خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يقول المحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “بن كسبيت”: لقد تم في الـ 15 من كانون ثان/ يناير الجاري تعيين الفريق، “أفيف كوخافي”، في منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، خلفًا للفريق، “غادي أيزنكوت”.
مُضيفًا؛ أن “كوخافي”، ذلك “الضابط الفيلسوف” – الذي كان يُلقب في صغره بـ”ميل غيبسون”، نظرًا للشبه الكبير بينه وبين ذلك المخرج والممثل الأسترالي الشهير – يتولى الآن زمام سلطة أقوى جيش في الشرق الأوسط وأحد أقوى الجيوش في العالم. لكنه، وبحسب “بن كسبيت”، سيواجه مشاكل عديدة في جميع الجبهات.
غزة ليست المشكلة الأكبر لـ”كوخافي”..
يرى “بن كسبيت”؛ أن أي رئيس أركان للجيش الإسرائيلي لا يحصل على أية مُهلة للحكم على أدائه. حيث بدأ أول اختبار له مع أول يوم جمعة بعد تسلمه المنصب، وذلك في التصدي لمظاهرات “مسيرة العودة” التي ينظمها الفلسطينيون عند الحدود مع “قطاع غزة”، في وقت لم تحصل فيه “حركة حماس” على دُفعة الأموال القادمة من “قطر”، ومستوى العنف آخذ في التفاقُم والوضع مرشح للانفجار من جديد.
ورغم أن قضية “غزة”؛ ليست هي الأكثر خطورة بالنسبة لرئيس الأركان الجديد، لكنها الأكثر اشتعالاً في هذه المرحلة تحديدًا، خاصة في ظل غياب القيود التي تكبح “حركة حماس”، التي تقف في حال إستنفار وتحفز، وأيضًا في ظل غياب هدف إستراتيجي قابل للتطبيق لدى القيادة السياسية الإسرائيلية، والمقصود هنا “بنيامين نتانياهو”.
له بصمات في التخطيط القتالي..
يضيف “بن كسبيت” قائلاً: “منذ اللحظة الأولى كان يُنظر إلى، كوخافي، – البالغ من العمر 54 عامًا – على أنه أمير إسرائيلي. حيث بدأ مسيرته العسكرية في سلاح المظليين، وأخذ يترقى إلى أن تولى قيادة لواء المظليين، في عام 2001. وعندما كان يتولى ذلك المنصب، ترك بصماته على أساليب التخطيط الحربي والقتالي للجيش الإسرائيلي، حيث أقتحم معسكرات اللاجئين الفلسطينيين والحي القديم لمدينة نابلس في عملية (الدرع الواقي)، عام 2002، بلا مصابين”.
حدث ذلك أيام “الانتفاضة الثانية”، التي شهدت الكثير من الأحداث الدموية، حيث قُتل المئات من المدنيين الإسرائيليين على يد المسلحين الانتحاريين الذين انتشروا بكثرة في الشوارع والمدن، فأصدر رئيس الوزراء، “أرييل شارون”، آنذاك، أوامره للجيش الإسرائيلي بإعادة السيطرة على مدن “الضفة الغربية” وإقتلاع الإرهاب.
وكان الكثيرون من قيادات “الجيش الإسرائيلي” يخشون دخول مخيمات اللاجئين المكتظة، وكذلك المدن الخطيرة، التي كانت مليئة بالأسلحة والفخاخ والانتحاريين والشحنات المتفجرة.
“كوخافي” يبتكر أسلوبًا جديدًا..
كانت التقديرات، في ذلك الوقت، تقول إن “الجيش الإسرائيلي” سيتكبد عشرات القتلى إن لم يكن المئات، كما أن الجيش سيضطر إلى قتل آلاف الفلسطينيين لإكمال المهمة.
لكن قائد لواء المظليين الشاب، “كوخافي”، لم يخف ولم يتردد. حيث إبتكر أسلوبًا قتاليًا جديدًا لإحكام سيطرته على “نابلس”؛ وهو أسلوب “الاختراق من الداخل”.
فبدلاً من التحرك دون حماية داخل الأزقة والأحياء، اخترق المظليون المباني الواقعة في وسط المدينة، ومنها واصلوا التقدم عبر المباني نفسها عن طريق تحطيم الجدران والاختراق من بيت إلى آخر دون تعريض أنفسهم للمخاطر. فحققت تلك العملية نجاحًا يفوق ما كان متوقعًا، وتم تنفيذها أيضًا في بقية مُدن “الضفة الغربية”.
ولا تزال تلك الطريقة؛ التي إبتكرها، “كوخافي”، تُدرس في الكليات الحربية في أرجاء العالم، بل إن “الجيش الأميركي” طبقها في “العراق” و”أفغانستان”.
مشكلة “نتانياهو”..
إلى جانب المشاكل الأمنية التي سيواجهها “الجيش الإسرائيلي”، فإن “كوخافي” سيواجه أيضًا مشكلة أخرى مع رئيسه، “نتانياهو”، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع. لأن “نتانياهو” يُكافح الآن من أجل البقاء، ليس كزعيم سياسي فقط، بل حتى على المستوى الشخصي، لذا فإنه لن يعبأ كثيرًا بالقضايا الأمنية المعقدة، لكنه سيحتاج إلى إفتعال “نصر عسكري” كي يستفيد منه عشية توجه الناخبين الإسرائيليين إلى صناديق الإقتراع.
التنسيق مع الجيش الأميركي..
يؤكد المحلل الإسرائيلي؛ أنه حتى فيما وراء البحار، ليست الأمور سهلة بالنسبة لـ”كوخافي”، إذ أن أهم شريكين إستراتيجيين، لرئيس الأركان الإسرائيلي، هما رئيس الأركان الأميركي ووزير الدفاع، “جوزيف دانفورد”، و”جيمس ماتيس”، اللذين سيتقاعدان، وسيحل محلهما شخصان آخران، سيتعين على “كوخافي” أن يتعرف عليهما جيدًا ويتواصل معهما.
ومن المعلوم أن، “كوخافي”، هو “رجل أميركا” داخل “الهيئة العامة لأركان الجيش الإسرائيلي”.. فهو حاصل على درجة الماجستير في الإدارة العامة من “جامعة هارفارد”، وكذلك على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من “جامعة غونز هوبكينز”.
كما أنه يتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة، ويهوى قراءة تاريخ “الولايات المتحدة”، ومُتعمق في السياسة الأميركية، وتصله أعداد المجلات الأميركية بنظام الاشتراك.
أضف إلى ذلك؛ أن “كوخافي” كان على دراية تامة – بصفته نائب لرئيس هيئة الأركان – بالعلاقات بين “الجيش الإسرائيلي” و”الجيش الأميركي”. وبعكس سلفه، “أيزنكوت”، الذي لم يكن يولي أهمية خاصة بالتواصل مع الجنرالات الأجانب، فإن “كوخافي” يعشق هذا الأمر.