علمت “كتابات” ان لجنة مشكلة من قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني اكتشفت ان زعيمه جلال طالباني قد دفع 5 ملايين دولار الى حزب الدعوة لانتخاب المالكي زعيما له بدلا من ابراهيم الجعفري وليتولى رئاسة الحكومة ايضا بدلا منه حيث كان على خلاف مع الاكراد حول قضية كركوك فأرادوا التخلص منه.
وقال مصدر قريب من قيادة الاتحاد الوطني ان اللجنة التي تم تشكيلها اثر اصابة زعيم الاتحاد طالباني بجلطة دماغية ادخلته في غيبوبة منذ عدة ايام قد اكتشفت خلال تدقيقها لحسابات الاتحاد ان طالباني دفع مبلغ الخمسة ملايين دولار للدعوة قبل ثلاثة ايام من انتخاباته لزعامة الحزب وانقلابه على الجعفري واختياره للمالكي زعيما له. واشار المصدر الى ان اللجنة عثرت على ادلة تؤكد ان طالباني دفع المبلغ من ميزانية شركة “نوكان” التابعة للاتحاد . واضاف ان اللجنة قررت مطالبة المالكي بارجاع المبلغ في حال وفاة طالباني والذي كان دفعه له تآمرا على الجعفري من اجل التخلص ايضا من ترشيحه لمنصب رئيس الحكومة مجددا وهو ما حصل فعلا وتم ترشيح المالكي للمنصب الذي تولاه منذ نيسان عام 2006 .
واوضح المصدر ان الجعفري لايعلم بتفاصيل تآمر طالباني مع المالكي ضده وان الخمسة ملايين دولار قد دفعت رشاوى لقياديي الحزب للتصويت لصالح المالكي ضد الجعفري وهو ماتم فعلا وارغم هذا الاخير على الخروج من الحزب وتشكيل تيار الاصلاح الوطني.
وكان سليم الحسني المستشار الاعلامي السابق للجعفري قد كشف قبل فترة أسرار تنحية إبراهيم الجعفري، والضغوط التي تعرض لها داخليًا والخدعة الإيرانية له، وأسباب موقف الرئيس طالباني ضده . فقد كان طالباني ايضا غاضبا من الجعفري لانه كان يعارض ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية مفضلا تولي هذا المنصب شخصية عربية وليس طالباني الكردي . بل ذهب الجعفري الى أكثر من ذلك حين كرر طلبه أكثر من مرة بضرورة أن يتولى رئاسة الجمهورية شخصية من السنة العرب، وشرح قناعته بأن المحيط العربي والذي يشكل عمقاً إستراتيجياً للعراق، هو سني في غالبيته، فلا بد من مراعاة هذا الجانب، طالما تم إعتماد المحاصصة الطائفية، وأن العراق بحاجة الى دعم الدول العربية، وبحاجة الى أن يزيل آثار العزلة العربية التي فرضها النظام السابق، وهذا لن يكون إلا عبر رئيس سني عربي.
وصارح الجعفري بعض زعماء الكرد بأن تمسكهم بمنصب رئاسة الجمهورية الى جانب وزارة الخارجية سيحرجهم عربياً، وسيحرج العراق قبل ذلك. وأن من الافضل لهم وللشعب الكردي وللعراق عموماً أن لا يستفزوا الوسط العربي بتمسكهم بهذين المنصبين ولا سيما الرئاسة.
وكان الجعفري يقول لبعض الزعماء الكرد، إن الشعب الكردي تعرض للكثير من الإضطهاد، وأن من مسؤولية قادتهم أن يحفظوا لشعبهم حقوقه، بعد كل ما تعرضوا، كما أنه كان يذكر مأساة الشعب الكردي في حلبجة والأنفال وغيرهما، وكان يقول لهم إنني أعرف مأساتكم لأنها مأساتنا في الوسط والجنوب، ولهذا أدعوكم الى تأمل هذه القضية الحساسة، لكي يحصل الشعب الكردي على حقوقه كما يستحقها، وهو في ذلك كان يؤكد لهم رأيه في عدم التمسك برئاسة الجمهورية.
وكان من الطبيعي لهذه القناعة أن تجعل الجعفري محاطاً بنظرة خوف من قبل بعض الزعماء الكرد، لقد رصدوا فيه توجهاً عربياً، ولم يكن سهلاً عليهم أن يثبتوا العين على توجهه الوطني العراقي دون الآخر، إنها منافسة ساخنة في دولة حديثة البناء، وما يحدث الآن برخاوة، سيتحول في الغد الى صخرة ثقيلة مستعصية على الإهتزاز.
فقد لقد توجس بعض الزعماء الكرد خيفة من توجهات الجعفري، لا سيما وأنهم وجدوه ليس سهلاً في قضية كركوك، وانه متمسك بما تم الاتفاق عليه في قانون إدارة الدولة، وانه يريد أن يحسم البرلمان هذه القضية الشائكة فتفجرت أزمة بينه وبين طالباني، في حادثة أثارت الاستغراب والدهشة أمام أعين العالم.
ويؤكد الحسني ان الخطوة الأولى لترشيح الجعفري داخل كتلة الإئتلاف كان على اساس أن يتم ذلك عن طريق حزب الدعوة، لكن هذه الخطوة شابها بعض التلكؤ، فكتلة من الجليد كانت تغطي جزءً من المسافة بين الدكتور الجعفري وبعض قيادة حزب الدعوة، منذ فترة تولي الجعفري رئاسة مجلس الحكم، لأسباب لها حديث غير هذا. فكانت من مظاهر ذاك البرود، أن المالكي إمتنع عن إعطاء صوته لصالح الجعفري في البرلمان العراقي، خلال التصويت على ولايته الأولى مطلع عام 2005. وكان ذلك يعني أن المالكي لن يكون متحمساً، بل سيكون معارضاً لترشيح الجعفري عن حزب الدعوة هذه المرة، وأن هناك أيضاً في قيادة الحزب من يتفق مع المالكي. وعقدت قيادة حزب الدعوة عدة إجتماعات لتداول هذه المسألة المصيرية، لكنها لم تتفق على قرار بشأن ترشيح الجعفري. وكان بعض مستشاري الجعفري يرون أن المالكي هو الأشد معارضة لترشيحه.
ويضيف الحسني ان طالباني قد فاجأ الجميع، عندما صرح بأنه يرفض ترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء، معترضاً على زيارة الجعفري لتركيا، واعتبر ان سفره جاء دون أخذ إذن من هيئة الرئاسة. وكان واضحاً أنها محاولة لإعلان حرب على الجعفري، لكن السبب لم يكن مقبولاً، فليس هناك مادة قانونية تلزم رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان بأستئذان الرئاسة، وقد سافر الجعفري عدة سفرات قبل ذلك دون أن يعترض طالباني. لقد كان المطلوب صناعة أزمة، وطالما أن الوقت يمر، فلا بد من صناعتها بأي شكل وهذا ما حدث.