ما بين التأكيد والنفي .. أنباء الوساطة العراقية بين واشنطن وطهران تتصاعد .. فهل تستطيع نزع الفتيل ؟

ما بين التأكيد والنفي .. أنباء الوساطة العراقية بين واشنطن وطهران تتصاعد .. فهل تستطيع نزع الفتيل ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة لتخفيف حدة التوتر المتصاعد بين “واشنطن” و”طهران”، والتي من شأنها تحويل الأراضي العراقية إلى ساحة لمواجهة عسكرية بين البلدين، كشفت تقارير صحافية، أن “العراق” يقود جهود وساطة لتهدئة التوتر المتصاعد بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”إيران”.

وقالت صحيفة (إندبندنت عربية)، في تقرير لها؛ ونقلاً عن مسؤولين عراقيين، إن: “رئيس الحكومة، عادل عبدالمهدي، يسعى لفتح قناة تواصل فعالة بين واشنطن وطهران، منعًا لإنزلاق الأوضاع نحو هاوية الحرب”.

وأضافت أنه: “من المقرر أن يستضيف مكتب الرئيس العراقي اجتماعًا رفيعًا، تشارك فيه قيادات سياسية لبحث الدور العراقي في إحتواء التوتر العالي بين الولايات المتحدة وإيران”.

وأوضحت أن: “العراق يحاول تسريع جهود الوساطة، بعد إعلان مفاجيء من الولايات المتحدة بسحب موظفيها غير الضروريين من العراق، بسبب تهديدات إيرانية متزايدة”.

وقال مصدر مُقرب من رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، إن رئيس الوزراء سيزور، خلال اليومين المقبلين، “قطر” و”الكويت”، في جولة بالمنطقة تأتي إستكمالًا لزيارة “السعودية”، ودخولاً على خط الوساطة لحل الأزمة بين “أميركا” و”إيران”.

وأفاد مصدر قريب من رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، حسبما نقلت عنه وكالة (سبوتنيك)، بأن “روسيا” تتوسط لحل الأزمة بين “واشنطن” و”طهران”، بالإضافة إلى “العراق” ودول أخرى، موضحًا إن: “روسيا من بين الدول التي تتوسط لحل الأزمة، بين واشنطن وطهران، بالإضافة إلى قطر والعراق وسويسرا وعمان واليابان”.

وأضاف المصدر أن: “رئيس الوزراء يعمل على تفعيل هذه الوساطة خلال زيارته إلى قطر والكويت، خلال هذا الأسبوع”، مشيرًا إلى أن “عبدالمهدي”: “يزور خلال اليومين المقبلين، قطر والكويت، في جولة بالمنطقة، تأتي إستكمالًا لزيارة السعودية”.

وبحسب مصادر برلمانية؛ فإن الجانب الكويتي قريب من وجهة نظر “العراق”؛ بخصوص التوتر المتصاعد بين “واشنطن” و”طهران”.

وساطة على المستوى السياسي والحكومي..

في هذا السياق؛ كشف نائبان عن تيار “الحكمة” العراقي، الذي يترأسه، “عمار الحكيم”، عن مبادرة وساطة لخفض التوترات القائمة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”.

وقال عضو البرلمان العراقي عن تيار (الحكمة)، “حسن فدعم الجنابي”، إن “العراق” يقوم بوساطة بين الطرفين، في الوقت الراهن، على المستوى السياسي والحكومي، مشيرًا إلى أن موقع بلاده الجغرافي وعلاقاتها مع كافة الأطراف تؤهل “بغداد” للقيام بدور فاعل في المشهد.​​​

وأضاف “الجنابي” أن مبادرة الوساطة “أصبحت على الأرض فعليًا”، خاصة أن السفير البريطاني، في “بغداد”، زار نظيره الإيراني، خلال الأيام الماضية، كما تكرر الأمر أيضًا مع بعض السفراء من دول أخرى، فضلًا عن إجراءات غير معلنة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، تجري بوساطة عراقية لتخفيف حدة التوترات وعدم تصاعدها إلى درجة الحرب.

وتابع “الجنابي”؛ أن تراجع المواقف أصبح واضحًا بعد اللقاءات التي جرت، وقد تتجه الأوضاع نحو الاستقرار، إلا أن “شبح الحرب يلوح في الأفق حتى الآن”، وهو ما يثير المخاوف حال قيام أي طرف بإطلاق الرصاصة الأولى، كما حدث في واقعة الصاروخ الذي سقط بـ”المنطقة الخضراء”، بالقرب من “السفارة الأميركية”.

ولفت “الجنابي” إلى أن “الحكيم” لديه علاقات قوية مع الجانب الإيراني؛ وكذلك الأميركي، مبينًا أنه لعب هذا الدور من خلال لقاءاته المتعددة، حيث تفهم القادة من الجانبين، الأميركي والإيراني، القلق العراقي إثر التوترات المتصاعدة.

وأشار “الجنابي” إلى أن جلسات الحوار تجري بين بعض القادة من الجانبين، الإيراني والأميركي، بشكل شبه سري، بوساطات عراقية متعددة، من جهات سياسية وحكومية، ودول إقليمية، موضحًا أن الشروط الأميركية المعلنة غير الموجودة على الأرض، وبعضها يمكن لـ”إيران” التعامل معه.

وأكد “الجنابي” أن عقد اجتماعات بين الطرفين في “العراق”، خلال الفترة المقبلة، غير وراد حتى الآن، وقرار التراجع أصبح أقرب، إلا أن “الولايات المتحدة” ستستمر بالضغط الاقتصادي.

وشدد “الجنابي” على أن بعض الأطراف غير العراقية تسعى لإشعال الحرب، وهي تستغل عملاءها في الداخل العراقي، والذين يعملون مقابل أموال ومغريات أخرى للزج بـ”العراق” في الصراع، وأن الجميع سيدفع الثمن حال إقحام “العراق” في الصراع الراهن.

من ناحيته؛ قال النائب، “جاسم موحان البخاتي”، إن التصعيد الأخير بين “طهران” و”واشنطن”، وصل إلى مرحلة اللاعودة، وهو ما دفع “الحكيم” إلى طرح المبادرة، وعرض الوساطة من أجل حلحلة التوتر، خاصة أن “العراق” أول المتأثرين حال إندلاع الحرب.

وأضاف “البخاتي” أن “العراق” يمكن أن يلعب الدور الأبرز في ظل التوترات؛ لما له من علاقات مع الجانبين، ويمكنه أن يقرب وجهات النظر للجلوس على طاولة الحوار، مؤكدًا على أن هناك قابلية من الطرفين للتفاوض.

لديه علاقات مع الطرفين تمكنه من تقريب وجهات النظر..

وسبق أن أشار رئيس تيار “الحكمة الوطني” العراقي إلى أن التصعيد “الأميركي-الإيراني” يثير القلق لدى جميع دول المنطقة ويهدد أمنها.

وقال “الحكيم”، خلال استقباله القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، “غوي هود”: “دعونا إلى أن يكون ذلك مقدمة للوصول إلى حلول مناسبة وتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب وسياسات الحصار. وللعراق علاقات وثيقة مع الطرفين، تمكنه من أن يؤدي دور الوسيط لتقريب وجهات النظر وإنهاء حالة التوتر”.

وكان النائب عن تحالف (سائرون)، “رائد فهمي”، قد أكد أن لعب “العراق” لدور الوساطة في الأزمة بين “الولايات المتحدة” و”ايران” ينبغي أن ينطلق من مصلحة “العراق” أولاً، فيما أشار إلى أن “العراق” ينبغي أن يلعب دورًا محوريًا لإبعاد البلد عن نار الصراع “الأميركي-الإيراني”.

وقال “فهمي” إن: “أي خطوة يقوم بها العراق للعب دور الوساطة، بين واشنطن وطهران، بغية نزع فتيل الأزمة الحالية والتهديد بالتصعيد العسكري؛ ينبغي أن تنطلق من المصلحة الوطنية للعراق”، مبينًا أن: “تمحور العراق مع أي طرف على حساب الآخر، في تلك المعادلة، كما يحاول البعض، دفع العراق له تحت عناوين ومبررات شتى لن يكون بمصلحتنا”.

وأضاف أن: “القوى السياسية الوطنية ينبغي عليها توحيد الموقف والخطاب تجاه الأزمة الحالية؛ وبما يخدم المصالح الوطنية فقط”، لافتًا إلى أن: “العراق ينبغي أن يلعب دورًا محوريًا لإبعاد البلد عن نار هذا الصراع، وهذا لن يتحقق دون أن يكون هنالك موقف وإرادة وطنية قوية وذات بُعد كبير وحرص أكبر لخدمة العراق فقط دون أي ولاءات لطرف خارجي، وبعيدًا عن أي تأثيرات دولية أو إقليمية”.

رئاسة الجمهورية تنفي القيام بوساطة !

ووسط كل هذه الأنباء؛ نفت رئاسة الجمهورية، أمس الإثنين، وجود وساطة عراقية بشأن الصراع “الأميركي-الإيراني” المتصاعد، مؤكدًة على أن الطرفين لم يطلبا من “العراق” القيام بأية وساطة بينهما.

وقال المتحدث باسم الرئاسة، “لقمان فيلي”، في تصريح أوردته صحيفة (الشرق الأوسط)، إنه: “لا توجد وساطة حتى الآن، إذ إن الطرفين الأميركي والإيراني لم يطلبا مثل هذه الوساطة”، مؤكدًا على “وجود مسعى عراقي بإتجاه تحفيف حدة التوتر، كوننا معنيين بهذا الصراع وتداعياته علينا وعلى المنطقة بشكل عام”.

وأضاف “فيلي”: أن “التعامل مع الدول الأخرى، مهما كانت درجة علاقتنا بها قربًاً أو بُعدًا، يجب أن ينطلق وفق مبدأ ثابت وهو خطاب الدولة قبل أي خطاب لأي طرف آخر؛ لأننا في قلب هذا الصراع الحالي الآن في المنطقة، نظرًا لوجود أميركيين وإيرانيين في العراق، كما أن لدينا كدولة علاقات مع الطرفين، بالإضافة إلى أننا على خط التماس بينهما”.

وحول فحوى المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، في “العراق” أخيرًا، خصوصًا اجتماعه مع الرئيس، “برهم صالح”، أوضح “فيلي”؛ أن: “بومبيو أكد أن بلاده لا تريد الحرب مع إيران”، مبينًا أنهم “في الوقت الذي لا يريدون فيه تصعيدًا مع إيران، فإنهم واضحون في كيفية التعامل مع الأحداث بكل جدية وليس مجرد كلام”.

أضعف من القيام بدور الوساطة..

تعليقًا على الدور العراقي، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة “صلاح الدين”، الدكتور “عبدالحكيم خسرو”، أنه: “من غير الممكن الحديث عن وساطة يقوم بها العراق بشأن نزع فتيل الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران في هذه المرحلة، فالعراق أضعف من أن يقوم بمثل هكذا دور، والمسألة تُعد أكبر من ذلك، فهي تتعلق بإستراتيجية الولايات المتحدة وإيران، ولدى كل طرف سياسيات يقوم بإتباعها، وهو موضوع يتم بمعزل عن العراق، مع كونه ساحة للمواجهة منذ العام 2003 ولحد الآن، فأي سياسة جديدة للولايات المتحدة تجاه إيران هي تؤثر على العراق بصورة مباشرة”.

وأضاف “خسرو”: “رأينا كيف تأثر الوضع العراقي بهذا التوتر الحاصل بين طهران وواشنطن، سواء بحصار إيران أو الضغوطات الأميركية التي مورست على العراق حول ضرورة قيام بغداد بتطبيق هذا الحصار. كذلك يوجد مؤشر تمثل بتغيير السفير الأميركي في بغداد، وهذا يدل على أن الولايات المتحدة آخذة بالتصعيد وتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، وهذا لا يتم دون مواجهة وأخطاء ربما تؤدي إلى نتائج كارثية”.

لابد من تنازل إيراني لحل المشكلة..

وعن تعاون “العراق”، مع دول أخرى، للقيام بدور الوساطة، يقول “خسرو”: “حتى روسيا وأوروبا؛ لا يمكن لهما القيام بدور الوساطة والتدخل في الأزمة بين طهران وواشنطن، كون أن واشنطن لديها أجندة تريد تطبيقها في المرحلة القادمة، ولابد من تنازل إيراني تجاه حل المشكلة، لكن بالطبع سيكون لهذا التنازل ثمن كبير على الإيرانيين ونظامهم السياسي، لذا فإن طهران أمام مسألة مصيرية، إما التنازل والحفاظ على النظام السياسي أو الاستمرار في المواجهة والتصعيد”.

وأضاف “خسرو”: “يلاحظ أن إيران بدأت في استخدام أدواتها في الخليج واليمن وسوريا والعراق، وهي جميعها مؤشرات سلبية على بدء المواجهة، لذا لا يمكن للعراق الذي يعيش وضعًا حرجًا، من أن يقوم بدور الوساطة”.

المتضرر الأول من النزاع..

وتوقع النائب، “أراس حبيب”، أن يستمر تصاعد الأزمة “الأميركية-الإيرانية” لفترة أخرى دون أن تصل لحد المواجهة المباشرة.

وقال “حبيب”، في تصريح صحافي: “إن المواقف والتصريحات المتبادلة بين الطرفين أمر يحاول كل منهما من خلاله أن يستغل الظرف الإقليمي والدولي لصالحه عبر حشد التأييد والمواقف الداعمة”.

مضيفًا: “أن وصول الأمور إلى المواجهة المباشرة بينهما أمر مستبعد في ظل معرفتهما بمخاطر المواجهة عليهما أولًا وعلى مصالحهما في المنطقة والعالم”.

وشكك بقدرة السياسة العراقية على القيام بدور الوساطة بين الطرفين، مبينًا: “أن العراق المتضرر الأول من أي نزاع مستقبلي في المنطقة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة