” قطر لا تذكروها بخير ” .. ممنوعة من التغريد عند العرب

” قطر لا تذكروها بخير ” .. ممنوعة من التغريد عند العرب

يبدو أن أزمة الخليج بين “قطر” من جانب و”الإمارات والسعودية والبحرين” من جانب آخر، تأبى أن تراوح مكانها دون ابتداع نوع آخر من العقوبات لن تجد له مثيلاً إلا عندما يختلف العرب.

فقد طالعتنا تقارير صحافية نقلاً عن وكالات آنباء رسمية في الإمارات والخليج، في السابع من حزيران/يونيو 2017، ضمن تداعيات قطع العلاقات مع الدوحة تحت مزاعم دعم أميرها الإرهاب في المنطقة، تقول إن أبو ظبي قررت فرض عقوبة هي الأولى في المنطقة العربية ضد كل من يغرد على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أو يكتب “بوست” عبر حسابه على الـ”فيس بوك”، يُظهر فيه اعتراضاً على قطع العلاقات مع قطر أو حتى يتعاطف مع الدوحة.

ابتداع عقوبة التعاطف والتغريد في عكس اتجاه الدول..

عقوبة ابتدعها العرب، لكن يبدو أنها تتماشى وروح العصر الذي أضحى إلكترونياً بالكامل.. فالخليج أدرك أن الفضاء الإلكتروني له التأثير الأكبر على الشعوب ولهم عبرة من ثورات الربيع العربي بـ2011 التي زلزلت “سوريا واليمن” وهزت “تونس ومصر” وأربكت حسابات الجميع في “ليبيا”.

قرأت الإمارات المشهد من وجهة نظرها، فكان أول قراراتها بعد قطع العلاقات فرض غرامة مالية، وصفها البعض بالـ”قاسية”، والسجن كذلك لكل من يتعاطف مع الدوحة على الإنترنت، نظراً لما وجدته من تعاطي وتعاطف كثير من المدونين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات يتحدثون عن خطأ قطع العلاقات بين الأشقاء، فكانت الأوامر أن “لا تذكروا قطر بالخير” !

لا ميل ولا محاباة.. قطع دابر التعاطف الشعبي !

ما يبين أن لمواقع التواصل الاجتماعي دور تدرك “أبو ظبي” خطورته في التعاطي مع الأزمة القطرية ومنحها منعطفاً شعبياً لا يريده صناع القرار هناك، هو ما ذكره النائب العام الإماراتي “حمد الشامسي” من أنّ القرار المتخذ ضد الإمارة الخليجية “حاسم”، محذراً ابناء بلده من التعاطف مع قطر أو الميل أو المحاباة أو الاعتراض على ما أقدمت عليه الإمارات، سواء عبر مواقع السوشيال ميديا أو بأي وسيلة كانت، فإنها أصبحت، وبقرار رسمي، “جريمة” يعاقب مرتكبها بالسجن من 3 سنوات وصولاً إلى 15 سنة وبغرامة مالية تقارب الـ500 ألف درهم على الأقل.

السعودية على ذات الخطى.. ممنوع من التغريد والمشاهدة..

لم يتوقف الأمر هنا عند الإمارات – التي وللمصادفة 40% من الطاقة لديها تدار من الغاز الطبيعي الذي يصلها من قطر -، إذ إنه وفي خلال يومين، كان على السعودية المملكة الأكثر تأثيراً في العالم العربي بنفوذها وأموالها والأكبر مساحة بين الدول العربية، أن تحذو حذو الإمارات لكن على طريقتها الخاصة.

فقررت “الرياض” تغريم كل من يتابع “قناة الجزيرة” القطرية أو يشغلها، سواء في الفنادق التي تستقبل معتمري وحجاج الكعبة أو في الشركات والهيئات المختلفة، بل زادت على ذلك بتجريم متابعتها في المنازل، فضلاً عن تجريم التدوين أو التغريد على مواقع التواصل الاجتماعي لأنها تعلم أن لديها نحو 11 مليون مستخدم لـ”تويتر” فقط يستحوذون على 33% من التغريدات في الشرق الأوسط !

لقد حددت السلطات السعودية غرامة مالية قدرها 100 ألف ريال سعودي – ما يقرب من 30 ألف دولار – مع فرض عقوبة السجن لمدة تصل 3 سنوات لأي مواطن سعودي أو حتى مقيم بالمملكة “يتعمد” مشاهدة قنوات الجزيرة سواء في المؤسسات الحكومية أو البيوت أو المقاهي والأماكن السياحية مثل الفنادق والأسواق التجارية، هكذا يقول القرار نصاً.. لكن لم تذكر السلطات كيف ستثبت التعمد هنا ؟.. وهل ستحول السعوديين إلى مخبرين أمنيين يخبر كل منهما عن الآخر ؟

تأمين شبكات التواصل حتى لا يصل التعاطف مع قطر لمؤسسات الدولة..

الإمارات أقدمت على العقوبات الإلكترونية لأنها تتصدر الدول الخليجية من حيث التواصل الحكومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تتمتع 60% من الجهات الحكومية في الإمارات السبع بحضور قوي على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة “فيس بوك” و”تويتر”، وبنسبة 41% تصدرت الإمارات دول منطقة الشرق الأوسط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

إن آخر إحصائية نشرت، بنهاية عام 2016، أكدت أن نسبة مستخدمي السوشيال ميديا في الإمارات بلغت61%، بواقع 363 ألفاً عدد مستخدمي “تويتر”، و2.5 مليون تغريدة يومياً !

منعاً من تحول دعم “قطر” من الإنترنت إلى احتجاجات على الأرض..

لقد سنت الإمارات، وتبعتها السعودية، قانوناً هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط.. لتقطع الطريق على هؤلاء الذين يطرحون أفكاراً ورؤى للمناقشة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل مؤشرات ومعلومات عن خطة تصعيدية ممنهجة ضد “قطر” تحتاج لهدوء على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يتطور الأمر من مظاهرات إلكترونية إلى تعاطف على الأرض لصالح الإمارة القطرية.

القرار الإماراتي والسعودي استند إلى دراسات وتحليلات وبحوث مطولة حول ميول وأفكار واتجاهات فئات متنوعة للمغردين على السوشيال ميديا، جاءت أكثرها على عكس هوى الحكام، لذلك كان لابد من قرار يغلق هذا الباب ولو بقوة المال والقانون !

معارضة مبكرة لقطع العلاقات ترفض قراراً فردياً من حاكم إمارة واحدة !

إذ إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة الكيان الواسع الممتد الذي لا حدود له، وترى فيه الإمارات والسعودية خطراً على أمن مجتمعاتهما بنشر الأفكار التي تصفها الدولتين بالهدامة، خاصة وأن التغريدات التي أطلقها مغردون إماراتيون وسعوديون من الأكاديميين وكبار رجالات البلدين، تناولت معارضتهم لقرار المقاطعة مع قطر، حتى أن البعض ذهب للقول إن الإمارات السبعة بالدولة والسعودية يتبعون قرارات منفردة لولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، لذلك كان القرار سريعاً بوقف التغريد وإن خالف المواثيق الدولية التي ترفض عقاب أي شخص لمجرد التعبير عن الرأي طالما كان بعيداً عن خطاب الكراهية والعنف والتطرف.

اختفاء الدفاع عن “قطر” فور سريان القرار..

بالفعل كان للقرار الأثر الأكبر في البلدين، إذ اختفت التغريدات التي ترفض مقاطعة قطر وانتشرت فقط تلك التي تؤيد قرارات القطيعة، حتى كبار المغردين من رجالات الدين في السعودية ابتعدوا تماماً عن ذكر قطر !

مصر تسمح بالتغريد.. فقط تزيل لافتات المتبرعين القطريين لمساجدها..

أما في “مصر”، والتي يرى الكثيرون أنها صاحبة اليد العليا في القرارات المتخذة ضد قطر من الدول الخليجية، فكان الأمر مختلفاً، إذ إن حرية التغريد والتدوين مكفولة للمصريين طالما لا يوجد ما يشكل خطراً على الدولة.

لكن هناك من تبارى في إظهار تأييده للدولة بصورة أخرى، وكان على رأسهم وزير الأوقاف المصري “مختار جمعة” الذي أعطى أوامره بإزالة لافتات بـ 24 مسجداً تحمل أسماء مواطنين قطريين كانوا قد أنشأوها تبرعاً منهم في محافظات مصرية، وأمر بوضع لافتات أخرى تحمل “أسماء الله الحسنى”، وأسماء قتلى الجيش والشرطة والشخصيات العامة المصرية، رغم أن أغلب هذه المساجد جرى تشييدها إبان حكم الرئيس الأسبق “حسني مبارك” !

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة