16 يوليو، 2025 10:23 ص

متى “الفطام” العراقي ؟ .. عودة التلاسن بفرض العضلات بين “واشنطن” و”طهران” !

متى “الفطام” العراقي ؟ .. عودة التلاسن بفرض العضلات بين “واشنطن” و”طهران” !

خاص : كتب – محمد البسفي :

شهد اليومان الأخيران عودة لخطاب التهديد ضد الوجود الأميركي في العراق من قِبل ميليشيات مسلحة مدعومة من “طهران”، وذلك بعد تراجع هذا الخطاب خلال الأسابيع الفائتة على خلفية تهديد “الولايات المتحدة الأميركية” بإغلاق سفارتها في “بغداد”، وما رافق ذلك من توقعات بأن أميركا قد تستهدف مواقع لفصائل عراقية بعد إغلاق السفارة.

وتمتلك فصائل مسلحة في العراق قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية شهدت تصعيدًا بالخطاب المناويء للولايات المتحدة بعد الهدوء الإعلامي والأمني الذي ساد العراق في الأسابيع القليلة الماضية.

لا تتعامل مع العراق كدولة ذات سيادة..

وأطلق زعيم ميليشيات (النجباء)، “أكرم الكعبي”، سلسلة تصريحات وصفت بـ”الحربية”، من “طهران”، خلال لقائه أمين عام تشخيص مصلحة النظام في إيران، “محسن رضايي”، الخميس، قائلاً إن مهلة “فصائل المقاومة”، للأحزاب السياسية لإنهاء الاحتلال الأميركي، تقترب من نهايتها، مشيرًا إلى عدم حدوث تغييرات إيجابية.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية ،عن “الكعبي”؛ قوله إن: “الولايات المتحدة الأميركية تعتبر التيارات السياسية جنودًا لها، ولا تتعامل مع العراق كدولة ذات سيادة”، لافتًا إلى أن “أميركا” ستنسحب بعد إشتداد ضربات “المقاومة” ضدها.  مؤكدًا على أن: “عدد قوات فصائل المقاومة في العراق وقواتها تضاعفت”، مبينًا أنها انتفضت لمواجهة الاحتلال الأميركي.

واتهم “الولايات المتحدة الأميركية”؛ بالعمل على تغيير المعادلات السياسية والأمنية في العراق، من خلال مهاجمة مواقع (الحشد الشعبي)، واغتيال قائد (فيلق القدس) بالحرس الثوري الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، مطلع العام الحالي.

عصابات ومافيا الشركات الأميركية..

وأوضح أن الشركات الأميركية، في العراق، تعمل وكأنها “عصابات ومافيات”، وتتلقى دعمًا مباشرًا من الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، وفريقه، مبينًا أنها تقوم بـ”نشر الفساد في العراق، وتتفرد في الاقتصاد”.

وتابع أن: “فصائل المقاومة بعثت رسالة موجعة لأميركا عبر ضرباتها، لكن أميركا ضغطت على المقاومة من خلال بعض الأحزاب السياسية لوقف عملياتها”، داعيًا العراقيين إلى عدم الاهتمام بنتائج الانتخابات المقبلة، بل “الاستعداد لمواجهة المشروع الأميركي الشرير لتقسيم العراق”، على حد قوله.

ووصف القيادي في الميليشيات ذاتها، “علي الأسدي”، تصريحات “الكعبي”؛ بأنها تعبر عن المشهد، موضحًا، في حديث نقله موقع تابع للميليشيات أن: “السكوت لا يعني الإنصياع والرضوخ”.

ولفت إلى أن السكوت يشير إلى “صبر القادر المستطيع، وهذا من شأنه أن يعطي زخمًا وثقة لمقاتلي “حركة النجباء وبقية فصائل المقاومة بألا تقهر ولا تستكين، وهي التي تقرر مصيرها”.

“المالكي”.. يدخل على الخط..

يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات لرئيس الوزراء الأسبق وأحد أبرز حلفاء طهران، “نوري المالكي”، طالب خلالها بالإسراع في إنهاء ملف الوجود الأميركي في العراق، مشيرًا إلى عدم وجود سند شرعي لوجود القوات الأميركية.

واعتبر في بيان، أمس الخميس، أن العراق لا يحتاج إلى قوات أميركية بعد قرار البرلمان بإخراجها، مضيفًا أن بقاء (الحشد الشعبي) أصبح ضرورة لـ”حماية العراق والنظام السياسي فيه، وإفشال كل المخططات التي تريد الشر بالعراق وشعبه”.

وكان “مجلس النواب” العراقي قد صوّت، مطلع العام الحالي، على قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية، وخصوصًا الأميركية، من العراق على خلفية مقتل “سليماني” و”المهندس” بضربة جوية أميركية.

تحديًا سافرًا لسيادة العراق !

رأى المحلل السياسي، “تيسير عبدالجبار الآلوسي”، لقاء “الكعبي”؛ نائب قائد (الحرس الثوري) الإيراني، “علي فدوي”، ومستشار المرشد الإيراني، “علي أكبر ولايتي”، أثناء زيارته لطهران، بأنه لقاء “يشكل تحديًا سافرًا لسيادة البلاد”، مشيرًا، في تصريح لموقع (الحرة) الأميركي، إلى أن: “للدولة العراقية وزارة خارجية تتحدث باسمها، ولها صلاحية التحاور الدبلوماسي”. واعتبر أن هذه الزيارة تهدف لـ”تلقي وصايا الأجندة الإيرانية، التي تهدف إلى إدخال العراق بأتون الحرب”.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعض الصور للقاء الذي جمع “فدوي” بـ”الكعبي” و”ولايتي”، في العاصمة الإيرانية، “طهران”.

التنصل من المسؤولية..

لقاء رسمي إيراني غابت عنه الأجهزة الأمنية العراقية؛ التي تحاول مؤخرًا الحد من نفوذ الميليشيات، لإيصال رسالة واضحة لـ”بغداد”، مفادها صعوبة التخلص من السلاح الإيراني المتفلت في البلاد، وفقًا لمتابعين.

زيارة أكّد فيها قائد الميليشيا مواقفه المعادية لـ”أميركا”، قائلاً إنّ: “سياسة الصواريخ مقابل الرصاص لم تتغير أبدًا”، بحسب الموقع الإلكتروني للميليشيا، الموضوعة على قائمة الإرهاب الأميركية، منذ عام 5 آذار/مارس 2019.

وهنا شدد “الآلوسي” على أنّ: “التصريحات التي صدرت عن اللقاء، تحمل تنصلاً واضحًا من مسؤوليات أعمال التخريب التي نفذّتها الميليشيات الإيرانية، وتحميل واشنطن كل أزمات البلاد، في الوقت الذي كانت فيه، الأخيرة، الحليفة الأمينة لبغداد، إذ دعمت الجيش العراقي ولم تخرج عن التحالف الدولي في المساعدة بمحاربة تنظيم (داعش)، على عكس ما فعلته طهران”. لافتًا إلى أنّ: “كل ما صدر عن اللقاء بمثابة استعراض لوصايا خامنئي وأجندته”.

وأكّد أنّ: “الميليشيات الإيرانية أدت إلى إضعاف الدولة وتعزيز الفوضى، فضلاً عن إرهاب المواطنين واختراق القانون بالطرق التي تخدم وجود طهران في الميدان العراقي”، موضحًا أنّه: “لا يمكن للميليشيات تمثيل العراق في الخارج”.

في مواجهة الثورة..

بدورها؛ اعتبرت الناشطة العراقية، “سهى مهدي”، أنّ الميليشيات المسلحة خاضعة لـ”إيران” لا تمثل “العراق”، وكل ما تريد طهران إيصاله هو التأكيد على أن أذرعتها موجودة ولا يمكن سحبها، خصوصًا أن أهم مطالب الثورة حصر السلاح بيد الدولة ووضع حدّ للميليشيات، وهو ما تسعى حكومة “الكاظمي” فعله دون نتيجة.

وأضافت “مهدي” أنّ: “مسار التغيير ليس بالقصير في بلده تحكمه الجماعات المسلحة، التي تهدد الناشطين والمدنيين، دون إمكانية محاسبتها”.

تطوير القوات العراقية على أيدي الأميركان..

