ما بين توظيف الاتصال والمخاوف المشتركة من إدارة “بايدن” .. تركيا والسعودية تتقاربان !

ما بين توظيف الاتصال والمخاوف المشتركة من إدارة “بايدن” .. تركيا والسعودية تتقاربان !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة استثنائية، اعتبرها الكثيرون مؤشرًا نحو عودة العلاقات مرة أخرى، اتفق الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، والعاهل السعودي، الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات وإزالة المشاكل العالقة، حسب وكالة (الأناضول) التركية.

وجاء في بيان صادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية؛ بعد الاتصال الهاتفي بين الزعيمين، يوم الجمعة، أن الرئيس “إردوغان” والملك “سلمان” بحثا العلاقات الثنائية، وتناولا قضية “قمة العشرين”.

وأضاف البيان أنهما: “اتفقا على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية وإزالة المشاكل”.

وفي وقت سابق، أفادت وكالة أنباء السعودية الرسمية؛ بأن الملك “سلمان”، اتصل بالرئيس التركي لتنسيق الجهود المبذولة ضمن أعمال “قمة العشرين”، التي تستضيفها السعودية يومي 21 و22 تشرين ثان/نوفمبر 2020.

وأشارت الوكالة السعودية إلى أن الملك “سلمان” و”إردوغان”؛ بحثا العلاقات الثنائية بين بلديهما، دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل.

إلى ذلك، جاءت تصريحات طيبة على لسان وزير الخارجية السعودي، الأمير “فيصل بن فرحان”، الذي قال إن المملكة “لديها علاقات طيبة ورائعة” مع تركيا؛ و”لا توجد بيانات تشير إلى وجود مقاطعة غير رسمية للمنتجات التركية”.

وأثارت هذه المحادثة التليفونية العديد من التساؤلات حول عودة العلاقات بين البلدين، خاصة وأن “السعودية” و”تركيا” تتنافسا منذ مدة طويلة على فرض قيادتهما في العالم الإسلامي، لكن التوتر بين القوتين الإقليميتين، تصاعد في 2018؛ مع مقتل الصحافي السعودي المعارض، “جمال خاشقجي”، داخل قنصلية بلاده في “إسطنبول”.

وقُتل “خاشقجي”، الذي كان يكتب في صحيفة (واشنطن بوست)؛ والمنتقد للنظام السعودي، بعدما كان مقربًا منه، وقطع جسده داخل القنصلية التي توجه إليها لاستلام أوراق رسمية. ولم يُعثر بعد على رفاته.

وأغرق مقتل “خاشقجي”، السعودية، في واحدة من أسوأ أزماتها الدبلوماسية ولطّخ صورة ولي العهد، الأمير “محمد بن سلمان”، الذي يعتبر مسؤولون أتراك وأميركيون بأنه هو من أمر باغتيال “خاشقجي”.

هذا بخلاف مقاطعة الشعب السعودي للمنتجات التركية في الفترة السابقة، والتي كبدت “أنقرة” خسائر كبيرة أثرت على اقتصاد تركيا المهتز .

لا تريد أن تسوء العلاقات أكثر..

الكاتب والمحلل السياسي التركي، “مصطفى حامد أوغلو”، قال أنه: “رغم وجود خلافات سياسية بين الرياض وأنقرة، خاصة بعد مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في إسطنبول؛ ما أدى إلى شبه قطيعة، إلا أن تركيا كانت تحاول بأقصى ما تستطيع ألا تسوء العلاقات أكثر، لأن تركيا والأتراك يعرفون مكانة السعودية كعاصمة دينية للمسلمين؛ وترى أنه يجب أن يكون هناك روابط ومصالح مشتركة بين الجانبين”.

وأضاف “حامد أوغلو”؛ أن: “تركيا دائمًا تدعو إلى التواصل حتى لو كان هناك خلافات، وتؤكد على أهمية استمرار الروابط والعلاقات الجيدة رغم أية خلافات، ولا يجب أبدًا أن تترك هذه المنطقة لمن يأتي من خارجها لينظم علاقات الدول فيما بينها”.

لن ينهي جميع الخلافات..

وحول دلالات وأسباب هذا التقارب، أشار مدير تحرير صحيفة (ديلي صباح) التركية، “محمد تشيلك”، إلى أنّ: “السعي للتقارب جاء من الرياض”، مؤكدًا على أن تركيا “في ذات الوقت لم تسع أبدًا إلى عداء السعودية، على الرغم من تأثر العلاقة بين البلدين بشكل سلبي بشدة نتيجة سياسات الرياض العدائية تجاه أنقرة، إضافة لمقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، والأحداث التي تلت ذلك”.

وأضاف أن: “الكلّ يعلم بأن هناك منافسة سعودية واضحة لتركيا منذ فترة طويلة؛ وبلغت ذروتها في السنوات الثلاث الماضية، خاصة بعد ظهور ولي العهد، محمد بن سلمان، في الساحة الدولية، وكذلك دعم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، ترامب، له وتسامحه تجاه سياسته”.

ولفت إلى أن: “تركيا تسعى لإقامة علاقات ودية مع الدول العربية، مع الحفاظ على مبادئها، كما ظهر ذلك جليًا في أزمة قطر، وبالوقت نفسه تسعى لإنهاء التوترات الإقليمية عبر الجهات الإقليمية الفاعلة، بالتعاون المتبادل والمنافع المشتركة، دون وجود طرف ثالث”.

مؤكدًا أن: “القيادة السياسية القوية للرئيس، إردوغان، معروفة في المنطقة والعالم الإسلامي من قبل قادتها وشعوبها، وعلى هذا النحو فهو مؤثر للغاية، ومع ذلك لم يتم استغلال هذه القوة بطريقة من شأنها الإضرار بشعوب المنطقة، التي تشترك معها تركيا بروابط تاريخية واجتماعية وثقافية وكذلك دينية”.

واستطرد “تشيلك” بالقول أن” “السعودية ومصر وتركيا وإيران من الدول القوية في المنطقة، والدور التركي على الصعيد الدولي يزداد، من ثم فمعاداة تركيا عوضًا عن التعاون معها لا يفيد أحدًا، والأمر نفسه ينطبق على هذه الدول، وبالتأكيد هذا التقارب لن ينهي جميع الخلافات، ولكنه على الأقل يزرع بذرة طيبة على طريق ترميم العلاقات حتى لو كان الأمر مجرد خطوات بسيطة”.

فوز “بايدن” نقطة الإلتقاء..

أما “محجوب الزويري”، أستاذ دراسات الخليج وإيران، يرى أن: “تغير الإدارة في البيت الأبيض؛ كان سبب هذا التقارب، زاعمًا أنه لو فاز ترامب لما سعت الرياض له”.

وأشار “الزويري” إلى أن: “السعودية تبحث الآن عن حلول مرحلية للتعامل مع إدارة بايدن، بما في ذلك التقارب مع تركيا، خاصة أن موقفه السلبي تجاه البلدين يعتبر نقطة إلتقاء بينهما، وربما يكون ذلك دافعًا للرياض تحديدًا كي تعمل مع أنقرة لتحسين موقفها”.

موضحًا أنه: “بالمقابل؛ أنقرة غير قلقلة من أميركا وعينها لا تراقب بايدن، على عكس السعودية التي تخشى من ضغوط الإدارة الأميركية، خاصة في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، لذلك بدا الأمر وكأنها تريد إستمالة تركيا لجانبها خوفًا من ميل الأخيرة لصالح بايدن، لأن إنحياز أنقرة له سيضع الرياض في موقف سيء”.

“إردوغان” وظف المكالمة لمصلحته..

واعتبر المحلل السياسي، “عماد الدين الجبوري”، أنّ: “الاتصال الذي تم بين الملك سلمان والرئيس إردوغان؛ هو إجراء بروتوكولي بحت”، مشيرًا إلى أن: “الجانب التركي وظّف هذا الاتصال لمصحلته، ولكن أيضًا كان هناك ترحيب سعودي به”، وفق قوله.

موضحًا أن: “الملك سلمان لترؤسه القمة؛ اتصل على الرئيس، إردوغان، وذلك ضمن الإجراءات الرسمية”، لافتًا إلى أنّ الأخير: “وظف هذه المكالمة لفتح قنوات حوار لإزالة التوتر الحاصل بين البلدين خلال العامين الماضيين”.

واعتبر أن: “هذا الاتصال والتقارب مدخل مهم للطرفين، لا سيما للجانب التركي، فأنقرة خلال العامين الماضيين تعاني من الأزمة الاقتصادية وهبوط سعر الليرة والضغوط التي يتعرض لها قطاع الأعمال وتأثره بمقاطعة السلع التركية في الخليج والسعودية”.

ولفت “الجبوري” إلى أن: “الربط بين فوز بايدن والتقارب السعودي التركي؛ موجود فقط في الإعلام وليس على الصعيد الرسمي، من ثم فهو مجرد حكم استباقي”.

مضيفًا: “قطعًا حينما يستلم بايدن الرئاسة، حديثه سيختلف، ولا يمكن العودة إلى الماضي، أيضًا هناك علاقات استراتيجية لواشنطن مع كلا الجانبين، نعم قد يكون هناك عدم إرتياح سياسي بين بايدن والطرفين، ولكن كما قلت ربط التقارب بفوز بايدن هو حكم استنباطي”.

وتابع: “ولكن مع ذلك، هناك احتمالية بأن فوز بايدن قد يتسبب في هذا التقارب، لكن الأمر يتعلق بأنقرة أكثر، فهناك ضغوط خارجية وداخلية عليها، ولن ننسى أن الجانب الخارجي مهم لتركيا؛ فهي حققت نجاحًا مذهلاً وجيدًا في الحرب الأذرية الأرمنية، وتريد المحافظة على هذا النصر والربط الجغرافي المستقبلي مع أذربيجان، من ثم فهي في هذه الحالة بحاجة للسعودية التي تمثل الثقل الإسلامي ومركز القرار العربي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة