خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
الأطراف الأجنبية في “ليبيا”؛ بانتهاكها القوانين الدولية بشأن عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، تسهم في القضاء على السيادة والأمن في المنطقة. بحسب (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.
أهداف الأطراف الأجنبية في ليبيا..
الأطراف الإقليمية بانتهاكها سيادة “ليبيا” ووحدة أراضيها، تسعى للسيطرة على مصادر “النفط” الكثيرة والموقع الإستراتيجي الليبي.
وقد تمكن الجانب الروسي من دخول “ليبيا”؛ عبر قوات (فاغنر)، ومن ثم النفوذ في “إفريقيا”؛ وتدعيم قواتها العسكرية على امتداد الساحل الجنوبي لـ”البحر الأبيض المتوسط”.
وتطلع قوات (فاغنر)؛ بأي عمليات عسكرية في “ليبيا” من شأنها خدمة المصالح الإستراتيجية الروسية.
ورسالة الحكومة الروسية تقوم على احترام مصالح كل الأطراف الأجنبية لإنهاء الحرب الأهلية، مع التأكيد على المصالح الروسية في “ليبيا”.
وتعقد “روسيا”، كما الأطراف الرئيسة في “ليبيا”، (مصر وتركيا)، العديد من صفقات السلاح، من ثم قلما تتورط في تبادل النيران.
وتهدف الحكومة التركية من التواجد في “ليبيا” إلى :
01 – إعادة ترسيم الحدود المائية في “شرق المتوسط”؛ والاستفادة من الاحتياطي النفطي الهائل في هذه المنطقة.
02 – النفوذ في مناطق شمال وشرق إفريقيا.
03 – توطيد نفوذها في “ليبيا”؛ بالضغط على “روسيا” للمواجهة ضد “أكراد سوريا”.
04 – تدعيم تيار “الإخوان المسلمين”.
وتحسس الحكومة المصرية إزاء المصير الليبي، وخصوصًا المنقطة الإستراتيجية والنفطية: (سرت-الجفرة)، ويمكن مناقشة الوجود المصري في “ليبيا” من ناحيتين :
(أ) – أعلنت “مصر” أن: “سرت” الليبية، خط أحمر، لأنها مدينة نفطية ذات موقع إستراتيجي، بالإضافة إلى قربها من القواعد العسكرية الهامة، وبخاصة قاعدة (الجفرة) العسكرية.
وترقب “مصر” رفع مستوى قوة حكومة “طبرق” السياسية؛ بالسيطرة على هذه المدينة مستقبلًا.
(ب) – الحيلولة دون النفوذ التركي الداعم لـ”الإخوان المسلمين”.
في السياق ذاته، تسعى “الإمارات” و”السعودية” إلى تصعيد حكومة معارضة لـ”الإخوان المسلمين”، في “ليبيا”.
عقبات السلام في ليبيا..
العقبة الرئيسة على طريق السلام وتشكيل حكومة حديثة، هي التكوينات القبلية المنتشرة في “ليبيا”. كذلك عدم وجود حكومة قوية، والمباحثات الداخلية، وإنهيار القوات المسلحة، والتوجهات الإقليمية التي تقوض السيادة الوطنية.
أضف إلى ذلك دور الحروب بالوكالة في تعميق الأزمة. فقد أدى تدخل الأطراف الإقليمية وفوق الإقليمية إلى تهديد القوة الوطنية الليبية؛ وتشكيل حكومتين متوازنتين في الشرق والغرب.
وقد تسببت كتل القوة، والميليشيات، والمتطرفين، والنزعة القبلية البعيدة عن التقاليد الديمقراطية، في تقسيم السلطة وتفرقها في “ليبيا”.
من ثم فشل هذا البلد، على المدى الطويل، من تشكيل حكومة وطنية وسلام دائم. كذلك فشلت تسويات: “اتفاق الصخيرات”، و”مؤتمر برلين”، والمفاوضات السياسية في “جنيف”، في إقرار السلام بين الأطراف الليبية.
وتعتقد منظمة “الأمم المتحدة”؛ أن السبيل الوحيد يكمن في خروج جميع الحكومات الأجنبية وتشكيل حكومة وطنية. لذلك؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2020م، حدد مجمع الحوار السياسي الليبي في “تونس”، المحاور التالية؛ كخريطة طريق لإقرار السلام في “ليبيا” :
01 – خروج جميع القوات الأجنبية.
02 – إصلاح قطاع الأمن.
03 – التوزيع العادل للثروة الوطنية.
04 – الفصل في شكاوى حقوق الإنسان والقوانين الدولية.
05 – الاتفاق على مسار انتقالي جامع وشامل يستند إلى القوانين.
06 – استمرار الحوار الشامل في الداخل الليبي.
ووفق هذه الخريطة، فإن تشكيل حكومة وطنية تلتزم الدستور؛ قد يؤدي إلى حلول للسلام الدائم. لكن هذه المحاور لم تنجح في القضاء على مخاوف المجموعات العرقية. وشاركت القوميات في حروب بالوكالة مستعينة بالقوات الأجنبية.
من العقبات الأخرى التي تهدد السلام الليبي، مطامع الدول التي تقود حروب الوكالة. وبدون اتفاق ومسار سياسي سلمي مع هذه الدول؛ لن تنعم “ليبيا” بالسلام والاستقرار.
وتحول مطامع: “مصر” و”تركيا”؛ في السيطرة على مدينة “سرت”، و”شرق الأبيض المتوسط”، جهود السلام.
وتدعي “تركيا” النجاح في تغيير المعادلات الإقليمية والعالمية بالتواجد في “ليبيا”، وإن إدعت، على المستوى الدولي؛ أنها لا تطمع في الأراضي الليبية، إلا أن الوجود والبقاء في “ليبيا” ينفي هذه الإدعاءات.
وفي تحول أخير سعت؛ “تركيا” إلى التقارب مع: “مصر” و”السعودية”، ولعل السبب يكمن في الأزمة الاقتصادية ومقاطعة “السعودية” للبضائع التركية، والعقوبات الأوروبية والأميركية.
الآفاق..
لا تستطيع “تركيا” الوصول إلى “شرق البحر الأبيض” والمياه المصرية عبر “ليبيا”، ولا سبيل سوى التخلي عن التوجه الإخواني حتى تحصل على الدعم السعودي والإماراتي والمصري.
و”تركيا” تعلم أن تجاوز الخطوط المصرية الحمراء، بالهجوم على الهلال النفطي: (سرت-الجفرة)، سوف ينتهي باندلاع حرب متكاملة بين: “مصر” و”تركيا”، وأنها سوف تخسر الحرب بسبب المسافة.
وتقارب “تركيا”، مؤخرًا، مع: “مصر” و”السعودية”؛ قد يُمثل بارقة أمل للسلام في “ليبيا”.