خاص : كتب – عمر رياض :
هل تبرر الهجمات المتتالية لدولة الخلافة “داعش” ضد دولة أكتوبر في سيناء دخول أطراف البزنس الدولي إلى المنطقة الشرقية من مصر من أجل تأمين الحدود تحت شعار “التنمية” ؟
السؤال فرض نفسه مطلع الأسبوع الماضي، بعد إعلان “المملكة العربية السعودية” عن ضم محافظة سيناء الشمالية الحدودية المصرية إلى مشروع “نيوم” الاستثماري الضخم.
أما الإجابة على السؤال فتتطلب استعراض ما حدث طوال أسبوعين على أرض هذه المنطقة ذات التاريخ والجغرافية الأخطر في تاريخ مصر الحديث على الأقل.
هزائم دولة أكتوبر أمام دولة الخلافة..
طوال 44 عام لم تستكمل مصر وضع مشروع حقيقي للتنمية على أرض سيناء المستعادة في حرب 1973، كان ذلك بسبب الإستعادة المنقوصة؛ والتي أكتملت بعودة كل من مدينتي “طابا” و”العريش” وفق تفاوض انتهى باتفاقية “كامب ديفيد”.
وهي الإتفاقية التي منعت شروطها – مثل التقسيم الأمني – إقامة أي تنمية أو فرض سيادة حقيقية طوال تلك السنوات.
ظلت فيما بعد أسطورة “العبور والحرب” ومساعدات دول الخليج ومشاركة سوريا وبلدان اتفاقية الدفاع المشترك، هي الأسطورة التي تروجها “دولة أكتوبر”، منذ عهد الرئيس “محمد أنور السادات”، ثم توقف كل شيء هنا.
إحتفال سنوي، ربما يشارك فيه “القادة العرب”، كل عام؛ هكذا كانت دولة الجنرال تتذكر الأرض والشهداء.
حافظت الدولة بذلك على علاقتها بإسرائيل في شكل المنتصر، لكن وفق مساحة مرسومة مسبقاَ، تتلخص في بقاء الأرض دون تغير أو تنمية ونسيان تام للسكان هناك.
كان ذلك التهميش المفروض على المنطقة الشرقية منذ (حرب تشرين أول/أكتوبر)؛ سبباً أصيلاً لما وصلت إليه الأمور هناك بشهادة من عاشوا تلك الأيام هناك، دفع الفراغ وتوقف مشروعات التنمية وفساد الحكومات المتاعقبة، إلى اشتعال الحرب الأخيرة بين مسلحي التنظيمات؛ وآخرها الحرب المشتعلة بين “داعش” وبين آخر دولة الجنرالات.
انتهى شهر تشرين أول/أكتوبر 2017 – شهر الإحتفال – في سيناء بعدد جديد من الكوارث، أولها عندما فاجأت الجهات التنفيذية سكان “مدينة رفح” الحدودية ببدء تنفيذ المرحلة الثالثة من التهجير، في الرابع من تشرين أول/أكتوبر 2017 تحديداً، قبل يومين من الإحتفال بذكرى “حرب أكتوبر”، بدأت المرحلة الثالثة من تهجير سكان مدن محافظة شمال سيناء الحدودية، الإعلان جاء في إجتماع شعبي أقامه محافظ شمال سيناء – لواء جيش – وممثلو الأجهزة التنفذية وبعض ممثلين العائلات والقبائل في سيناء.
في الخامس من تشرين أول/أكتوبر، بدأ التنفيذ الفعلي على الأرض. مئات الأسر من مدينة “رفح” يلملمون أغاراضهم بلا جهة معلومة يتجهون إليها، لتبدأ جرافات “الهيئة الهندسية للقوات المسلحة”، المنوط بها تنفيذ خطة تهجير المنطقة العازلة بين مصر وغزة، العمل في هدم ونسف المنازل التي كانت تدعى بحائط الصد الأول ضد العدو طوال السنوات الماضية.. حدث هذا دون إخطار سابق أو إعلان واضح عن تعويض مادي حتى يتثنى لهم الإنتقال لمدينة أخرى.
نصف كيلومتر جديدة أضيفت لعمليات التهجير بحجة القضاء على “الإرهاب” وتأمين المنطقة الشرقية، وقبلها كيلومتر تم تهجيره على مرحلتين، قبل أن تصمت الدولة والأجهزة التنفيذية عن الحجم الحقيقي للمراحل، التي كان السكان دائماً ما يريدون معلومات ترسمية حول مساحتها الحقيقية.
لم ينتهي “الإرهاب” على حسب الخطط التي أعلنت أكثر من مرة على لسان “السيسي”، على العكس، تعترف الدولة بتطور نوعي في كل عملية كبيرة تقوم بها الجماعات المسلحة، والتي دائماً ما يعقبها تبرير من ماكينات الإعلام المصري، مثل إنها ليست “حرب نظامية” أو ما إلى ذلك.
كان آخر تلك التطورات دخول مجموعة المسلحين إلى “مدينة العريش”، عاصمة سيناء الشمالية، والسيطرة عليها لمدة حوالى ساعة كاملة ومهاجمة الإرتكازات الرئيسة للجيش، التي تعتبر من أكبر التأمينات للمنشآت الحيوية والبنوك، ونجحت العناصر المسلحة في الفرار بعد سرقة مبالغ تقدر بالملايين من البنوك في إرتباك واضح من قبل نقاط التأمين، بسبب المفاجأة، خلال العملية تحولت شوارع المدينة لساحة حرب حقيقية.
في الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” إلى فرنسا، والتي انتهت مع نهاية شهر تشرين أول/أكتوبر، قال “السيسي” أنه لن يستطيع حماية الحدود بأكملها.
كان هذا اعتراف أضيف إلى إعلان جديد قاله أيضاً، عن أن حجم مساحة التهجير الجديده قد يصل إلى 5 كيلومترات إضافية.
هل تدخل استثمارات الخليج من باب “حرب دولة الخلافة”..
مع نهاية تشرين أول/أكتوبر 2017، أعلن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” عن تفاصيل ضم منطقة شمال سيناء إلى مشروع “نيوم” الاستثماري الضخم الممتد زمنياً لعام 2030, يضم المشروع ثلاث دول وهي: “السعودية”؛ الممول الأكبر؛ و”الأردن” و”مصر”، ويصل حجم التمويل إلى 500 مليار دولار، وكانت السعودية قد حصلت العام الماضي على تنازل من الدولة المصرية عن جزيرتي “تيران وصنافير” الحدوديتان في سيناء أيضاً، مع وعد بمد جسر كبير يربط السعودية بمصر من هذه المنطقة، جاء ذلك وسط إعتراض كبير من المصريين فيما سمي بـ”صفقة القرن” لبيع الأرض، شهدت قمع شديد للمتظاهرين.
في هذا السياق، وتحت عنوان: “لن ننساكِ رفح”، جاءت الورقة التي أعدها الكاتب والباحث المصري “أشرف أيوب”، عن تاريخ آخر لـ”مشروع نيوم”.
في البداية يقول “أيوب”: أن “الإخلاء المتواتر لأهلنا في رفح التاريخية، (رافيا الفرعونية القديمة)، في مرحلته الثالثة الذي اتخذ النهج المتسارع مع إعلان محمد بن سلمان آل سعود عن مشروع (نيوم) الاستعماري، الذي سبق أن اتخذ جنرالات (كامب ديفيد)، كافة التدابير التشريعية والقانونية بالمشاركة فيه بتدويل سيناء؛ بداية من قانون “رفع رفح” (إحداثيات رفح 31° 16′ 51″ N – 34° 14′ 29″ E) من على الخريطة، بالقانون 444 لسنة 2014 بشأن نزع مظاهر وضع اليد أو الملكية بالأراضي المتاخمة للحدود بعمق 5 كم وبطول 1200م، ـ الحدود التي قال عنها السيسي في باريس أن جيشه: (غير قادر على حمايتها بالكامل).. صدق السيسي فجيشه يستعد للفرد خلال 6 ساعات لمواجهة الشعب – على حسب تصريح قاله وقت التنازل عن الجزيرتين – وأنه مشغول بإنشاء الطرق، وبناء الكباري التي تنهار، وعاصمتهم الجديدة المحصنة بسور كسور الصين العظيم، والتجارة في المحروقات والسلع الغذائية، والتسويق الفندقي والترفيهي لذويهم ومولاتهم ـ، واتخذ في (تشرين ثان) نوفمبر 2015، بعد الإنتهاء من إنشاء تفريعة جديدة لتوسعة قناة السويس، قراراً بتنفيذ البنية التحتية لمحور تنمية الاستثمار الأجنبي على ضفتي قناة السويس، وأخطر هذه التدابير التنازل عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، مساساً بالأمن القومي المصري، باتفاقية خيانة الحدود البحرية مع آل سعود في (نيسان) إبريل 2016، وإلغاء كل حقوق مكتسبة للمصريين؛ سكان سيناء؛ بحكم التاريخ والأمر الواقع أو قرارات تعتد بأملاكهم للأراضي المبنية والمنزرعة، بقرار تنفيذي لتطبيع وتجسيد القرارات السابقة واقع وقعه رئيس وزراء السيسي في مطلع هذا العام برقم 215 لسنة 2017 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنمية شبه جزيرة سيناء.
“وبعد نجاح جزئي لحملة (لن نترك سيناء)؛ تم البدء في إنشاء البنية الأساسية لمدينة “رفح الجديدة” جنوب الطريق الدولي عند مفارق أبو شنار (سادوت) و”ولىّ لافي” جنوب غرب حدود الـ 5 كم الجاري تفريغها خصماً من 15 كم، المسافة بين الحدود مع قطاع غزة ومركز الشيخ زويد بطول 14 كم في مساحة محدودة، تبدأ أولاً بالمباني الحكومية والخدمية على أحدث طراز معماري كما يروج عن المدينة، ثم الإسكان للمواطنين الذين لم يحصلوا على تعويض مقابل منازلهم، وبما أن الغالبية العظمى من أهلنا حصلوا على تعويضات مقابل المباني والمزروعات، بالتالي من سيسكن المدينة الجديدة عدد محدود، أي ليس هناك مجال للتوسع العمراني في مدينة عرضها 10 كم، وإن كان فسيكون طولي بمحاذاة 41 كم أي المسافة التي تقابل الحدود مع فلسطين التي احتلها العدو الصهيوني عام 1948، حتى الحدود مع مركز الحسنة الذي يبعد 55 كم من ساحل البحر (طول مركز رفح 41 كم مع أراضي 48+14 قطاع غزة)، أو على حساب مركز الشيخ زويد لتلتصق بمدينة الشيخ زويد وجزء عضوي منها لوحدة الثقافة والانتماء القبلي، وبالتالي تخدم (رفح الجديدة) مشروع (نيوم) الاستعماري، لأن موقعها المختار تمدده جنوباً بمحاذاة فلسطين 1948، حيث جاء الإعلان عن المشروع جوهر صفقة القرن في الذكرى السنوية لوعد بلفور المشئوم للصهاينة، الذي تحتفل به رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي”.