واجه قانون تعديل قانون الانتخابات لعام 2005 بعد مصادقة مجلس النواب العراقي عليه اعتراضات وشكاوى بعدم شرعيته واغفاله لمصالح الاقليات ومحاباته للقوى السياسية الكبرى المهيمنة على الوضع السياسي في البلاد.
واليوم قدم مواطن عراقي شكوى لدى المحكمة الاتحادية العليا ضد تشريع القانون مستندا الى مادة دستورية تقضي بأن لاتتم مناقشة والتصويت على مشروع اي قانون الا بعد ارساله الى البرلمان من قبل مجلس الوزراء وهو مالم يحصل في قانون الانتخابات هذا لانه لم يصله من قبل السلطة التنفيذية.
واستنادا على ذلك اكد المواطن أياد حسين حبيب عبد البازي الذي يقطن الدنمارك حاليا في شكواه ان هذا القانون مخالف للمادة (60) أولا من الدستور العراقي مطالبا المحكمة بنقضه .. وجاء في نص الشكوى المرسل الى (كتابات) ما يلي:
إلى رئاسة المحكمة الاتحادية العليا الموقرّة
السيد مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الرئيس .. أنت تعلم أن قانون تعديل قانون مجلس النواب المرقم (16) لسنة 2005 والذي أقرّه مجلس النوّاب العراقي في جلسته الثالثة والثلاثون التي عقدت برئاسة السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النوّاب يوم الأثنين المصادف 4/11/2013 ,هو مقترح قانون مقدّم من قبل اللجنة القانونية في مجلس النوّاب , وهذا المقترح لم يمر عبر بوابة السلطة التنفيذية الممثلة برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء , والتي خوّلها الدستور العراقي حصريا بتقديم مشاريع القوانين كما جاء في المادة (60) أولا من الدستور العراقي .
وسبق لمحكمتكم الموقرّة أن ردّت ونقضت عدة قوانين شرّعها مجلس النوّاب العراقي لأنها كانت مقترحات قوانين ولم تكن مشاريع قوانين مقدّمة من السلطة التنفيذية , وهذه القاعدة القانونية أنتم في المحكمة الاتحادية العليا من وضعها و عمل بها حين اصدرتم القرارين 43 , 44 في سنة 2010 , وهذه القاعدة القانونية تنطبق على قانون الانتخابات الجديد المشار إليه أعلاه .
وإذا كانت محكمتكم الموقرّة لا تصدر حكما إلا بدعوى , فها أنذا المواطن أياد حسين حبيب عبد البازي والمقيم في الدنمارك , أتقدم بهذه الدعوى على السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النوّاب بصفته رئيسا لمجلس النوّاب العراقي , واطالب محكمتكم الموقرّة بنقض هذا القانون لمخالفته الصريحة للمادة (60) أولا من الدستور العراقي .
سيدي الرئيس .. إنّ مصداقية القضاء العراقي والمحكمة الاتحادية العليا هي اليوم أمام المحك للنهوض بواجب المحكمة الأول المتمثل بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة والتي جائت في المادة (93) أولا من الدستور العراقي , أملنا كبيرا بقضائكم العادل .
المدعي / أياد حسين حبيب عبد البازي / الدنمارك
.. تحذيرات وأعتراضات أيضا
وحذر عادل اللامي الخبير الانتخابي من العمل بقانون الانتخابات الجديد الذي اقره مجلس النواب مؤخرا، كاشفا عن جملة ثغرات قانونية في القانون اهمها حرمان عراقيي الخارج من التصويت .
وقال اللامي في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء ان:” قانون الانتخابات الذي اقره مجلس النواب مؤخرا يحتوي على جملة من الخروقات والثغرات الدستورية”.
واضاف اللامي ان ” المواد القابلة للطعن تتعلق بالمادة 47 من القانون والتي تشير الى الغاء قانون انتخاب مجلس النواب رقم 16 لسنة 2005 وتعديلاته فيما ينص اصل واسم القانون الجديد على (قانون تعديل قانون انتخابات مجلس النواب رقم [16] لسنة 2005) مما يعني ان القانون الجديد يلغي نفسه”.
واوضح ان ” القانون اغفل تماما عملية التصويت للجالية العراقية في الخارج خلافا للدستور الذي سمح لجميع العراقيين المؤهلين في المشاركة بالعملية الانتخابية من الترشح او التصويت، فضلا عن ان القانون السابق سمح لهم بالادلاء باصواتهم”.
واضاف اللامي ان”طريقة سانت ليكو المعدلة التي نص على اتباعها القانون الجديد سبق وان طعن بها ورفضت من قبل المحكمة الاتحادية كونها طريقة تتلاعب بنواتج القسمة لصالح الكتل الكبيرة”،مضيفا ان “ابواب الطعن تتعلق بكوتا النساء ايضا وكذلك عدم اتباع احصائيات الجهاز المركزي للاحصاء وعملية الزيادة السكانية المتحققة مع نسبة التمثيل البالغة لكل مائة الف نسمة مقعد نيابي”.
واعرب اللامي عن خشيته من العمل بهذا القانون لانه “سيزيد من الثغرات الدستورية في العملية السياسية التي ستنتج بعد انتخاب مجلس النواب والمصادقة على الرمشحين الفائزين”.
ورفض اللامي تسمية القانون بالقانون الانتخابي مشيرا الى انه قانون” تقاسم الغنائم “،متهما مجلس النواب العراقي ” بعدم الانصات الى الخبراء واصحاب الشأن وسماع صدى اصواتهم فقط”،محذرا من اتباع هذا القانون سينتج عنه برلمانا غير دستوري”.
ومن جانب اخر اكد عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون محمد سعدون الصيهود ان ” الكتل السياسية التي صوتت على نظام /سانت ليغو/ المعدل قدمت مصالحها الخاصة على المصلحة العامة للبلد . واوضح الصيهود لمراسل الوكالة الوطنية العراقية للانباء ان ” الكتل السياسية التي صوتت لنظام /سانت ليغو/ المعدل اثبتت بما لا يقبل الشك ان مصالحها الخاصة فوق المصالح العامة للشعب على اعتبار ان هذا النظام سوف يدخل العملية السياسية في نفق مظلم ويوصل عددا كبيرا من الكتل السياسية الصغيرة الى البرلمان مما يشكل برلمانا وحكومة ضعيفة وعاجرة عن القيام بواجباتها ويوسع حجم الخلافات والمشاكل بين الكتل “.
واضاف ” اذا كان البرلمان الحالي تشكل من /10/ كتل سياسية وشهد خلافات ومشاكل وتجاذبات وصفقات وتاخير في تشكيل الحكومة تحت مسمى المحاصصة او التوافقية ، فان البرلمان القادم ووفق نظام /سانت ليغو/ المعدل بالتاكيد سيتشكل من اكثر من /20/ كتلة سياسية مما يضعف عمل البرلمان في عمله التشريعي والرقابي وكذلك سيؤخر عملية تشكيل الحكومة التي وان شكلت ستكون على اسس المحاصصة او التوافقية ان لم تتحقق الاغلبية السياسية في البرلمان “.
واشار الصيهود الى ان ” ائتلاف دولة القانون رفض التصويت على نظام /سانت ليغو/ المعدل وكان بامكانه ان يلعب نفس اسلوب الكتل السياسية التي صوتت لهذا النظام المجحف ودخول الانتخابات بكتل سياسية صغيرة ومتعددة ، الا انه لم يفعل من اجل تقديم المصلحة العليا للبلد على المصالح الخاصة وليكون هناك برلمان وحكومة قويتان تستطيعان تنفيذ واجباتهما تجاه المواطن والارتقاء بواقعه الى مستوى الطموح “.
اما النائبة الايزيدية عن كتلة التحالف الكردستاني امينة سعيد حسن فقالت ان مجلس النواب خاصة الكتل السياسية الكبيرة فيه تنتهك حقوق الايزيدية في مسالة عدد مقاعد الكوتا . وأضافت في بيان صحفي انه لن يكون هناك اية زيادة في حصة الكوتا الايزيدية وستبقى حصتنا مقعدا واحدا اسوة بالدورة الحالية.
ورأت ان الكتل السياسية الكبيرة تجاوزت على قرار المحكمة الاتحادية وضربته عرض الحائط، رغم ان ذلك القرار كان قد اوصى مجلس النواب باعادة النظر بحصة الايزيديين في مقاعد الكوتا ، ومنحهم ما يتناسب وثقلهم السكاني في عموم العراق .
وأعتبرت” ان ما يحدث لا يمت بصلة للديمقراطية ابدا، وهو اجحاف للحقوق وهضم لها، بل ان الكتل الكبيرة تقضم وتلتهم حقوق الاقليات وبالذات الايزيديين، وكأنها لا تكتفي بعشرات المقاعد التي ستحصل عليها فتوجهت انظارها لمقاعد الكوتا وحرمتنا منها”.
واشارت الى ان المحكمة الاتحادية قد اصدرت قرارها المرقم 11 بتاريخ 14/6/2010 دعت فيه مجلس النواب الى اعادة النظر بحصة الايزيديين من مقاعد الكوتا”، معتبرة” ان منح مقعد واحد للايزيديين لا يتناسب وثقلهم السكاني في العراق .
.. والنجيفي يرد
وقد أعلن أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي، في مؤتمر صحفي عقب جلسة المصادقة على القانون الليلة الماضية إن إنجاز قانون انتخابات البرلمان المقبلة، جاء بعد توافق الكتل السياسية ما يؤمن الديمقراطية “، مؤكدا “لا توجد أسباب توجب الطعن على القانون “.
وعن تهديدات بعض الكتل سيما الأقليات بالطعن على قانون الانتخابات، استبعد النجيفي ذلك، منوهاً إلى أن الطعن أو تأجيل الانتخابات سيحمل البلاد نتائج كارثية، موجهاً تحذيراته للكتل السياسية بهذا الشأن.
وقد تم رصد خلافات داخل جلسة التصويت حول السجلات المشكوك فيها للمحافظات ذات المناطق المتنازع عليها بين المركز وإقليم كردستان، ورفض الكرد أن يتعم معاملة هذه المدن بخصوصية، مشترطين أن تدقق سجلات جميع محافظات البلاد.
وقال سعيد رسول النائب عن التحالف الكردستاني، إن أحد مواد قانون الانتخابات تضمنت تدقيق السجلات المشكوك بها في محافظات “كركوك ، صلاح الدين ، نينوى”، ونحن كأكراد اعترضنا ، بينا من المفروض أن لا تعطى خصوصية لـ”كركوك”، ويجب أن تدقق سجلات جميع المحافظات المشكوك فيها”. وأضاف ” بعد أعتراضنا تم تعديل الفقرة، والتصويت عليها، متضمنة تدقيق سجلات جميع المحافظات المشكوك فيها.
وبحسم خلافات الكتل السياسية، انتهى تصويت البرلمان بالإجماع على قانون تعديل قانون انتخابات مجلس النواب رقم (16) لسنة 2005 ، متضمناً ثمانية فصول، مشترطاً أن لا يقل عمر المرشح عن ثلاثين عاماً.
وحددت الرئاسة العراقية، بمرسوم دستوري، إجراء انتخابات مجلس النواب في 30 نيسان من العام المقبل. وقال بيان جمهوري إن نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، أصدر مرسوماً جمهورياً لتحديد 30 نيسان 2014 موعداً لإجراء انتخابات مجلس النواب.
وتتصارع الكتل السياسية الكبرى من أجل التمسك بمقاعدها في توزيع الأصوات بطريقة تمكنها من استمرار هيمنها على المشهد السياسي العراقي والحفاظ على حجم الكتلة.