خاص : ترجمة – محمد بناية :
يمتاز شهر المحرم في مختلف المدن الإيراني بميزات مختلفة تعكس ثقافة وتقاليد الشعب في هذه المناطق. وتعتبر مدينة “نوش آباد”، من أعمال مقاطعة “آران وبيدغل”، التي تمتاز بإقامة الملحمة الحسينية بشكل موسع.
وتشتمل مراسم العزاء التقليدية في هذه المقاطعة بـ”سقاخواني”، وهي من جملة الفنون الإيقاعية المأخوذة عن مقامات موسيقية إيرانية تقليدية مصحوبة بالأشعار المذهبية، التي تتناول أحداث المحرم.
مراسم جنائزية..
مراسم “الكتل”، وهي عبارة عن حصان مزين بقطع قماش ملونة يجلس عليه طفل صغير تشبهاً بـ”علي” الأصغر “بن الحسين بن علي بن أبي طالب”، المعروف بـ”عبد الله الرضيع”؛ وتوضع على ظهر الحصان فاكهة تشبه البرتقال أو التفاح وإلى جوارهما حمامتان وقربة ماء صغير، ومراسم “تعزيه خواني”، وهى عروض مذهبية تعيد تجسيد “حادثة كربلاء” وأرض “الطف”.
وكذا مراسم “الخيل العربية واحراق الخيمة”، وفي هذه المراسم يمتطي عدد من الممثلين الخيل بعضهم يجسد جيش “الإمام الحسين” والآخر يجسد “جيش الكوفة”، وتجسيد للمعركة ودفن الشهداء ووداع الإمام الحسين لأهل الخيام قبل اشعال النيران فيها، وغارة جيش “يزيد بن معاوية” على معسكر “الإمام الحسين”.
قصة الجني “زعفر”..
لكن الطريف في تلك المراسم العزائية، هو مشاركة الجني “زعفر”.. ويقال إنه حين كانت تدور أحداث “كربلاء” كان الجني “زعفر”، كبير طائفة الجن الشيعة في “بئر ذات العلم”، يستعد لإقامة حفل زفافه حينما سمع فجأة أصوات بكاء وآنات تصدر من تحته، فسأل: “من يبكي في وقت الفرح ؟!”.. أجابه جنيان: “يا أمير عندما أرسلتنا إلى مدينة فلان وأثناء عبورنا من نهر الفرات، تلك المنطقة التي يسميها العرب نينوا رأينا حشد كبير من الناس يتقاتلون. وحين اقتربنا منهم رأينا الحسين عليه السلام وحيداً يتكأ على رمح ويلفت يمنة ويسرة ويقول: هل من مساعد يساعدني ؟!.. وسمعنا أهله وعياله يصرخون من العطش. وحينا رأينا هذه الواقعة المهولة عدنا على الفور إلى بئر ذات العلم لنخبرك القصة وأن نجل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستشهد”.. وبمجرد أن سمع “زعفر” القصة حتى نزع تاجه عن رأسه ولباس العرس عن جسده وجهز كل طوائف الجن بالسلاح وتحرك مسرعاً صوب “كربلاء”. وما إن وصل قال له “الإمام الحسين”: “لقد كلفت نفسك !.. الله ورسوله راضيان عنك. عملك حظى بالقبول في بلاط الحق. لكن ما كان يجب أن تكلف نفسك. وعليك العودة لأن الله لا يريد ذلك ويجب أن أصل للقاء حبيبي”.
يقول “زعفر”: “حين دخلنا أرض كربلاء رأينا جنود العدو في مساحة 484 فرسخ، وكذلك رأيت صفوف كثيرة للملائكة. كان الملاك منصور في جانب بصحبة عدة آلاف من الملائكة الآخرين، والملاك نصر في جانب آخر بصحبة عدة آلاف من الملائكة، وكذلك رأيت الملائكة جبريل ومكائيل وإسرافيل وملوك الريح والبحار والجبال وجهنم وملك العذاب ينتظرون بصحبة جنودهم. واصطفت إلى جانبهم أرواح 124 رسول من آدم وحتى خاتم الأنبياء والمرسلين والكل مندهش.
“وإذا بخاتم الأنبياء يفتح ذراعيه ويقول للإمام الحسين: “ولدي العجل العجل إنّا مشتاقون”. وقد وقف “الإمام الحسين” وحيداً في الميدان مصاب بالكثير من الجروح ورأسه مجروح وصدره محترق وفي عينه نظرة باكية وكل نفس يتنفسه يتفجر الدم من حلقه. وأنا أيضاً أخذتني الحيرة من المشهد وفجأة ينظر “الإمام الحسين” باتجاهي ويشير: “يا زعفر تعال”، حينها نظرت كل الملائكة إلىّ وأفسحوا المجال أمامي. فاتجهت صوب الإمام، وقلت: “جئت برفقة 36 ألف جني لمساعدتك.. لماذا لا تأمرني ؟”. فقال: “أنتم ترونهم وهم لا يرونكم وهذا ليس من المروءة”. فقلت: “اسمح لنا بالتشبه بالبشر وحينها لو قتلنا فسيكون هذا في سبيل مرضاة الله”. فأجاب: “يا زعفر أنا أصلاً لا أميل إلى الحياة وأتمنى لقاء ربي. ارجع من حيث أتيت واقم العزاء بدلاً من نصرتي لأن بكاء المعزين مرهم جروحي”. عدت نزولاً على أمر الإمام وحين وصلت أقمت العزاء. سألتني أمي عن السبب، فحكيت لها ما يحدث لابن من كان السبب في إسلامنا. فقالت: “ولدي أنت تعقني، بماذا سأجيب أمه فاطمة يوم القيامة ؟.. تعالى معي نتوسل إليه عله يقبل بشهادتك في ركابه”. فتحركت والجيش تتقدمنا أمي باتجاه كربلاء، وحين وصلنا سمعت تكبير الجيش وحين نظرت أبصرت رأس الحسين (عليه السلام) مقطوعاً ومرفوعاً على رمح والدخان والنيران تتصاعد من خيم حرم “الحسن”. وصلت إمي إلى الإمام السجاد واستأذنته في السماح لنا بقتال العدو لكن حضرته رفض”.