خاص : ترجمة – آية حسين علي :
صور بسيطة التقطت لفتاة مراهقة فلسطينية نجحت في تحقيق ما لم يتمكن كبار القادة العرب في الوصول إليه، وهو تغيير التصور الدولي للصراع الفلسطيني، فأضحى مكشوفاً أمام جزءاً كبيراً من العالم ما يفعله الإسرائيليون مع الفلسطينيون، وخاصة الأطفال منهم، فتخشى إسرائيل من صمود طفلة بل وتعتقلها، تلك الفتاة هي “عهد التميمي” (17 عاماً).
وبينما يرى أقارب “التميمي” أن الفتاة تعد مثالاً لمقاومة الإحتلال، يعتقد الإسرائيليون أنها تدعو إلى بث العنف، أما والدها، “باسم التميمي”، يمتلئ فخراً بابنته المناهضة للإحتلال الإسرئيلي لفلسطين، بحسب صحيفة (الموندو) الإسبانية.
“أيقونة” لتغيير نظرة العالم للصراع..
تحولت الفتاة الشابة إلى “أيقونة” للصمود أمام الإحتلال الإسرائيلي، بعدما أنتشرت صورها في جميع أنحاء العالم، بينما كانت تصفع جندي إسرائيلي بالقرب من منزلها بقرية “النبي صالح” شمال شرقي “رام الله”، بشكل كبير في أنحاء العالم، إلا أنها اعتقلت ووالدتها بعد الواقعة بساعات ووجهت إليها 12 تهمة تتضمن استخدام العنف والتحريض عليه ومهاجمة الجنود بالحجارة، بينما تواجه والدتها، “ناريمان”، 5 تهم، وتم نقلهما إلى سجن “هشارون”.
وتدرك “عهد”، على صغر سنها، أهمية الصورة في تغيير نظرة العالم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وصرحت بذلك في حوار مع، “أليس ديغر”، إذ قالت: إن “الصور أنتشرت كالفيروس، وهذا مهم حتى يمكن للعالم أن يرى ما يحدث”.
وتحت شعار: “الحرية لعهد التميمي”؛ توحد الفلسطينيون، كما يقيم والدها الفعاليات للدفاع عنها وعن قضيتها، ويؤكد: “عندما شاهدت الصور شعرت بالفخر، إنه رد الفعل الطبيعي أمام الإحتلال، لكن أنتابني شعور بالقلق لأنها كانت تشعر بالضغط النفسي”، موضحاً أنه قبل الواقعة بقليل تعرض ابن أخيه “محمد”، (15 عاماً)، لإصابة في الرأس متأثراً بالرصاص المطاطي الذي أطلقه جنود الإحتلال لتفريق مسيرة في قرية “النبي صالح”.
“حنظلة” للشجاعة..
أضحت “عهد”، التي ولدت في زمن الإنتفاضة الثانية، من بين أبرز الشخصيات المعروفة في غزة والضفة الغربية وإسرائيل، ليس فقط بسبب ملامحها المميزة وعيناها الزرقاوان وشعرها الأشقر، وإنما لمواقفها من الجنود الإسرائيليين، والتي أظهرتها الصور والمقاطع المصورة التي تداولها العالم، وظهرت الفتاة في 2012 في أحد المقاطع، بينما كانت تهز قبضتها أمام أحد الجنود الإسرائيليين في محاولة لمنعهم من اعتقال شخص آخر، وكانت حينها إبنة 11 عاماً.
والتقت بعدها بالرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، ومنحها جائزة “حنظلة” للشجاعة تقديراً لمقاومتها للإحتلال.
كما ظهرت في فيديو مع والدتها؛ بينما كانتا تحاولان منع الإسرائيليين من اعتقال شقيقها عام 2015، إذ قاومت الفتاة أحد الجنود.
وقبل اعتقالها، قالت “عهد”: “سأظل أقاوم من أجل التحرير، فالجنود الإسرائيليون موجودون هنا لحماية المستوطنات والإستيلاء على الأراضي الفلسطينية”، وعند سؤالها عن المستقبل، قالت: “الإحتلال يمنعني من التفكير في المستقبل”.
وأضافت “عهد”: “أفعل نفس ما يفعله كل طفل فلسطيني، لكن حظي أن الكاميرا تلتقط ما أقوم به”.
هوليوود فلسطين..
يعتقد الإسرائيليون أن عائلة “التميمي” يمارسون الخداع بتصوير مشاهد معينة لإظهار بشاعة الإحتلال، فيما يعرف بـ”باليوود”، (هوليوود فلسطين)، وهو ما نفاه “باسم التميمي”، مؤكداً: “لم نكن لنفعل شيئاً لو لم يكن هؤلاء الجنود على أرضنا وداخل منازلنا، إنه رد الفعل الطبيعي ضد من يحتل أرضنا، كما أن هوليوود تشكل الرأي العام، ونحن نريد التأثير في الرأي العام لمقاومة الإحتلال”.
وأضاف، في حواره مع الصحيفة الإسبانية: “أرى أن الشهرة العالمية التي أكتسبتها ابنتي عهد شئ يدعو للفخر لأنها تعبر عن القضية الفلسطينية”.
وتابع: “ماذا أستفدنا من عملية السلام سوى سقوط المزيد من القتلى وقيام إسرائيل ببناء المزيد من المستوطنات، لا يجب أن نستمر في خداع أنفسنا، ومسؤوليتنا هي الصمود وعدم التراجع، وإما أن نحصل على الحرية أو نقضي على الإحتلال”.
ولد “باسم التميمي”، في عام 1967، الذي شهد بداية الإحتلال الإسرائيلي، وهو مقيم مع عائلته في قرية “النبي صالح”، التي تقع في المنطقة (ج) بالضفة الغربية وتقع تحت سيطرة إسرائيل، وعُرف عنه أنه مناضل وتم اعتقاله أكثر من مرة وأصيب بالشلل نتيجة للتعذيب داخل أحد السجون الإسرائيلية.