في السياق ذاته؛ أوضح موقع (ديفينس ون)، المتخصص في الشؤون الأمنية، في تقرير له؛ أن: “منذ حرب العراق، عام 2003، يشدد المسؤولون الأميركيون على أن قواتهم لن تبقى في العراق إلى الأبد، وأن القوات العراقية لابد أن تتولى مسؤولية الأمن في البلاد، بنفسها … وهي ذات الرسالة التي شدد عليها الرئيس، دونالد ترامب، بعد 17 عامًا من الوجود الأميركي في العراق”.

القوات العراقية، حسب خبراء، تطورت كثيرًا بسبب الدعم الكبير الذي تتلقاه من القوات الأميركية، وقد تمكنت من تحقيق إنجاز ضخم؛ ألا وهو دحر تنظيم (داعش)، بعد سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد، في عام 2014. ولكن رغم ذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل القوات العراقية باتت قادرة على تولي المسؤولية بنفسها ؟.

ويحاول الموقع الأمني الإجابة لافتًا: “فعلى الرغم من هزيمة (داعش)، لا تزال القوات العراقية تواجه تحديات أخرى كثيرة أبرزها الميليشات الموالية لإيران”.

وتدفع تلك الميليشيات التي يحظى بعضها بتمثيل رسمي في البرلمان العراقي، باتجاه رحيل القوات الأميركية من العراق، وسط معارضة واضحة من فئات سياسية أخرى في البلاد.

تولي القوات العراقية زمام الأمور..

حسب موقع (ديفينس ون)، فإن المعايير المطلوبة لتولي القوات العراقية زمام الأمور بالكامل، تتمحور حول عاملين أساسيين، عسكري وسياسي. فعلى الصعيد العسكري، يقول مسؤولون عسكريون، إن القوات العراقية شهدت تطورًا، خصوصًا على الصعيد التكتيكي، لكنها لم تزل بحاجة إلى دعم لوجيستي.

وتعاقبت على العراق، على مدار فترات وجيزة، حكومات فشلت جميعها في إحتواء أزمات البلاد بسبب دورانها، حسب البعض، في فلك “إيران”، إلى أن تشكلت مؤخرًا حكومة جديدة بقيادة، “مصطفى الكاظمي”.

وعلى الرغم من أن “الكاظمي” يحظى بنظرة إيجابية لدى الغرب، لا يزال يواجه، على الصعيد السياسي، بحسب التقرير، مشاكل كبيرة لإعادة الأمور إلى نصابها، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وميليشيات موالية لإيران تعمل على زعزعة الاستقرار وتدفع باتجاه إبعاد القوات الأميركية من العراق.

وتزايدت أصوات الميليشيات المطالبة بخروج القوات الأميركية بعد مقتل الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، في ضربة أميركية مطلع العام قرب “مطار بغداد”.

كما يشهد العراق، منذ أشهر، احتجاجات شعبية واسعة تطالب بالقضاء على الفساد وتنحي النخبة السياسية الحاكمة في البلاد. وتخللت الاحتجاجات عملياتُ قتل واختطاف لناشطين، لا يزال الضالعين فيها طلقاء رغم وعود من “الكاظمي” بمحاسبتهم.

مسؤولية “الكاظمي”..

يقول خبراء إن “الكاظمي” بحاجة إلى دعم قوى لبناء بلد قادر على مواجهة النفوذ الإيراني في العراق وتنظيم (داعش)، الذي بدأ يعيد تنظيم قواه.

ولتحقيق ذلك الهدف، يعرب مسؤولون عسكريون أميركيون سابقون وحاليون؛ عن ثقتهم بأن القوات الأميركية ستحظى بوجود طويل الأمد في العراق، رغم دعوات الرئيس، “ترامب”، في آب/أغسطس الماضي، لسحب القوات العراقية من العراق، حسب موقع (ديفينس ون).

وتعول وشنطن على العراق كنموذج يحتذى به، ديمقراطيًا، وترى أن بقاءه قويًا بمعزل عن “إيران”، ضروري للحفاظ على الاستقرار، ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة بأسرها.

وقبل أسابيع قام رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بزيارة مهمة إلى الولايات المتحدة بحث خلالها مع الرئيس، “ترامب”، عددًا من القضايا الثنائية على رأسها االوجود الأميركي في العراق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة