22 ديسمبر، 2024 2:52 م

لأربعة أسباب .. “لبنان” يشهد تحول ثوري حقيقي !

لأربعة أسباب .. “لبنان” يشهد تحول ثوري حقيقي !

خاص : كتبت – لميس السيد :

على الرغم من إجتياح المظاهرات عدة مدن في العالم، إلا أن متابعو “الثورة اللبنانية” يعتبرونها ثورة من نوع خاص، مبهجة وذات مظهر سعيد.

ترى “سمر المصري”، أستاذ مساعد بمركز “العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار بعد إنتهاء الصراع” بجامعة “ويسترن أونتاريو”، أن المظاهرات في “لبنان” ليست كما تبدو بمظاهر ثورية لم يشهدها الشعب اللبناني من قبل، ولكنها أيضًا ثورة تعود لصراع حقيقي ومطالب جدية وقدرة فائقة على حشد المتظاهرين من جميع الأطياف والفئات العمرية دون قياديين.

تشكيل الثورة..

لقد كان الاقتصاد اللبناني في حالة انخفاض حر، حيث سجل دين حكومي يعادل 152 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع تفشي الفساد وإنهيار الخدمات العامة، وإزدياد معدلات البطالة. يحدث هذا في وقت ترتفع فيه تكلفة المعيشة عالميًا، مع توقعات بالمزيد من تدابير التقشف، حيث تحاول الحكومة خفض العجز وسن الإصلاح الاقتصادي لإطلاق مليارات الدولارات من القروض الميسرة من المانحين الدوليين.

في 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، كان لدى الكثير من الناس ما يكفي للاحتجاج. اندلعت المظاهرات استجابة للضرائب الجديدة المقترحة؛ ثم انتشرت في جميع أنحاء البلاد، ونمت بشكل كبير لتصبح الأكبر في تاريخ “لبنان”، بمطالب داخلية بحتة، موجهة مباشرة إلى المؤسسة السياسية.

لا يشمل ذلك استقالة الحكومة التي إنهارت، في 29 تشرين أول/أكتوبر الماضي، وتعيين حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فحسب، ولكن أيضًا محاسبة جميع السياسيين.

تؤكد الكاتبة، “سمر المصري”، في مقالها المنشور بصحيفة (غلوب أند ميل) الكندية، أن التعبئة التي يشهدها “لبنان” اليوم للمتظاهرين قد تؤدي لتحول ثوري حقيقي لهذه الأسباب..

تجاوز الطائفية..

أولاً؛ لأن المظاهرات تعتبر أقوى مظهر من مظاهر “المصالحة الوطنية”، منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، في عام 1990، حيث توحّد المواطنون اللبنانيون من جميع الطوائف ضد المؤسسة السياسية، ولوحوا بالعلم اللبناني فقط، ورددوا الأغاني الوطنية وأكدوا على وحدتهم.

لم تقتصر الاحتجاجات على “بيروت”، المدينة الأكثر تنوعًا من الناحية الدينية في “لبنان”، ولكنها إمتدت إلى مناطق ذات إنتماءات دينية، مثل “طرابلس”؛ (سُنية)، “النبطية”؛ (شيعية)، “جلال ديب”؛ (مسيحية)، و”عالية”؛ (الدروز).

أصبحت الإيماءات الرمزية العفوية للتضامن بين المواطنين الذين ينضمون إلى مظاهرات بعضهم البعض سمة أخرى للثورة. بالإضافة إلى ذلك، حطم مشهد الاحتجاج في “ميدان النور”، في “طرابلس”، والذي أُطلق عليه “عروس الثورة”، المفهوم الخاطيء السائد بأن ثاني أكبر مدينة في “لبنان”؛ هي مكان للمتطرفين السُنة.

إسقاط الزعامة الطائفية..

ثانيًا؛ في بلد يسود فيه الطائفية والولاء للزعيم بشكل عميق، فإن وجود ثورة وطنية عفوية بلا قيادة أمر غير مسبوق، حيث اندلعت احتجاجات ضخمة في مناطق تُعتبر معاقل للقادة الرئيسيين في “لبنان”، بما في ذلك؛ “بعلبك” و”النبطية”، معاقل (حزب الله).

وتتابع الكاتبة؛ أن المتظاهرين، الذين يدعون إلى سقوط النظام الطائفي، يبدون مصممون على عدم السماح لأي قائد سياسي بالتحدث نيابة عنهم، خاصة مع رفع لافتات: “كلن يعني كلن”، التي تهدف لإزالة جميع أفراد الطبقة السياسية من جميع الطوائف كمسؤولين عن الفساد.

المرأة .. حامية الثورة..

ثالثًا؛ الدور القيادي للمرأة كان قويًا. أصبحت صورة امرأة لبنانية وهي ترفس حارسًا مسلحًا لمنعه من إطلاق النار على المتظاهرين، من أوائل الرموز للثورة.

من وجهة نظر الكاتبة؛ ترى أن النساء شكلن “قلب الثورة”، وقدن الهتافات، وبناء الخيام، وإغلاق الطرق، وغالبًا ما شكلن خط الدفاع الأول الذي يفصل الجيش عن بقية المحتجين.

جيل شَكل ملامح ثورته..

أخيرًا؛ أظهرت الثورة، لشباب “لبنان”، أن صوتهم مهم. تقول “سمر المصري”؛ أن أكثرمن 40 في المئة من سكان “لبنان” تقل أعمارهم عن 24 عامًا، مما يعني أنهم لم يشهدوا “الحرب الأهلية” مطلقًا، وبالتالي لا يستجيبون إلى حد كبير للخوف الطائفي من إشعال صراع داخلي جديد.

ولذلك، حطموا ما يُعرف باسم جدار الخوف في “لبنان” والتراجع خشية الحرب الأهلية؛ ومضوا في مواجهة حقيقية للسلطة في بلادهم. لقد رأوا أن رسائلهم السلمية، وقدرتهم حتى الآن على تجنب الوقوع في الفخ الطائفي ومختلف إستراتيجياتهم المتطورة والسلمية كانت ناجحة في الحفاظ على الضغط على السياسيين.

ولثورتهم سمات خاصة، شملت تنظيم مظاهرات حاشدة، وإغلاق الطرق، والاعتصامات، والمسيرات النسائية والطلابية الضخمة. ولم تتضمن فقط مبادرات إعادة التدوير وحملات نظافة للشوارع، ولكن أيضًا جلسات نقاش تثقيفية نابضة بالحياة في الساحات لنزع فتيل الخوف ومساعدة الناس على فهم الوضع السياسي والقانوني والاقتصادي في البلاد.

لا شك أن “الثورة اللبنانية” تواجه معركة شاقة، في وقت كانت فيه البلاد على وشك الإنهيار الاقتصادي. ومع ذلك، فإن المحتجين اللبنانيين اليوم في حالة تأهب، مليئون بالأمل والفخر والتصميم على بناء البلد. ليس هناك شك في أن تعبئتهم قد بدأت صحوة وطنية بين المواطنين من جميع الأعمار، وهذا لن يتم إنهاءه بسهولة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة