13 يونيو، 2025 12:06 م

لن تكفي أموال العالم لإعمار العراق !

لن تكفي أموال العالم لإعمار العراق !

بغداد – خاص
بدا حديث مجموعة من الكتاب والناشطين العراقيين على هامش واحدة من الفعاليات الثقافية في مقهى “كهوة وكتاب” ببغداد، تكثيفاً لفكرة جمهرة واسعة من مواطنيهم حول مؤتمر الكويت لمساعدة العراق .
الجميع متفقون على ضرورات من نوع :
*أن لا تسلم الأموال للجانب العراقي، سواء كان ممثلاً بالحكومة المركزية أم الحكومات المحلية، فهي تمثيل حقيقي لإخطبوط الفساد، بل تتولى الدولة أو الجهة المتبرعة تنفيذ مشاريع حقيقية تحتاجها البلاد، عبر شركات محترمة تتعاقد معها.
*أن لا تسند مقاولات مشاريع إعادة الإعمار حتى وإن كانت صغيرة لجهات عراقية، فهي ستكون واجهات لقوى الفساد الحاكمة وشريكة لها.
*أن تبدأ القوى الدولية بمشاريع بناء مؤسسات مالية تعتمد الشفافية فبدونها لا يمكن لأي عجلة بناء أن تدور، ومع مؤسسات مالية عراقية هي واجهات لقوى مسلحة خارجة على القانون وقوى سلطة الفساد الحاكمة، لا يمكن أن تكون الأموال إلا رافعات لتلك القوى وحركتها المدمرة.
*أن تضع القوى الدولية معادلة أمام الجهات العراقية مفادها: الأموال مقابل الشفافية في أشكال إنفاقها ضمن نظام محاسبة تديره مؤسسات عالمية مشهود لها بالكفاءة.
كل تلك الأفكار- المقترحات ومعظمها واقعي وقابل للتنفيذ، تنتظم في فكرة محددة هي، إن لا فائدة ترتجى من أي أموال تخصص لإعمار العراق ومساعدته بوجود دولة الفساد والجريمة المنظمة الحاكمة.
وهذه خلاصة ليست بعيدة عن الواقع، فالعراق، وعلى الرغم تدني أسعار النفط، جمع نحو 150 مليار دولار في السنوات الثلاث الماضية، وهي تكفي بربع نزاهة وليس نزاهة تامة، لسد نفقات البلاد العادية والاستثنائية التي تعنيها الحرب على الإرهاب.
كما إن الجهات الدائنة (بلغت ديون العراق نحو 125 مليار دولار) عليها أن تلزم الحكومة العراقية، أن لا مزيد من الديون دون مشروعات محددة تتحول الى واقع عبر مشروعات منتجة، ترد بعضا من تلك الديون التي إن ظلت وتائرها على هذا النحو فستظل البلاد مكبلة بديون راح معظمها لتغطية شبكات الفساد التي تمثلها القوى الحاكمة وشبكات القوى المسلحة الخارجة على القانون.
ولا تبتعد عن الواقع تلك الآراء التي تقول ان لا فائدة ترتجى من أموال جديدة تقدم للعراق دون أن يقوم بجهد حقيقي لتخفيض نفقاته وفقا للتقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي وفيه:
*يبلغ الإنفاق العام في العراق مستويات عالية مقارنة بالمستويات الدولية .
*الإنفاق العام في العراق يذهب بمعظمه إلى كبار المسؤولين وموظفي الحكومة وشبكة الحماية الاجتماعية والتقاعد وتعويضات ضحايا النظام السابق.
*غياب أي رقابة وسيطرة على فاتورة أجور العاملين في الحكومة .
*عدد الوظائف كبير جدا لا يعكس العدد الحقيقي للموظفين، أي هناك صرف رواتب لأشخاص لا يعملون.
*عدم وجود إدارة مركزية للموارد البشرية يزيد من حالات التغيب عن العمل أو الاحتيال المتفشية في قطاع العمل الحكومي وهو يكاد يكون الوحيد في العراق.
*إرتفاع أجور القطاع العام نسبيا وما يوفره من أمن وظيفي يضعف نمو الوظائف في القطاع الخاص.
*ضرورة إصلاح برنامج الرعاية الاجتماعية وتوجيهه للمستحقين بما يؤدي إلى معالجة الفقر.
*يتعين على الحكومة العراقية إدخال تعديلات أخرى على مشروع قانون التقاعد.
*مراجعة البرامج المالية المخصصة لضحايا النظام السابق وتوجيهها إلى المستحقين والحد من
إساءة استخدامها وهو السائد حاليا.
*التدابير المذكورة آنفا أساسية ومهمة لتوفير الحيز المالي الذي يكفل وضع العراق على مسار النمو.
إنتهت تلك الجلسة البغدادية على وقع جملة قالها أحد الصحافيين تبدو طريفة ولكنها لا تخلو من واقعية: ” كل أموال العالم لن تكفي لإعمار العراق بوجود هذه السلطة الفاسدة بكل اشكالها السياسية والمسلحة ونظامها الاقتصادي القائم على النهب الواسع والمنظم وما دخل إلى العراق بعد 2003 يكفي لبناء عشرات البلدان وليس بلدا واحدا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة