18 نوفمبر، 2024 6:46 م
Search
Close this search box.

قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان يعري “بايدن” .. “نحن أنسحبنا ولم ننهزم .. هناك فارق” !

قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان يعري “بايدن” .. “نحن أنسحبنا ولم ننهزم .. هناك فارق” !

وكالات – كتابات :

دافع جنرال أميركي متقاعد، خدم سابقًا كقائد لقوات بلاده في “أفغانستان”، عن القوات الأفغانية ملقيًا باللوم في إنهيار الحكومة المفاجيء على سرعة انسحاب “الولايات المتحدة” من “أفغانستان”.

وأجرى “إسحاق شوتينر”، صحافي في مجلة (نيويوركر) الأميركية، مقابلة مع: “ديفيد بتريوس”، جنرال أميركي متقاعد، سبق أن خدم هناك بصفته قائدًا للقوات الأميركية، بشأن الانسحاب الأميركي والتطورات الأخيرة في “أفغانستان”.

أخطاء “بايدن” في الانسحاب من أفغانستان..

يقدم “شوتينر”؛ نبذة عن “بتريوس”؛ قائلًا: خدم “ديفيد بتريوس”، في الجيش لما يناهز أربعة عقود، وأصبح في نهاية المطاف العضو الأكثر شهرة في القوات المسلحة الأميركية، خلال ما يسمَّى: “الحرب على الإرهاب” واحتلال “العراق”. وعُرِف “بتريوس”؛ بتطوير نظرية جديدة لمكافحة التمرد، والتي أكدت كسب دعم المدنيين بدلًا من الاستيلاء على الأراضي، وقد عَيَّن الرئيس، “جورج دبليو بوش”، “بتريوس”، مسؤولًا عن جميع القوات في “العراق”، في عام 2007.

وفي عام 2010، عَيَّن الرئيس، “باراك أوباما”، الذي أمر بزيادة عدد القوات في “أفغانستان”؛ وهي خطوة عارضها نائبه، آنذاك، “جو بايدن”، الجنرال “بتريوس”؛ قائدًا للقوات في ذلك البلد. وتقاعد “بتريوس” من الجيش في العام التالي، واستمر في العمل مديرًا لـ”وكالة المخابرات المركزية”، ثم استقال من هذا المنصب في عام 2012، بعد تقديم معلومات سرية إلى كاتبة سيرته الذاتية، “باولا برودويل”، التي كان على علاقة بها. وأقر “بتريوس”، لاحقًا؛ بأنه مذنب في تهمة إساءة التعامل مع المعلومات السرية.

يقول “شوتينر”: “تحدثتُ يوم الأربعاء مع، بتريوس، عبر الهاتف عن الوضع في أفغانستان. وأصرَّ بتريوس؛ على أن إدارة، بايدن، قد أخطأت في الانسحاب، وأنه من الخطأ إلقاء اللوم على القوات الأفغانية في إنهيار الحكومة. إنه يعتقد أنه كان يجب على الولايات المتحدة البقاء في أفغانستان، وقدم دفاعًا قويًّا عن لزوم وجود عسكري نشط في الخارج”.

وعندما سأله “شوتينر”: كيف انتهى الوضع في “أفغانستان” إلى ما هو عليه اليوم ؟.. أجاب “بتريوس”؛ بأن الأمر بدأ مع إدارة “ترامب”، وعدم التوصُّل إلى اتفاق مع (طالبان). وقد أجبرنا الحكومة الأفغانية، التي لم يسمح لها بالمفاوضات بشأن مستقبل بلادها، على إطلاق سراح أكثر من خمسة آلاف من مقاتلي (طالبان)، ولم تحصل في المقابل على أي شيء مهم. وبالطبع جاءت الإدارة الجديدة وقامت بالمراجعة وتحليل سريع وأعلنت قرار الانسحاب. وكانت تلك ضربة نفسية ليست ذات أهمية واضحة للجميع.

ثم حدث الانسحاب بالفعل، ولم يكن الانسحابُ انسحابَ قواتٍ تقف على الخطوط الأمامية من المواجهة، لأن قواتنا كانت عبارة عن وحداتٍ للمشورة والمساعدة. وكانت موجودة في مقر القوات الأفغانية، وتضم بالأساس فرق اتصال ومراقبين جويين تكتيكيين يمكنهم، بمساعدة الطائرات من دون طيار، تأكيد مدى ضرورة استهداف هدف ما لتقديم دعم جوي. وكان ذلك هيكلًا متقنًا تمامًا، وكان مهمًّا للغاية للأفغان، الذين لا يزال لديهم قوة جوية متواضعة.

ولكن إذا لم يكن لديك فرق اتصال مع المقر الأفغاني، الذي يجلس فيه الجنود بجوار قائد أفغاني؛ يتلقى تقارير اللاسلكي من جنوده، وغالبًا ما ينظر إلى الملخص الذي تقدمه طائرة (ريبر) من دون طيار، فسيكون من الصعب استخدام قوة جوية.

لم يشمل الانسحاب القوة الجوية وحدها، ولكنه شمل الأنظمة والأشخاص الداعمين لها. ولم تبالِ “الولايات المتحدة” برحيل حوالي ثمانية عشر ألف متعاقد؛ تمثل دورهم في توفير خدمات المحافظة والصيانة للأسلحة والمعدات الجوية التي قدمتها “الولايات المتحدة” للأفغان. إنه نظام ضخم يتضمن سلاسل توريد وعمليات تفتيش منتظمة – وكثيرًا من المعدات وأدوات التشخيص المتطورة للغاية وهيكل الدعم اللوجيستي الهائل لتوفير قطع الغيار في بيئة شديدة التقشف. وبالطبع أطلقت (طالبان) النار على هؤلاء المتعاقدين.

لقد عملت تلك القوة الجوية بجهدٍ كبيرٍ جدَّا. ويحاولون نقل (الكوماندوز)؛ الذين هم بالفعل مقاتلون جيدون ومدربون ومجهزون جيدًا. وقد خرجوا بالفعل في هذه المعارك المبكرة، وكانوا يقفون لتحركات (طالبان) بالمرصاد، لكنني أعتقد أنه في وقتٍ معين أدركوا أنه لم يُعد هناك أحد يأتي لإنقاذِهم ولا مساندتهم، ولا يوجد إعادة إمداد طارئة، ولا تعزيزات ولا إخلاء طبي طاريء ولا دعم جوي قريب.

وأعتقد أن هذا حدث في حالتين، وقد فعلت تلك القوات ما أعتقد أن القوات تفعله في تلك الظروف، إذا تُركوا وحدهم معزولين ولم يأتِ أحد لإنقاذهم، وإذا كانوا يعقدون صفقة أو يتفاوضون على الاستسلام أو يفرون. وبعد ذلك أعتقد أن الإنهيار النفسي للجيش الأفغاني بدأ. وأعتقد أن ذلك كان بمثابة العدوى أو الجائحة.

“القاعدة” مازال موجودًا وسينشط..

ويوضح “بتريوس” أن المغادرة كانت أمرًا سابقًا لأوانه، لأنه كان يجب أن تكون هناك شروط معينة للمغادرة. ولا شك أن هناك أخطاءً لا تُعد ولا تُحصى في بناء المؤسسات وتطويرها، بحيث يمكنها تولي المهام الموكلة إليها.

ولكن، مرةً أخرى، عليك أن تبني شيئًا يمكنك تسليمه. ضع في اعتبارك أنه بمجرد إسقاط (طالبان)، فإننا نمتلك البلد. ومن السهل أن تقول: “لقد ألقينا القبض على، أسامة بن لادن، فلماذا نبقى ؟”، حسنًا، لأن (القاعدة) ستعود. وإذا كان هناك شيء واحد كان يجب أن نتعلمه في السنوات العشرين الأخيرة من الحرب، فهو أنه إذا لم تضع جماعة إسلامية تحت الرقابة، فسوف تعود هذه الجماعة من جديد.

