وكالات – كتابات :
نشرت مجلة (فوربس) الأميركية تقريرًا؛ أعدَّه الصحافي، “جون براندون”، المتخصص في تغطية اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي، يستشرف فيه مستقبل (فيس بوك)، عام 2035، وفي البداية يُشير الكاتب إلى أن التنبؤات التي تشي بزوال (فيس بوك) قد تكون سابقة لأوانها بعض الشيء، ذلك أن الحقيقة تُشير إلى أن هذه الشبكة الاجتماعية سوف تتطور على مدى السنوات الـ 15 القادمة؛ إلى شيء نكاد لا نعرفه اليوم، لافتًا إلى أن (فيس بوك)، وهي إحدى أبرز الشركات المهيمنة في صناعة تكنولوجيا المعلومات، لن يطويها النسيان في المستقبل القريب، مع حوالي: 03 مليارات مستخدم وشركة أم، (تُسمى الآن ميتا)؛ لديها احتياطيات نقدية هائلة.
وأوضح “براندون”؛ أن (فيس بوك) عبارة عن وحدة تكنولوجية متجانسة، على الرغم من كل المعلومات الخطأ المتفشية والواسعة الانتشار، وعقلية “خط الأنابيب”، (في إشارة إلى ما ورد في وثيقة داخلية مسربة من “فيس بوك”، والتي أظهرت أن الشركة ترى المراهقين على أنهم: “خط أنابيب”؛ إذ تستقطب الشركة المراهقين من خلال تطبيق ودود لا يُركز كثيرًا على الروابط والإعلانات مثل “إنستغرام”، ومن ثم ينتقلون إلى منصات أخرى مع تقدمهم في السن)، التي تهدف إلى ربط المستخدمين بتلك التطبيقات، وثقافة الشركات المهووسة بالربح؛ والتي يبدو أنها تنحاز للمُعلنين على حساب المستخدمين.
“فيس بوك” عام 2035.. نقطة تغير محورية..
ولكن؛ وحسب ما يستدرك الكاتب، من الضروري أن تستمر حتى أكبر الشركات في العالم في عملية التطور، مشيرًا إلى أن أكبر عمالقة التكنولوجيا في عصرنا؛ مثل: “آبل” و”إتش. بي” و”آي. بي. إم”، مرُّوا جميعًا بنقطة تغير محورية في مرحلةٍ ما؛ فقد ذاع صيت شركة “آبل” الآن بهاتفها (الآي فون)؛ أكثر من شهرتها بحاسوب (ماك)، وتطور كل من: “آي. بي. إم” و”إتش. بي” إلى شركات عملاقة في نهاية المطاف، وقال “براندون”؛ إن (فيس بوك) سوف يمر بنقطة تغير محورية أيضًا، وقد لا ندرك حتى كيف سيبدو مستقبل (فيس بوك)، عام 2035.
تجسيد افتراضي للحياة الواقعية !
وأوضح “براندون” أن التغير الأكبر هو أن وسائل التواصل الاجتماعي ستُصبح تجسيدًا افتراضيًّا للحياة الواقعية، داعيًا القاريء للتأمل في مراكز التسوق وقاعات الحفلات الموسيقية و”البشر الافتراضيين”؛ الذين يُشبهون البشر تمامًا، ويستعرض الكاتب ما قد يبدو عليه ذلك خلال العقد ونصف العقد القادمين.
باديء ذي بدء، سوف نبدأ جميعًا في العيش في حياة ثانية حقيقية؛ (كما لو لم نفعل بالفعل، إذ إن الشخص الذي نصوره على وسائل التواصل الاجتماعي ليس الشخص الحقيقي)، وسوف نُشارك أفضل لحظاتنا، وهذا يُضيف إلى شخصٍ واسع المعرفة بدون أي عيوب.
وبالنتيجة، سوف تضطلع صورة المستخدم الرمزية، (أفاتار)؛ على الإنترنت بمهام الحياة، (الافتراضية)، وهو شيء مماثل لألعاب “أفاتار”، تأمل في “شخصيتك الثانية”؛ تلك بوصفها شخصًا موجودًا في عالمٍ افتراضي، كائن رقمي يمكنه التحدث والتفاعل والنقاش وحتى الجدال نيابةً عنك.
ونوَّه الكاتب إلى أن هذه الصورة الرمزية الرقمية سيكون لها مظهر وشخصية ونبرة محددة بناءً على الخوارزميات التي تُحلل نشاط المستخدم عبر الإنترنت والتاريخ الغني لكل منشور وتعليق نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في أي وقتٍ مضى؛ منذ أن بدأ (فيس بوك)؛ إلى الحد الذي يُمثل فيه وجود المستخدم على الإنترنت تجسيدًا لما تكون عليه شخصيته الحقيقية.
وفي (فيس بوك) عام 2035؛ ستعمل تقنية الذكاء الاصطناعي على إنشاء صورة المستخدم الرمزية وفقًا لتفضيلاتِه التسويقية ومواقع الإنترنت التي يزورها والسمات الأخرى التي يختارها، مثل كيف يبدو وكيف يتحدث، وستبدو الصورة الرمزية بشرية على نحو ملحوظ؛ بحيث لا يُلاحظ أحد أنها نسخة رقمية، وستبدو: “أنت الثانية” حقيقية للجميع تقريبًا.
نسخة “فيس بوك” المستقبلية..
وأضاف “براندون” أن صورة المستخدم الرمزية في نسخة (فيس بوك) المستقبلية؛ ستتمكن من حضور الاجتماعات عوضًا عنه، والإنضمام إلى مناقشة حول القضايا الاجتماعية وشراء السلع وبيعها، وحتى إجراء مقابلة عمل نيابةً عنه، وتعمل شركة “سامسونغ” بالفعل على: “البشر الاصطناعيين”؛ الذين يبدون واقعيين للغاية، لذا فإن الخطوة التالية هي جعل هذه الصور الرمزية تحل محلنا في عالم الإنترنت ثم الإنضمام، في نهاية المطاف، إلى نسخة (فيس بوك) عام 2035، وستكون: “أنت الثانية” في وسائل الإعلام الاجتماعية واقعية إلى الحد الذي قد يضطر المرء إلى حفظ حقوق الملكية الفكرية الخاصة بشخصه، (وأن تتضمن إخلاء مسؤولية بخط صغير تشرح كيف أن هذا “الشخص” ليس في الواقع هو أنت فعلًا).
وبطبيعة الحال، سيُمثل إرتداء سماعات الرأس أو التفاعل في استوديو واقع افتراضي في منازلنا؛ جزءًا من هذا المستقبل الرقمي، (وهو شيء لا يتطلب نظارات واقية)، وستكون: “أنت الجديدة” قادرة على الوجود في الشبكة الاجتماعية حتى عندما تكون نائمًا وخلال ساعات الإستيقاظ، وستكون صورتك الرمزية قادرة على الإنضمام إلى شخصيات افتراضية أخرى للذهاب للتسوق أو زيارة مدينة جديدة أو حضور تجمع اجتماعي أو حفلة موسيقية، أو حتى مجرد التسكع مع شخصيات افتراضية أخرى.
وستسمح تقنية الذكاء الاصطناعي، للمستخدم؛ بالمشاركة فقط إذا كان يرغب في ذلك، على سبيل المثال، يمكن للمستخدم في (فيس بوك) عام 2035؛ إرسال صورته الرمزية للتسوق في مركز تجاري افتراضي وحتى تجربة الملابس واختيار المناسب منها أثناء القيام بعمل آخر، وفي حال الاستقرار على ما يرغب المستخدم في شرائه، يُشحن المنتج الحقيقي إلى عنوان المستخدم الفعلي، وهذه التقنية تُشبه تطبيق (سكند لايف)، (الحياة الثانية)؛ القديم أو (ذا سيمز)، ولكن يغذِّيها ذكاء اصطناعي قوي، مع نسخة طبق الأصل مثالية للمستخدم، (أو من يريد أن يكون)، حاضر في جميع الأوقات ويتفاعل اجتماعيًّا بناءً على طلبٍ منه.
ويتابع الكاتب قائلًا: تخيل نشر صورتك الرمزية في مجموعة دردشة، تُمثل وجهات نظرك استنادًا إلى الذكاء الاصطناعي الذي يعرف كيف تفاعلت مع الآخرين على مدار العقود الماضية، ويمكن أن تناقش صورتك الشخصية الموضوعات أو تناقش القضايا أو حتى تدافع عن آرائك، وبعد ذلك في نهاية اليوم، يمكنك أن تطلب من صورتك الرمزية: “استخلاص المعلومات” من الأنشطة والاكتشافات السابقة.
ويمكن أن تُحضر صورتك الرمزية “الكلية” على (فيس بوك) وتتعلم لك، وتذهب في رحلات عمل ومؤتمرات، وكل ذلك في عالم افتراضي يدعمه الذكاء الاصطناعي.
وإذا كان (فيس بوك) عام 2035؛ يبدو كأنه لعبة فيديو، فهذه ليست مصادفة؛ فالواقع الافتراضي والصور الرمزية الرقمية والبيئات عبر الإنترنت والمحاكاة الواقعية الفائقة سوف تتلاقى جميعها في السنوات الـ 15 القادمة؛ لخلق شبكة اجتماعية جديدة تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي أكثر مما نعرفه اليوم.
ويختم “براندون” تقريره بالقول إن ما يقع علينا الآن هو أن نُقرر هل هذا هو العالم الذي نود العيش فيه أم لا.