وكالات – كتابات :
في الذكرى السنوية العشرين، لأحداث هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، أشارت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، إلى أن “الولايات المتحدة” باتت في أضعف مراحلها.
واعتبرت المجلة الأميركية، في تقرير لها؛ أن: “رد إدارة جورج بوش على الهجمات الإرهابية بوسائل عسكرية بشكل أساس، تحول سريعًا إلى حروب لا يمكن الفوز بها؛ في كل من العراق وأفغانستان، وهي مغامرة إستراتيجية سيئة بدا أنها كانت مؤشرًا على اضمحلال القرن الأميركي”.
وأضافت المجلة: “إذا كانت هجمات 11 أيلول/سبتمبر؛ نتاجًا لأزمة طويلة داخل الإسلام نفسه أنتجت تنظيم (القاعدة)، فإن رد الولايات المتحدة أثار أيضًا أزمة في السلطة العالمية التي تساهم في تشكيل عالمنا، إذ لم يُعد صعود النظام العالمي الليبرالي المرتبط استقراره بهيمنة الولايات المتحدة وقيم مثل: الديمقراطية وحقوق الإنسان، مسألة حتمية”، مبينة أن: “القوة أصبحت مشتتة بشكل واسع، كما أن المجتمع العالمي الذي تطور مع الولايات المتحدة، أصبح مهددًا”.
تطور التنظيمات الإرهابية..
وأشارت (فورين بوليسي) إلى أن: مثلما استفاد “أسامة بن لادن” من هذا التلاشي لسلطة المؤسسة الدينية التقليدية، إلا إن لم يتمكن من إدعاء الحصرية للجهاد، مضيفة أن: “تنظيم (داعش) كان أحد مخلوقات هذه الفوضى، فهو تنامى لمنافسة (القاعدة) وتقدم ليطرح بنفسه عددًا من المعتقدات المثيرة للجدل، بما في ذلك الحرب الطائفية وفكرة إحياء الخلافة”.
ولفتت إلى أن: “تنظيم (داعش) ظهر في العراق؛ كنتيجة للغزو الأميركي للعراق، العام 2003، في ظل فوضى الإنهيار المجتمعي؛ وفيما فتح التمرد المجال أمام الأفكار (الأبوكاليبتية) المروعة”.
وأوضحت (فورين بوليسي)، أن: “مع حرب العراق، تلاقت أزمات السلطة داخل الإسلام وداخل الغرب، بعد 11 أيلول/سبتمبر، وأصبحت متشابكة في مصير مشترك”.
مخالفة وعد ما بعد الحرب الباردة..
وأشارت المجلة الأميركية، إلى أن الغزو الذي قادته “الولايات المتحدة”، لـ”العراق”، يتناقض مع وعد ما بعد الحرب الباردة، الذي أعلنه، “جورج بوش” الأب، قبل عقد من الزمن فقط، بأن: “سيادة القانون ستحل محل حكم الغاب”.
وتابعت أن: “من خلال ردود إدارة بوش الأبن على أحداث 11 أيلول/سبتمبر، فإنها رفضت بذلك جوانب مهمة من النظام الدولي؛ الذي سعت الولايات المتحدة إلى تشكيله على صورتها الخاصة، ووفقًا لمصالحها”.
وأوضحت أن: “اللجوء السريع إلى التدخل العسكري، وتهميش الأمم المتحدة، وإساءة معاملة السجناء، وجه ضربة قوية لمعايير الإجماع التي تم إضفاء الطابع المؤسساتي عليها بعد الحرب العالمية الثانية”.
وأكدت أن: “الأزمة فيما يتعلق بالزعامة العالمية، والتي القت بظلالها على النوايا الأميركية وأثارت تساؤلات حول قدراتها، كان لها عواقب متتالية على النظام الدولي”.
وأشارت (فورين بوليسي)؛ إلى أن: “الحكومات غير الليبرالية، قامت سريعًا بإعادة تصنيف خصومها السياسيين على أنهم إرهابيون، مثلما جرى في أوزبكستان ومصر وروسيا وموريتانيا، كما أنها ربحت قيام تحالفات لها مع الولايات المتحدة؛ فيما يُسمى بالحرب على الإرهاب، وهو ما خلق قبولاً جديدًا داخل النظام العالمي لأنظمة استبدادية”.
تبعات مستنقعات العراق وأفغانستان..
ورأت أن: “المستنقعات في العراق وأفغانستان؛ لم تُتح للحكومة الأميركية القدرة للرد بطريقة أكثر قوة دفاعًا عن نشطاء الديمقراطية خلال ثورات الربيع العربي، العام 2011″، موضحة أنه عندما قامت (الثورة المضادة)، في “سوريا”، ضد الانتفاضة ما شكل صدمة للضمير العالمي، لم يكن هناك تهديد حقيقي بالتدخل الأميركي لإسقاط نظام “بشار الأسد”، حيث كان من الواضح أن الخيار العسكري لن يؤدي سوى إلى تعميم الفوضى التي كان “التحالف الدولي” يواجهها في “العراق” المجاور.
ونوهت إلى أن: “روسيا ظهرت وأنقذت الحكومة السورية من الإنهيار وأنشأت موطيء قدم لها في البحر المتوسط، ما شكل إيذانًا بعودة العالم المتعدد الأقطاب”.
وتابعت أن: “دعاة النظام الليبرالي، الذي تقوده الولايات المتحدة، فقدوا الثقة في سنوات ما بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، فيما استمرت سلطة واشنطن في التراجع”.
كما لفتت إلى أن: “عدم الاستقرار الذي نتج عن حملات مكافحة الإرهاب، التي شنتها واشنطن، كان يعني أن المنطقة لم تجد متنفسًا لمواجهة أزمة السلطة القائمة داخل الأسلام، التي أدت إلى 11 أيلول/سبتمبر، وكان الجهاد هو نمط سائد للتعبير عن المعارضة بشكل متزايد، في حين كانت السلطات السياسية العلمانية القائمة تفتقر إلى الإصلاح، برغم من الربيع العربي، مع انتشار الفساد والقمع”.
وخلصت إلى أن: “الولايات المتحدة، من خلال تخليص نفسها من العراق، ومن أفغانستان بشكل خاص، أوحت بذلك أنها لا ترغب في الدفاع عن قيمها في الخارج”، مشيرة إلى أن: “الانسحاب المفاجيء للقوات الأميركية، من أفغانستان، أدى إلى التنازل عن أحد المكاسب الملموسة الوحيدة التي حققتها حروب ما بعد 11 أيلول/سبتمبر، أي الإطاحة بنظام (طالبان)، في العام 2001، ودعم نظام يعترف بحقوق الإنسان”.
وختمت المجلة الأميركية تقريرها؛ بالإشارة إلى أن: “بعد مرور 20 سنة، وجد تنظيم (القاعدة)، الذي نفذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر، نفسه أمام فرصة لاستعادة سنواته الذهبية من خلال إيجاد ملاذ وحرية حركة في أفغانستان تحت سيطرة (طالبان)؛ إلى جانب مع أبناء عمومة المتشددين مثل شبكة (حقاني) و(داعش)”.
وأوضحت أنه سيتحتم على “واشنطن” إدارة هذا التهديد المعقد من موقع مؤات بشكل أقل بكثير مما كان عليه الوضع عندما كان لها وجود على الأرض، وفي ظل مكانة عالمية ضعيفة إلى حد كبير، وتحديات عالمية مشتركة آخذة بالتضاعف.
ترجمة: شفق نيوز