5 دروس للتعلم..

وعندما سأله “شوتينر”؛ هل تعتقد أن هذا هو الدرس المستفاد من الحرب ؟

أوضح “بتريوس”؛ أن هناك خمسة دروس أخرى يجب أن نتعلمها، من السنوات العشرين الأخيرة؛ من الحرب: الأول هو أن المتطرفين الإسلاميين – بحسب وصف “بتريوس” – سوف يستغلون المساحات غير الخاضعة للسيطرة، أو المساحات التي تحكمها الروح العشائرية والقَبَلية في العالم الإسلامي. إنها ليست مسألة: ما العمل إذا حدث كذا وكذا، بل متى سيحدث كذا كذا وكيف سيحدث. وإذا كنَّا جادين حقًّا في هذا الأمر، فعلينا أن نقوم بشيء فعلي على أرض الواقع وليس أمام الشاشة.

الدرس الثاني: عليك فعل شيء حيال هذه المشكلة نفسها. لقد فعلنا ذلك لبعض الوقت فيما يتعلق بالدولة الإسلامية في “سوريا”، وكان أن قاموا بتوليد قوة قتالية هائلة، وعادوا إلى “العراق”، وأقاموا الخلافة في شمال “العراق” وشمال شرق “سوريا”، ونفَّذوا أنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تحفيز: “الهجمات الإرهابية” والتحريض عليها. عليك أن تفعل شيئًا، لأن ما يحدث هناك لا يزال يحدث. وهذه المواقف تميل إلى العنف والتطرف وعدم الاستقرار، والأهم في حالة “سوريا”، حدوث “تسونامي” من اللاجئين الذين توجَّهوا إلى بلاد حلفائنا في الـ (ناتو)؛ مما تسبب في أكبر التحديات السياسية المحلية منذ نهاية الحرب الباردة.

الدرس الثالث: عند القيام بشيء ما، يتعين على “الولايات المتحدة”، بوجه عام، أن تحمل لواء القيادة، وذلك لأن لدينا مثل هذه الهيمنة الهائلة للقدرات العسكرية، ويمكننا تقديم المشورة والمساعدة وتمكين قوات الدول المضيفة بأسطول من الطائرات من دون طيار، كما نتمتع بقدرة لا مثيل لها على دمج المعلومات الاستخباراتية. ويجب أن يكون لدينا تحالفات وشركاء. وبالمناسبة، يمكن التحقق من صحة الدرس الثالث من خلال النظر إلى ما حدث؛ إذ عندما غادرت “الولايات المتحدة”، “أفغانستان”، غادرت جميع دول التحالف أيضًا، على الرغم من أن عديدًا منهم، إن لم يكن معظمهم، كانوا يفضِّلون البقاء.

أفغانستان ليست العراق !

وهنا سأله “شوتينر”؛ لماذا لم يجرِ تبني الخطوات التي يذكرها في “أفغانستان”، خلال عشرين عامًا ؟.. وأجاب “بتريوس”؛ بأن الأمر معقد للغاية؛ وأنت لا تأخذ نظامًا إسلاميًّا ثيوقراطيًّا أصوليًّا متشددًا من القرن السابع وتحوله إلى قوة عسكرية حديثة. ويمكنك القول إن (طالبان) فعلت ذلك، لكن لديهم قواعد في “باكستان”، وهذا شيء لا يمكن نسيانه. ولهذا السبب، عندما رُشِّحتُ لأكون قائدًا في “أفغانستان”، قلت إننا لن نكون قادرين على تحقيق ما فعلناه في “العراق”، فيما يتعلق بزيادة عدد القوات، في “أفغانستان”، والذي كان يبدو أشبه بمعجزة لبعض الناس، لكننا أعتقدنا أنه يمكننا أن نفعل ذلك.

وكنا نعلم أنه يمكننا فعل ذلك، وفعلناه. لقد أوضحت ذلك لوزير الدفاع، آنذاك، “دونالد رامسفيلد”، في أيلول/سبتمبر 2005، عندما طلب مني، وكنتُ في طريقي إلى الوطن قادمًا من “العراق”، أن آتي إلى “أفغانستان”. والمعلومة الأولى في الإحاطة كانت: “أفغانستان ليست العراق”. وبسَّطتُ كل الاختلافات، وكلها جعلت من “أفغانستان” السياق الأكثر تحديًا لمحاربة التمرد. والسبب الأول والأهم هو أن مقرات قيادة المتمردين تقبع خارج البلاد، وقد رفض الباكستانيون التعامل معهم.

على أية حال، توقفنا عند الدرس الثالث. ومن ثم نأتي إلى الدرس الرابع: وهو أنه إذا كنت تريد حقًّا التعامل مع المشكلة، فلا يمكنك مواجهة، “الإرهابيين” – بحسب تسمية “بتريوس” – مثل (القاعدة) أو “الدولة الإسلامية”؛ بقوات: “مكافحة الإرهاب” فقط. يجب أن يكون لديك شيء أكثر شمولًا. أنت بحاجة إلى كل هذه العناصر، لكننا لا “نريد” أن نفعل ذلك.

وعندما سأله “شوتينر” عن قصده بكلمة: “نريد”، أكدَّ “بترايوس” أنه يقصد الجيش الأميركي و”وزارة الخارجية”، موضحًا أن الحكومة الأميركية تُريد أن يقاتل العراقيون في الخطوط الأمامية، وأن تحل القوات الصومالية محل قواتها. وبذلك يتحقق الدرس الرابع. لكن النقطة المحورية في ذلك هي ضرورة وجود نهج شامل، غير أننا لا نريد أن نقاتل في الخطوط الأمامية، ولا نرى ضرورة للمصالحة السياسية في “العراق”، أو ضرورة لإحياء الخدمات الأساسية وتجديد المؤسسات المحلية وإصلاح البنية التحتية وهكذا. ونريد من القوات المحلية والحكومات المحلية فعل ذلك.

الكثير من الأخطاء على طول الطريق..

أما الدرس الخامس: فهو أن السبب وراء حاجتنا إلى أن تقاتل قوات الدولة المضيفة على الخطوط الأمامية؛ يتمثل في ضرورة وجود نهج يتسم بالاستدامة. والتي يمكن قياسها بقدر ما نبذله من دماء وننفِقه من أموال. وإذا تمكنا من تخفيض ذلك بدرجة كافية، فلن ترى متظاهرين في الشوارع كما رأينا، في السنوات الخمس الماضية؛ أو سنوات أخرى من حرب “فيتنام”. وهذا يعني تحديد الطريقة التي نقدم بها المساعدة لقوات الدولة المضيفة؛ دون حاجة إلى تمركز قواتنا على الخطوط الأمامية، إلا في حالات الضرورة القصوى.

وعندما سأله “شوتينر”؛ هل تقترح ضرورة بذل جهود متواصلة على جميع الأصعدة، عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا ؟.. أجابه “بتريوس”؛ لكنها يجب أن تكون جهودًا مستدامة جدًّا. وقد قلَّصنا أعداد قوات التحالف في “أفغانستان”؛ من: 150 ألفًا في ذروة الحرب، إلى أقل من: إثني عشر ألفًا. ودعونا لا ننسى أن الأفغان هم الذين خاضوا الغالبية العظمى من القتال وتعرضوا للموت في ساحة المعركة في “أفغانستان”، ولذلك، وجدتُ تعليقات مخيبة للآمال بشأن القوات الأفغانية التي لا تشارك في القتال.

ويعرف أي شخص خدم في “أفغانستان” عدد الأفغان الذين لقوا حتفهم في المعركة، وهو ما يُعادل: 27 ضعفًا من الخسائر الأميركية. ولابد من التأكيد على أن الأفغان سيقاتلون من أجل بلادهم؛ إذا تيقنوا أن هناك من يحمي ظهورهم ويمدهم بالتعزيزات من الذخيرة والغذاء والإمدادات الطبية، والأهم من ذلك، توفير الدعم الجوي.

ولفت “بتريوس” إلى أنه أعرب، منذ شهور، عن مخاوفه، بعدما أخبروه بالإيقاع التشغيلي للقوات الجوية الأفغانية، وكان ذلك غير مستدام على الإطلاق. ولم يكن متأكدًا من القدرة على الحفاظ على الوتيرة التي كانوا يُحلِّقون بها، وكان هناك كثير من الأبطال الطيارين الأفغان والأطقم الجوية. وكان الأميركيون عنصرًا بالغ الأهمية في قوات الأمن الأفغانية لا يمكن استنساخه.

كما سأله “شوتينر”؛ هل تعتقد أن القادة السياسيين أو العسكريين يتحملون مسؤولية أن الأمر استمر وقتًا أطول من اللازم ؟.. فأجابه “بتريوس”؛ قائلًا: كل ما يُمكنني قوله هو أنني أؤيد تمامًا كل ما أعلنته سابقًا. ومن الواضح أن كثيرًا من الأخطاء ارتُكِبت على طول الطريق. ودعونا نُركز على أهمها، وهو أننا لم نحصل على المعطيات الدقيقة في “أفغانستان”؛ حتى أواخر عام 2010. وكان ذلك أولًا: بسبب رحيل إدارة “بوش”، واستغرقت إدارة “أوباما” عامًا كاملًا لنشر الدفعة الإضافية الأولى من القوات مع مراجعة السياسات. ولم يكن لدينا الهيكل التنظيمي الصحيح.

لكننا بالطبع لم يكن لدينا المعطيات الدقيقة سوى لمدة سبعة أشهر تقريبًا، لأن “أوباما” أعلن موعد الانسحاب لبدء إعادة انتشار القوات. وإذا كان “ريتشارد هولبروك”، المبعوث الأميركي لـ”أفغانستان”، يحاول التفاوض من موقع قوة، فإن إخبار العدو بأنك ستبدأ في الانسحاب، في تموز/يوليو 2011؛ ربما لا يُوفر له موقف القوة هذا. ومن الواضح أنه كان هناك قادة غير صبورين وإدارات متعاقبة، وهلم جرا.

وحققنا إنجازات هائلة، ومن المحزن أن نغفلَها جميعها، بل كان هناك عشرون عامًا استطاعت فيها الفتيات والنساء الأفغانيات الذهاب إلى المدرسة، وعشرون عامًا من حرية التعبير وحرية الصحافة، وخاصة في المدن الكبرى. ومهما كانت الحكومة الأفغانية معيبة وفاسدة، ومهما كانت أوجه القصور، فسوف ينظرون إلى هذه الحقبة على أنها عصر ذهبي لـ”أفغانستان”. وكان الاقتصاد، في “كابول”، ينبض بالنشاط، ولا يمكننا القول إنه حقق التقدم المرجو. لكنه كان بداية لتحقيق ذلك، وهذا هو الهدف. كانت هناك حريات لن تكون موجودة الآن.

كان يجب الاستفادة من تجربة العراق في أفغانستان..

ويوضح “بتريوس”، أما الآن، فلم نُعد هناك لمنحهم تلك الحريات. وحيث إن “أفغانستان” هي الدولة التي خُطط على أرضها لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، ولمنع (القاعدة) من الاستقرار فيها بوصفها ملاذًا لهم، كان عليك تطوير قوات الأمن الأفغانية حتى يتحملوا عبء المهام الموكلة إليهم. وأتذكر أنني في السنوات الأولى في شمال “العراق” كنتُ شيخ أقوى قبيلة في “العراق”، بصفتي جنرالًا أحمل على كتفي نجمتين.

وبموجب “اتفاقيات جنيف”، كنتُ السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية في آن واحد. فكيف تُخلِّص نفسك من هذا ؟.. تفعل ما فعلناه في “العراق”، وأجرينا انتخابات لاختيار مجموعة أو تجمع حزبي في “الموصل”. وأصبح لدينا فجأة عراقيون لمساعدتنا في تحمل هذه المسؤوليات.

لذلك من السهل الاستهانة بالإنجازات التي تحققت، ومرة أخرى هل تجاوزنا الحدود ؟.. بالتأكيد، لكن جزءًا من تجاوز الحدود كان بسبب أنك تعيش دائمًا تحت تهديد السلاح. وقد ذهبت إلى “العراق” وأنت تدرك أنه يتعين عليك البدء في الانسحاب في غضون عام، لذلك كان عليك تحقيق النتائج.

فبادره “شوتينر” بالسؤال؛ هل هذا يعني الحاجة لمزيد من الموارد ومزيد من الوقت ؟.. فوافق “بتريوس” على ذلك؛ لأن الوقت هو أهم مورد، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة” كانت تعاني في “أفغانستان” من نفاد الصبر؛ لأنها كانت أطول حرب مرت عليها، متغافلين حقيقة أننا كنا في “كوريا”، والتي لا يزال لنا فيها أكثر من ثلاثين ألف جندي، وفي “اليابان” كذلك.

وعندما سأله “شوتينر”؛ هل ترى أن صانعي السياسة كان ينبغي لهم أن يتصرفوا بصورة مختلفة، في ضوء أن الحرب ستنتهي بعد عشرين عامًا ؟.. فأجاب “بتريوس” بوجه عام، كان علينا أن نفعل ما فعلناه. وهل فعلنا أكثر من ذلك في حالات أخرى كثيرة ؟.. ربما. لكن بالتأكيد فعل المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار “أفغانستان” الكثير.

فقاطعه “شوتينر”؛ هل تقصد أننا فعلنا الكثير ؟.. فقال “بتريوس” أفرطنا في إعادة الإعمار، وفي مثل هذه الأشياء. واستنزفنا الموارد في حل المشاكل. بل كانت هناك حالات تجاوزنا فيها الحد مع قواتنا، واستغرقنا وقتًا طويلًا لندرك ذلك. وفي بعض هذه الوديان، لم يكن الناس يحبون (طالبان)، لكنهم كرهوا الجميع. ولم يكونوا يريدوننا أو غيرنا هناك. كان عليك أن تتعلم إلى أي مدى يمكنك أن تمضي في طريق ما.

ويختتم “بتريوس” حواره؛ بالتأكيد على أنه من الصعب حقًّا الإجابة عما يجب عليك فعله بصورة مختلفة؛ إذا علمت أن عليك الانسحاب، في عام 2021 ؟؛ صحيحٌ أنك ترغب في إنشاء قوات جوية أفغانية حقيقية، لكنه أمرًا ليس سهلًا، إذ عندما تُعلم بعضهم كيفية تدريس اللغة الإنكليزية؛ وكيف يكونوا مراقبين للحركة الجوية، هل تعرف ماذا يفعلون ؟؛ يذهبون للعمل بصفتهم مترجمين لدى “الأمم المتحدة”، بدلًا من العمل في الحكومة الأفغانية، لأنهم يتقاضون رواتب أكبر.

وهذه تحديات عليك التغلب عليها. ويجب أن يكون لديك ثبات وتصميم هائلين. وعندما سألني أحدهم هل خسرنا الحرب في “أفغانستان”، فأجبته، لا أعتقد أننا خسرناها، لكننا انسحبنا منها؛ وهناك فارق كبيرًا جدًّا بين هذا وذاك.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة