلة غير مستقرة وتواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية كثيرة”.

ويوضح “رسلان” أن هذه التحديات تتمثل في: “ارتفاع نسب التضخم، والانقسامات في الحاضنة السياسية للحكومة المدنية، (قوى الحرية والتغيير)، والاحتجاجات التي تضرب البلاد؛ خاصة في الشرق”، مؤكدًا: “كل هذا أضعف حكومة هي ضعيفة بالفعل؛ وفاقدة للشعبية في الشارع، مقابل العسكريين”.

ويؤكد “رسلان”؛ أن: “هذه المحاولة ستتكرر؛ إن لم يحدث تغييرًا جذريًا”، ويقول: “هذا الوضع غير قابل للاستمرار، ولابد من شركاء الثورة السودانية، التي أطاحت بالنظام السابق؛ اتخاذ إجراءات لإعادة صياغة الوضع بما يمكن من تجاوز حالة التأزم القائمة في الوقت الحالي”، مشددًا: “إن لم يحدث التغيير من شركاء المرحلة الانتقالية؛ سيحدث من خارجهم”.

صنعتها السلطة الحالية في السودان..

فيما ترى مديرة البرنامج الإفريقي في مركز “الأهرام” للدراسات الإستراتيجية، “أماني الطويل”، أن: “محاولة الانقلاب: (مصنعة)، من السلطات الحالية في السودان، لتتعامل بشكل أقوى من الاحتجاجات، خاصة في الشرق”.

وتقول “الطويل” أن: “سوابق التاريخ السياسي السوداني تُشير إلى أن هذه المحاولة قد تكون مصنوعة داخليًا، سبق وأن شهد السودان أكثر من صناعة انقلابية، وهذا ما أنجح انقلاب البشير، وحاليًا هناك أزمات كثيرة في السودان قد يُقلصها أي تحرك عسكري”.

وأضافت “الطويل”: “أتصور أن يكون هناك تعاملا بآليات أقوى، خاصة مع الاحتجاجات في الشرق؛ لأن أحداث الشرق مهددة للأمن القومي السوداني، ولا أتصور أن يمتد هذا التعامل للخرطوم”.

لن تنجو السلطات الانتقالية من محاولات الإطاحة بها !

أما الكاتبة السياسية المتخصصة في الشأن السوداني، “أسماء الحسيني”، فتؤكد أن: “السلطات الانتقالية؛ قد لا تنجو من محاولات الإطاحة بها، إذا لم تتوحد”.

وتقول “الحسيني”؛ إن: “هناك أجندات عديدة تتصارع في السودان، وكل طرف فيها يسعى إلى مبتغاه، وهذه الأوضاع معقدة للغاية، وإذا لم يُدرك جميع من في السلطة الانتقالية أنهم في مركب واحد لن تنجو هذه المرحلة الانتقالية من محاولات الإطاحة بها”، مؤكدة: “تغول أي طرف من أطراف المرحلة الانتقالية على سلطات الآخر، أو محاولة تحجيمه أو الإطاحة به ستطيح بالمرحلة الانتقالية برمتها”.

وترى “الحسيني” أن نجاح الانقلاب العسكري سيُزيد من التواترات في “السودان”، إذ تقول: “إذا أصبح هذا الانقلاب حقيقة، سيظل مطارد من قطاعات واسعة من الشعب السوداني، التي ترفض العودة إلى الوراء، وسيكون مرفوضًا من المجتمع الدولي، الذي ساند هذه السلطة الانتقالية ورفع عنها العقوبات الدولية”.

يُشار إلى أنه، منذ عام 2019، يحكم “السودان”، مجلس انتقالي، مكون من عناصر مدنية وعسكرية، وتم تشكيله بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق، “عمر البشير”، الذي حكم “السودان” لنحو ثلاثة عقود.

وحظيت السلطات الانتقالية في “السودان”؛ بدعم عالمي واسع، حيث تم رفع اسم “السودان” من قائمة “واشنطن” للدول الراعية للإرهاب، ولاقت السلطات الجديدة دعمًا كبيرًا دوليًا وإقليميًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة