لهيب الصراع يزداد .. إسقاط “الحرس الثوري” للطائرة المُسيرة ينتظر ردًا أميركيًا غير متوقع !

لهيب الصراع يزداد .. إسقاط “الحرس الثوري” للطائرة المُسيرة ينتظر ردًا أميركيًا غير متوقع !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تسير الأمور بصفة مستمرة بين “إيران” و”أميركا” نحو التصاعد والتعقيد، وهو المؤشر الذي ينبيء بعدم التهدئة المستقبلية بين الطرفين، فبعد أسبوع واحد فقط من حادث ناقلتي نفط “خليج عُمان”، أعلنت قوات “الحرس الثوري” الإيرانية، أمس الخميس، إسقاط طائرة تجسس أميركية مُسيرة، بعد اختراقها المجال الجوي لـ”الجمهورية الإسلامية”، حسبما نقل التليفزيون الرسمي الإيراني.

وقال “الحرس الثوري” الإيراني إن الطائرة الأميركية المُسيرة تنتمي إلى طراز (غلوبال هوك)، واُسقطت بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية لـ”الحرس الثوري”، في محافظة “هرمزكان”، جنوب “إيران”.

وأكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، “علي شمخاني”، أن أجواء “إيران” خط أحمر؛ وأن بلاده سترد بقوة على أي معتد.

وشدد “شمخاني” على أن “إيران” أكدت، مرارًا، أنها ستدافع بكل قوة عن أجوائها ومياهها الإقليمية، وأن أجواءها خط أحمر ولا فرق لديها لمن تتبع أي طائرة تخترق أجواءها.

تقديم شكوى للأمم المتحدة..

كما نددت “وزارة الخارجية الإيرانية” بما وصفته؛ بإنتهاك طائرة أميركية بلا طيار لمجال “إيران” الجوي، محذرة، بحسب ما قاله التليفزيون الرسمي، من عواقب مثل هذا الإجراء “الاستفزازي”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، في بيان: “ندين بشدة اختراق طائرة تجسس أميركية دون طيار أجواء الجمهورية الإسلامية”.

وأضاف “موسوي”: “نحتج بشدة على هذه الأفعال العدوانية والاستفزازية من قِبل الولايات المتحدة الأميركية، وحيث دخلت طائرة دون طيار بشكل غير شرعي وعدائي إلى سماء بلادنا، نحذر من مثل هذه الأعمال ومن إنتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، مؤكدًا على أن عواقب ومسؤولية مثل هذه الأفعال تقع على عاتق من يرتكبها ويعتدي على “إيران”.

ثم قال “موسوي”، في تصريحات للإذاعة الإيرانية الرسمية: “قدمنا احتجاجًا وشكوى من خلال القنوات الدبلوماسية والقانونية والسياسية، وخاصة من خلال آلية الأمم المتحدة”.

من جهته؛ قال وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إن “الولايات المتحدة” تكذب بشأن إسقاط بلاده الطائرة المسيرة في المياه الدولية.

وكتب “ظريف”، على حسابه الرسمي بـ (تويتر): “أميركا تشن إرهابًا اقتصاديًا على إيران؛ ونفذت عملًا سريًا ضدنا والآن تتعدى على أراضينا”.

وأضاف: “لا نسعى للحرب؛ لكننا سندافع بحماس عن مجالنا الجوي وأراضينا ومياهنا الإقليمية”.

وتابع: “سنطرح هذا الإعتداء الجديد على الأمم المتحدة ونُظهر أن الولايات المتحدة تكذب بشأن المياه الدولية”.

الرد الأميركي سيكون قريب..

فيما اعتبر الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، أن إيران “إرتكبت خطأ جسيمًا جدًا” بإسقاط الطائرة الأميركية المُسيرة قرب “مضيق هرمز”.

ولم تكشف تغريدة “ترامب”، المقتضبة؛ ما إذا كانت بلاده تنوي الرد على ما فعلته “إيران”، إلا أن مسؤولًا أميركيًا قال إن “الولايات المتحدة” تنوي إرسال قطع بحرية إلى موقع حطام الطائرة.

كما أعلن أن الطائرة المسيرة كانت غير مسلحة؛ وكانت في المياه الدولية بصورة واضحة، والأمر كان سيختلف كثيرًا لو كانت مأهولة.

وأجاب “ترامب”، ردًا على سؤال عما إذا كانت “الولايات المتحدة” ستضرب “إيران” ردًا على إسقاط طائرة أميركية مسيرة “ستعرفون قريبًا”.

وأضاف أنه: “لا يشعر أن إدارته تدفعه نحو الصراع وإنها تفعل عكس ذلك تمامًا في بعض الحالات”.

هجوم غير مبرر..

وتقول “أميركا” إن “إيران” أسقطت، “بلا مبرر”، بصاروخ “أرض-جو” طائرة بدون طيار أميركية فوق مياه “مضيق هرمز”.

وقال الكابتن، “بيل أوربان”، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي، إن الطائرة التي أسقطت هي طائرة استطلاع، واصفًا ما حدث بأنه: “هجوم غير مبرر على مورد (سلاح) استطلاع أميركي في الأجواء الدولية”.

ووصف إعلان “إيران” أن الطائرة استُهدفت في الأجواء الإيرانية؛ بأنه “كاذب”.

وكانت وكالة (رويترز) قد نقلت عن مسؤول أميركي قوله إن الطائرة من طراز (تريتون. إم. كيو-4 سي) تابعة للبحرية الأميركية.

وتقول شركة “نورثروب غرومان”، المصنعة للطائرة، في موقعها على الإنترنت، إن ذلك النوع من الطائرات يستطيع الطيران لمدة 24 ساعة متواصلة على ارتفاع أكثر من 10 أميال، والعمل على مساحة 8200 ميل بحري.

احتمال التحول لحرب مدمرة..

الحادث الجديد يأتي في خضم المواجهة بين “واشنطن” و”طهران”؛ التي حذر المراقبون الدوليون من احتمالية تحولها إلى حرب مُدمرة مع مرور الوقت، لا سيما بعد تصعيد الجيش الأميركي، أمس الأول الأربعاء، اتهاماته لـ”إيران” بالمسؤولية عن هجوم على ناقلة نفط يابانية في “بحر عُمان”، في 13 حزيران/يونيو 2019، إذ تعرضّت ناقلة نفط يابانية وأخرى نرويغية، الخميس الماضي، لهجومين فيما كانتا تبحران قرب “مضيق هرمز”.

ووقع الهجومان بعد شهر من تعرّض ناقلتي نفط سعوديتين وناقلة نرويغية وسفينة شحن إماراتية لعمليات “تخريبية”. ووجهت “واشنطن”، آنذاك، أصابع الاتهام إلى “طهران” التي نفت أي مسؤولية.

وكان الجيش الأميركي قد أكد، منذ أيام، محاولة من جانب “إيران” لإسقاط طائرة أميركية مُسيرة، الأسبوع الماضي، كما أكد إسقاط واحدة، في السادس من حزيران/يونيو 2019، من قِبل جماعة “الحوثي” الشيعية في “اليمن”.

تحذير من التفويض بشن الحرب..

وقبل ساعات من الحادث الأخير، حذّر نواب أميركيون من استخدام تفويض بشن الحرب كان قد أُقر في أعقاب إعتداءات 11 أيلول/سبتمبر؛ لمهاجمة “إيران”، منتزعين في ذلك إقرارًا من الممثل الأميركي الخاص بـ”إيران” بأن “طهران” لم تقف وراء إعتداءات العام 2001.

ورفض الممثل الأميركي الخاص بإيران، “براين هوك”، مرارًا حسم جدل حول ما إذا كان لدى الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الحق بشن هجوم على “إيران”، مكررًا تصريحات غير ملزمة لوزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، أدلى بها في “الكونغرس”، في نيسان/أبريل 2019.

وقال “هوك”، أمام هيئة منبثقة عن “لجنة الشؤون الخارجية” في مجلس النواب: “لست خبيرًا في قانون سلطات الحرب. ما يمكنني قوله هو أن كل ما سنقوم به سيكون قانونيًا”.

لكن ردًا على سؤال وجهه إليه النائب الديموقراطي، “براد شيرمان”، حول ما إذا كانت “إيران” تتحمل مسؤولية سقوط قتلى أميركيين في إعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، أجاب هوك بـ”كلا”.

وأكد “هوك” على أن أي عمل عسكري أميركي محتمل ضد “إيران” سيكون دفاعيًا؛ قائلًا: “لا أحد يتحدث عن عمل هجومي”.

وكان وزير الخارجية الأميركي قد قال، في نيسان/أبريل الماضي، لدى مثوله أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ؛ “لا شك” أن هناك رابط بين “نظام الملالي” في “إيران” وتنظيم (القاعدة).

تعلن جاهزيتها في التصعيد العسكري..

تعليقًا على إسقاط الطائرة المسيرة، قال الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، “محمد غروي”؛ إن: “إيران عندما أطلقت مهلة الشهرين بخصوص الاتفاق النووي، غيرت بذلك أسلوب التعاون مع المجتمع الدولي عامة، والأميركي خاصة، وانتقلت من حالة الدفاع إلى إستراتيجية الهجوم الدفاعي”.

وأضاف أن: “إيران صبرت لمدة عام كامل بعد الخرق الأميركي للاتفاق النووي، وتجاه مسايرة الأوروبيين لأميركا في مسألة العقوبات، لكن الآن صبرها نفذ”.

وعن دلالات إسقاط “الحرس الثوري” للطائرة الأميركية، أكد على أن: “طهران دخلت مرحلة جديدة في الشق العسكري، وتريد أن تقول إنها جاهزة لأي تصعيد عسكري، خصوصًا وأن السلاح المستخدم اليوم إيراني”.

وأشار إلى أن: “طهران أعلنت الساعة التي أقلعت فيها الطائرة من الأراضي الخليجية، لتؤكد على رصدها كل التحركات الأميركية، ليس وقت دخولها الأجواء الإيرانية، بل وقت إقلاعها”.

وتابع أن: “كل تلك الرسائل تريد منها إيران أن تعلن استعدادها للدخول في حرب إلى أقصى درجة، لكنها لا تريد هذه الحرب الآن، إلا لو فرضت عليها، فستدافع عن نفسها”.

وختم بالقول: “القدرات التي أظهرها اليوم، الحرس الثوري الإيراني، ما هي إلا 20% من القدارت العسكرية الموجودة في طهران”.

لا تخضع لتهديدات..

من جانبه؛ قال “صباح زنكنة”، المحلل السياسي الإيراني، إن: “ترامب أدرك أن إيران دولة كبيرة لا يمكن أن تخضع لتهديدات أو لضغوط سياسية أو إعلامية، وأن عليه التعامل باحترام أكبر مع طهران”.

وأضاف أن: “ترامب أدرك أن عليه تبني طريقة للوصول إلى حلول؛ بعيدًا عن العنجهية، والتهديدات المسلحة بحاملة طائرات أو غيرها”.

وأشار إلى أن: “الحرس الثوري يطرح ما توصل إليه من منتجات وأسلحة، لكن القرار السياسي بيد إيران، وهي ملتزمة بعدم التصعيد أو الدخول في حرب، لكن أي عملية تهدد مصالح طهران في المنطقة أو في الداخل الإيراني سيكون له عواقب وخيمة على القوة المعتدية ومن تحالف معها بدون أي تردد”.

وكانت “الولايات المتحدة” قد أعلنت عن انسحابها من “الاتفاق النووي”، الموقع مع “إيران”، يوم 8 أيار/مايو من عام 2018، وإعادة فرض جميع العقوبات ضد “طهران”، بما في ذلك العقوبات الثانوية ضد الدول الأخرى التي تتعامل مع “إيران”.

وندد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بالاتفاق، الذي وقعه سلفه، “باراك أوباما”، بوصفه معيبًا لأنه لا يحجم طموحات “إيران” النووية بشكل دائم ولا يشمل برنامجها للصواريخ (الباليستية)؛ ودورها في الصراعات بالشرق الأوسط.

وأرسلت “الولايات المتحدة” تعزيزات عسكرية إلى الشرق الأوسط؛ تضمنت حاملة طائرات وقاذفات من طراز (بي-52)، وصواريخ (باتريوت)، في استعراض للقوة في مواجهة ما يقول مسؤولون، من “الولايات المتحدة”؛ إنه تهديدات إيرانية للقوات والمصالح الأميركية في المنطقة.

ما هي منظومة “سوم خرداد” ؟

يُذكر أن (سوم خرداد)؛ هي منظومة دفاع جوي صنعتها “إيران” محليًا، وتم الكشف عنها عام 2014، وهي منظومة محمولة ومزودة برادار متطور يمكنها إعتراض 4 أهداف في آن واحد.

ويمكن للمنظومة استهداف الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل وصواريخ (كروز) على ارتفاع يصل إلى 25 كيلومترًا، ومدى يصل إلى 50 كم، بينما يجري تطويرها ليصل مداها إلى 200 كم، بحسب وكالة (تسنيم) الإيرانية.

ماذا عن الطائرة المستهدفة ؟

وعن أن الطائرة الأميركية المسيرة من طراز (إم. كيو. 4 سي. ترايتون)، التي تتبع “البحرية الأميركية”، تصنعها شركة “نورثروب غرومان” الأميركية، ويستخدمها الجيش الأميركي في مهام الإستطلاع البحري، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن المواقع المعادية.

ويمكن للطائرة رصد أهداف في محيط دائرة قطرها 360 كم؛ ويتم إدارتها بواسطة طيارين من قاعدة أرضية، بحسب موقع (إيرفورس).

كما يمكنها قطع مسافات تصل إلى 15.1 ألف كم، قبل العودة لنقطة إنطلاقها، ويمكنها رصد أهداف أثناء التحليق في نطاق دائرة قطرها 360 كم.

وتصل سرعة تحليقها إلى 331 عقدة، (613 كم/الساعة)، وتحمل أجهزة تجسس عالية الدقة، ويمكنها التحليق على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم، (15.2 كم).

ويصل وزن الطائرة إلى 14.6 طن تقريبًا، ويصل طولها إلى 14.5 متر؛ وارتفاعها 4.6 متر، والمسافة بين طرفي الجناحين 39.9 متر.

ويمكن للطائرة التحليق دون العودة إلى قواعدها على مدى 24 ساعة متواصلة، وتقوم بتزويد القواعد الأرضية بالمعلومات الاستخباراتية، التي ترصدها خلال إستطلاع المواقع المعادية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة