خاص : كتبت – نشوى الحفني :
منذ أكثر من أسبوع؛ تشن السلطات التركية حملة ضد العمالة السورية والأجنبية، غير المرخصة، في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي أثار سخط مئات الآلاف من العاملين السوريين الذين يمارسون عملهم منذ سنوات.
وآخر هذه الإجراءات؛ صدر في بيان من ولاية “إسطنبول”، أمس، أوضحت فيه الإجراءات الأخيرة التي إتخذتها “وزارة الداخلية التركية” بحق اللاجئين السوريين في المدينة.
وفقًا للبيان، أعطت السلطات المحلية، في “إسطنبول”، السوريين الذين يحملون هويات “حماية مؤقتة”؛ مهلة حتى 20 آب/أغسطس المقبل، وإلا سيتم ترحيلهم.
وأشار البيان إلى أنه تم إغلاق باب التسجيل الجديد للحماية المؤقتة في مدينة “إسطنبول”.
ودعا البيان، الأجانب الذين لهم حق الإقامة في “إسطنبول”، إلى أن يحملوا وثائق الحماية المؤقتة أو جوازات السفر لإبرازها للقوات الأمنية حين الطلب، وذلك للحيلولة دون وقوع أي أضرار.
وأضاف البيان أن: “أعمال إلقاء القبض مستمرة على الداخلين إلى تركيا بطريقة غير شرعية، ونقوم بإخراجهم من البلاد”، لافتًا إلى استمرار “أعمال مكافحة الهجرة غير المشروعة دون إنقطاع”.
وأعلنت “تركيا”، مؤخرًا، إتخاذها مجموعة من الإجراءات القانونية بحق السوريين، بهدف تنظيم أوضاعهم في البلاد، في خطوة قالت إنها ستعود بالفائدة على السوريين أنفسهم.
وتستضيف “تركيا” أكثر من 3.6 مليون سوري، وتضم محافظة “إسطنبول”، وحدها، أكثر من نصف مليون سوري؛ وفقًا لبيانات “وزارة الداخلية التركية”.
الحملة أطلقتها الحكومة..
وطرحت الحملة، التي أطلقتها السلطات التركية مؤخرًا وتضرر منها لاجئون سوريون وعراقيون وغيرهم، تساؤلات عدة بشأن توقيتها، إذ صب كثير من هؤلاء جام غضبهم على الحكومة، التي يرأسها “حزب العدالة والتنمية”، بزعامة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”.
ويلجأ غالبية أرباب العمل العرب وبعض الأتراك إلى تشغيل عمال عرب بدون تصاريح، لتجنب تسديد الإستحقاقات الضريبية للحكومة، إذ إن القانون التركي ينص على ضرورة تشغيل 5 عمال محليين مقابل الترخيص لعامل غير تركي.
محاولة لتجنب التداعيات المستقبلية..
ودخل ملف الوافدين السوريين في “تركيا”، وعددهم يقترب من 4 ملايين شخص، في نفق مظلم ومرحلة ضبابية من الناحية القانونية والسياسية والمعيشية، بعد قرارات ترحيلهم وبداية تطبيق الحملة.
ودفعت التطورات الأخيرة في المشهدين السياسي والحزبي، في “تركيا”، لا سيما خسارة “حزب إردوغان” بلديات كبرى في البلاد، من بينها مدينة “إسطنبول” لصالح المعارضة، الحكومة بإتجاه تسريع التعامل مع هذا الملف في محاولة لتجنب أي تداعيات مستقبلية.
وشهدت حملة الانتخابات البلدية، هذا العام، انتشارًا للخطاب المعادي للسوريين على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم: (السوريون أرحلوا).
وتتضمن حملة التفتيش الأخيرة على العمالة السورية غير المرخصة شقين، الأول تنظيمي مرتبط بالإرادة السياسية للحكومة، والثاني يتعلق بقرارات محلية إنطلاقًا من الصلاحيات الممنوحة لبلديات المدن، لا سيما “إسطنبول”، التي يعيش فيها نحو مليون سوري.
إغلاق المحلات التجارية..
وشملت الحملة، التي شنتها السلطات التركية في محطات المترو والحافلات والأحياء التي يتركز فيها أعداد كبيرة من السوريين، إغلاق محلات تجارية يملكها أصحاب جنسيات مختلفة، من بينها سورية وعراقية على وجه التحديد، والطلب من وافدين سوريين لا يحملون هوية للإقامة في “إسطنبول” بمغادرتها.
وأمهلت سلطات ولاية “إسطنبول”، أمس، السوريين المقيمين بشكل غير قانوني في المدينة، للمغادرة في موعد أقصاه، 20 آب/أغسطس 2019، مؤكدًة في بيان على أن أكثر من 547 ألف سوري يعيشون في “إسطنبول”، ضمن نظام “الحماية الموقتة”، بعدما هربوا من “سوريا” بسبب الحرب.
تحت مسمى ” أمان وراحة تركيا”..
وذكرت وسائل إعلام تركية؛ أن الحملة التي إنطلقت تحت شعار: “أمان وراحة تركيا”، دققت خلالها السلطات بأكثر من نصف مليون هوية، وفحصت نحو 170 ألف سيارة، وأدت إلى اعتقال أكثر من ألف شخص في جميع أنحاء البلاد.
وفي دراسة نشرتها جامعة “قادر هاس”، في “إسطنبول”، الأسبوع الماضي، أظهرت أن نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين ارتفعت من 54.5 بالمئة إلى 67.7 بالمئة، في 2019.
يتأثر بالعديد من النقاط في ظل الوضع الاقتصادي..
تعليقًا على الخطوات التركية المتسارعة تجاه اللاجئين السوريين، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة “إسطنبول”، الدكتور “سمير صالحة”، إن ملف اللاجئين السوريين يتم التعامل معه الآن، في “تركيا”، تحت تأثير أكثر من نقطة ما بين أهداف سياسية واقتصادية وانتخابية، في ظل الوضع الاقتصادي المتراجع وموقف الحزب الحاكم.
موضحًا أن موضوع اللاجيء السوري في “تركيا” حاليًا يناقش بطريقة تختلف عما كانت عليه الأمور منذ 8 سنوات، فعندما بدأت الثورة في “سوريا”، أتبعت “أنقرة” سياسة الباب المفتوح، لكن الأمر تغير الآن.
وأكد “صالحة” على أن عدد اللاجئين السوريين في “تركيا” حاليًا، نحو 4 ملايين نسمة، في حين كانت تعمل السلطات التركية على بناء المخيمات في المناطق الحدودية، ولكن جزءًا كبيرًا من اللاجئين توجهوا إلى المدن الكبرى، وهذا ما حدث حيث يتواجد ربع الوافدين السوريين في “إسطنبول”.
لافتًا إلى أن السوريين عندما جاءوا إلى “تركيا” لم يستفيدوا من “اتفاقيات جنيف” بقدومهم كلاجئين؛ بل تم التعامل معهم على أنهم قادمون بصفة مؤقتة، وهذه النقطة لم تنجح في تطبيقها السلطات السياسية.
وأردف: “السلطات التركية تريد الآن إعادة من تواجدوا في إسطنبول والمدن الكبرى إلى المناطق الحدودية أو بالداخل السوري”.