في يوم الاحتفال بعيد الأم شهدت العاصمة بيروت مظاهرة نفذتها مجموعة من الأمهات، للتنديد بالوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور، ونادت المتظاهرات بإسقاط النظام ومحاسبة المسؤولين. في حين بدأ للتو اعتصام من جانب نشطاء أمام مبنى التلفزيون في العاصمة بيروت للتنديد بسلوك الطبقة السياسية المتنفذة في لبنان الذي يبدو أن الساسة فيه يرقصون الآن رقصتهم الأخيرة قبل السقوط الكبير المتوقع للدولة اللبنانية.
لكن في نفس الوقت وفي خطوة مفاجئة اصطف وليد جنبلاط زعيم الطائفة الدرزية، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي لأول مرة علنا بجانب سعد الدين الحريري رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف منذ 22 أكتوبر 2020 ، والذي عجز حتى الان عن استكمال تشكيل حكومته، ولكن يمكن تفسير الاصطفاف المفاجئ من جانب جنبلاط بجوار الحريري بأن جنبلاط أدرك متأخرا أن التوافق بين السنّة والشيعة قد يؤدّي إلى عزل الطوائف الأخرى ومنها الطائفتان الدرزية والمارونية.
وفي منحى جديد قالت مصادر إعلامية في بيروت اليوم أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وضع سقفا زمنيا نهائيا لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، ولكن لم تحدد المجلة المهلة الأخيرة الممنوحة من جانب ماكرون للساسة في لبنان لحل أزمة تشكيل الحكومة المزمنة، ويبدو أن باريس نفسها لم تطلع أى من الأطراف اللبنانية على السقف الزمني الذي حددته للحريري.
ولكن مع ذلك فقد أشارت هذه المصادر إلى ما اعتبرته التفويض الممنوح من واشنطن في ظل ادارة جو بايدن لباريس في مجال مبادرتها حيال لبنان، معتبرة أن هذا التفويض ليس صورياً كما كان في عهد سلفه دونالد ترامب، وأن هذا التفويض جاء حرصاً على حماية ما تبقى على صعيد الوجود المسيحي في منطقة المشرق بعد عمليات التهجير القاسية التي شهدها المجتمع المسيجي في العراق وسوريا، إضافة الى أسباب اخرى بعضها غير واضح حتى الان.
ولكن في نفس الوقت فإن السعوديين، وهم الرعاة الحقيقيون لسعد الحريري، يظهرون عدم اكتراث بالضغط على حليفهم للإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وحيث لا يريد السعوديون أن يظهروا بمظهر من يتبع الإيرانيين وحلفائهم من حزب الله أينما ذهبوا تاركين لبنان لمصيره المجهول وحيث يستدعي اللبنانيون مقولة الرئيس اللبناني ميشال عون من أن لبنان ذاهب للجحيم.