25 أبريل، 2024 4:06 م
Search
Close this search box.

“حرب نفط” استعمارية تُفقر إفريقيا .. صراع “الديكة” بين روما وباريس يشتعل على ثروات “ليبيا” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تشهد العلاقات بين “فرنسا” و”إيطاليا” توترًا، على خلفية اتهامات وجهتها الأخيرة لباريس، بـ”إفقار إفريقيا”، ما حدا بـ”فرنسا” إلى استدعاء السفيرة الإيطالية، ثم ما لبست وأن اتهمتها بعد ذلك بعدم رغبتها في استقرار “ليبيا”، في محاولة منها للإستيلاء على “النفط الليبي”.

وكان نائب رئيس الوزراء الإيطالي، “لويغي دي مايو”، قد طالب “الاتحاد الأوروبي”، الأحد الماضي، بأن يفرض “عقوبات” على الدول التي تساهم في “إفقار إفريقيا” وتقف، في رأيه، خلف مأساة المهاجرين في “البحر المتوسط”، وفي مقدمتها “فرنسا”.

وأضاف “دي مايو”، زعيم حركة “خمس نجوم”، المناهضة للنظام، والتي تحكم “إيطاليا” مع “حزب الرابطة” اليميني المتطرف، بالقول: “إذا كان ثمة أناس يرحلون اليوم؛ فلأن بعض الدول الأوروبية، في مقدمتها فرنسا، لم تكف عن استعمار عشرات من الدول الإفريقية”.

وتابع: “هناك عشرات من الدول الإفريقية، التي تطبع فيها فرنسا عملة، فرنك المستعمرات، وهي تمول الدين العام الفرنسي بهذه العملة”، مضيفًا أنه: “لو لم تكن لفرنسا المستعمرات الإفريقية، لأنه ينبغي تسميتها على هذا النحو، لكانت القوة الاقتصادية العالمية الخامسة عشرة، في حين أنها بين أولى، (تلك القوى)، بفضل ما تقوم به في إفريقيا”.

وأعلن “دي مايو”؛ عن “مبادرة برلمانية لحركة خمس نجوم في الأسابيع المقبلة”، تشمل خصوصًا الحكومة والمؤسسات الأوروبية بهدف “معاقبة كل الدول، التي تواصل استعمار إفريقيا”.

احتجاج دبلوماسي..

ردًا على هذه التصريحات؛ استدعت “الخارجية الفرنسية”، سفيرة إيطاليا لدى فرنسا، الاثنين، ونقلت (فرانس برس)، عن مصدر حكومي فرنسي قوله، إن “وزارة الخارجية” استدعت السفيرة الإيطالية لديها؛ على خلفية تصريحات نائب رئيس الحكومة الإيطالية، “لويغي دي مايو”، قال فيها إن “فرنسا” تسببت بإفقار القارة الإفريقية، مما أدى في نهاية المطاف إلى تفاقم أزمة المهاجرين.

وأفاد مكتب الوزيرة الفرنسية، المكلفة الشؤون الأوروبية، “ناتالي لوازو”، أن: “مدير مكتب الوزيرة استدعى، إيريزا كاستالدو، إثر تصريحات غير مقبولة وغير مبررة صدرت عن مسؤولين إيطاليين”.

لا تريد استقرار ليبيا..

ورغم استدعاء “فرنسا” للسفير الإيطالي، إلا أن نائب رئيس الوزراء الإيطالي، “ماتيو سالفيني”، واصل، الثلاثاء، الحرب الكلامية مع “باريس”، قائلاً إن “فرنسا” لا ترغب في تهدئة الأوضاع في “ليبيا” التي يمزقها العنف بسبب مصالحها في قطاع الطاقة.

وقال “سالفيني”، للقناة التليفزيونية الخامسة: “في ليبيا.. فرنسا لا ترغب في استقرار الوضع، ربما بسبب تضارب مصالحها النفطية مع مصالح إيطاليا”.

مضيفًا أنه: “ليس من حق فرنسا أن تغضب، لأنها رفضت استقبال آلاف المهاجرين، وتركتهم في، فينتيميليا، كما لو كانوا وحوشًا”، متابعًا: “لا نأخذ دروسًا في الإنسانية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.

تزايد التوتر منذ وصول “ماكرون” للحكم..

وكان التوتر بين “روما” و”باريس” قد بدأ تصاعده منذ وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في “إيطاليا”، في حزيران/يونيو 2018.

ودعم “دي مايو”، ووزير الداخلية، “سالفيني”، بقوة تحرك “السترات الصفراء” ضد سياسة الرئيس، “إيمانويل ماكرون”، الاجتماعية.

واتهم “سالفيني”، ماكرون، بالحكم “ضد شعبه”، وذهب إلى حد تمني رحيله، قائلاً: “كلما إقترب موعد رحيله كلما كان الأمر أفضل”.

كما تطالب الحكومة الإيطالية، “باريس”، بتسليم 14 إيطاليًا مطلوبين بتهمة الإرهاب، فروا إلى “فرنسا”.

وحدث سابقًا؛ صدام بين “فرنسا” و”إيطاليا” بشأن قضايا تتعلق بالهجرة، حيث انتقدت “فرنسا”، إيطاليا، في 2018، لرفضها السماح للقوارب التي تنقذ المهاجرين بالرسو على سواحلها، وهو ما ردت “إيطاليا” عليه باتهام “فرنسا” بأنها لا تقبل دخول المهاجرين.

خلافات في الملف الليبي..

كما أن الخلافات “الفرنسية-الإيطالية”، حول الملف الليبي، تتجاوز كونها مجرد تمظهر لتباين وجهات النظر بين الطرفين، وإنما تجسد تاريخًا ملتهبًا من الصراع على النفوذ بالبلد النفطي، فـ”إيطاليا” ترى أنها الأقرب لإدارة الملف بحكم قربها من السواحل الليبية، وماضيها الاستعماري، إضافة إلى معضلة الهجرة غير الشرعية التي تثقل كاهلها.

أما “باريس”؛ فتعول على علاقاتها التاريخية مع بعض الأطراف الليبية، خصوصًا جنوبي البلد الأخير، والذي يُعتبر بوابة الهجرة القادمة من جنوب الصحراء الإفريقية، ومنطقة التماس مع مناطق نفوذها في “النيغر” و”مالي”، اللتين تخوض فيهما حرب مع تنظيمات إرهابية في الصحراء الكبرى، التي تتخذ من الجنوب الغربي الليبي قاعدة خلفية للهجوم على القوات الفرنسية وحلفائها في البلدين.

تفقير ممنهج..

عن الحرب الكلامية بينهما؛ أكد “د. عماد الحمروني”، الكاتب والمحلل السياسي، على أن “الاستعمار الغربي يتواصل في إفريقيا من خلال الشركات الكبرى والتدخل في اقتصاديات هذه البلدان، بالإستحواذ على الثروات الطبيعية والبشرية والاقتصادية، وعاشت تلك الدول رغم ما تملكه من ثروات تحت خط الفقر”.

وقال إن: “التفقير الممارس والممنهج من جانب فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية أسس لحالة من الفقر المادي والاجتماعي داخل إفريقيا وأدى إلى الهجرة الكبيرة إلى دول أوروبا”.

مصالح متضاربة..

من جانبها؛ قالت نائب رئيس تحرير الأهرام والمتخصصة في الشأن الإفريقي، “أسماء الحسيني”، إنه: “لا يخفى على أحد التنافس الكبير على إفريقيا وخصوصًا في “ليبيا”، بعد تنافس ملحوظ بإستضافة فرنسا لمباحثات ليبية أعقبها مؤتمر باليرمو، وكل طرف كان يحاول أن ينقض ما يفعله الطرف الآخر”.

مشيرة إلى أن “التنافس على ليبيا لا يخفي تنافس آخر على دول أخرى في القارة الإفريقية، التي يحمل كلا الدولتين ماضيًا استعماريًا فيها”، موضحة أن: “كل طرف له مصالح معينة يحاول أن يسعى لتحقيقها، وهي تتضارب مع مصالح الطرف الآخر”.

ورقة النفط..

ويوضح الكاتب والمحلل السياسي، “وليد دوكن”، أن هذا التنافس الشرس بين “إيطاليا” و”فرنسا” في “ليبيا” مرده الأساس المصالح الاقتصادية والإستراتيجية لكل دولة منهما، وتحديدًا ورقة “النفط” وعقود شركاتهم النفطية؛ وهما “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية.

مشيرًا إلى أن هذه الدول مازالت تنظر إلى “ليبيا” نظرة استعمارية، حيث تعتبر “إيطاليا”، ليبيا، جزءًا من نفوذها الجغرافي كقوة مستعمرة سابقة، بينما تبحث “فرنسا”، التي قادت “التحالف الدولي” لإسقاط نظام “معمر القذافي”، إزاحة “إيطاليا” من أمامها وقيادة “ليبيا”، من أجل الإستحواذ على الجزء الأكبر من ثروات الطاقة.

وأضاف أن هذا “الخلاف تعمق؛ عندما وقفت فرنسا وباريس إلى جانب أطراف أو معسكرات متنافسة داخل ليبيا”، إذ تدعم فرنسا، “خليفة حفتر”، قائد الجيش الليبي، للسيطرة على البلد والحصول على منصب متقدم في مستقبل المشهد السياسي الليبي، بينما ترتكز السياسة الإيطالية في “ليبيا” على مساندة “حكومة الوفاق الوطني” وقادة الميليشيات وعمداء البلديات والقبائل في الغرب الليبي، لاستعادة الأمن والاستقرار.

وإنتهى “دوكن” إلى أنه “طالما فرنسا وإيطاليا تقدمان حلولاً متباينة؛ فيما يتعلق بالصراع الليبي، فإن فرص الوصول إلى تسوية سياسية بين أطراف النزاع داخل ليبيا تبقى قاتمة”، موضحًا أن هذين البلدين “سيقفان ضد أي محاولات صلح وتقارب قد لا تخدم مصالحهما في ليبيا”.

تباين وجهات النظر يجعل المصالحة أمر بعيد المنال..

والاختلاف لا يقف عند هذا الحد فقط؛ وإنما لدى البلدان آراء مختلفة ومتباينة بشأن الانتخابات، حيث تبحث “باريس” إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أسرع وقت ممكن، بينما تطلب “روما” التريث إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية والتوصل إلى تهدئة بين الأطراف السياسية.

وفي هذا السياق؛ يرى المحلل السياسي، “محمد الرعيش”، أن “فرنسا” تريد إجراء الانتخابات من أجل التخلص من الأجسام الموازية الموجودة الآن في “ليبيا” وتركيز سلطة تنفيذية واحدة تتعامل معها في تنفيذ الاتفاقيات والعقود التي وقعتها، منذ سقوط نظام “معمر القذافي”، خاصة في مجال “النفط” و”إعادة إعمار البلاد”، بينما “إيطاليا” غير متسرعة لأنها مستفيدة من الوضع الحالي وتسيطر بشكل مطلق على ثروات “النفط”.

وفي ظل استمرار المنافسة الجيوستراتيجية بين “فرنسا” و”إيطاليا”، في “ليبيا”، وتباين وجهات النظر بينهما بشأن حل الأزمة الليبية، يرى “الرعيش”، أن احتمالات تقارب الأطراف الليبية وإجراء مصالحة شاملة في البلاد “أمرًا بعيد التحقق، ما لم يحصل توافق داخلي بين الأطراف الليبية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب