خاص : ترجمة – بوسي محمد :
عندما تأخذ “السينما” مقعد القاضي، وتصدر أحكامها دون رحمة، ولا تجد من يحاسبها، يجد الفنان نفسه مكبل بين أيديها، ونجوميته مرهونة على كلمة واحدة منها.. هذا ما فعلته السينما العالمية عندما منحت تصريح لفيلم (Leaving Neverland-مغادرة نيفرلاند)، الذي تمكن من اسقاط عرش ملك البوب، “مايكل غاكسون”، بعد سنوات مضنية عاشها وسط الآلات الموسيقية لصنع موسيقى خاصة به؛ تفرد بها على الساحة الفنية، حتى نجح في تكوين قاعدة جماهيرية لم تقتصر على الغرب فحسب، وإنما امتدت حتى عالمنا العربي، فهناك الكثير من المعجبين بفنه يعتبرونه أبًا روحيًا له، يحاكوا أسلوبه في الرقص أو في مظهره الخارجي.
حكم بالإعدام على “ملك البوب” !
رغم أن مزاعم الإعتداء الجنسي، التي التصقت بـ”غاكسون”، بعد رحيله في 2009، ليست الأولى التي يصطدم بها المشاهير، حيث سبق وعاش نجوم “هوليوود” حكايات شبيهة، وتم اتهامهم بالتحرش الجنسي، لكن المخرج الأميركي، “دان ريف”، قرر أن يصدر حكمًا بالإعدام على “غاكسون”، لما أثاره الفيلم الوثائقي، (Leaving Neverland)، بشأن الإعتداءات الجنسية للمطرب الشهير، “مايكل غاكسون”، طوال حياته، حيث يتعرض الفيلم لخفايا ويبرز قضايا عديدة وروايات مدهشة عن إساءة معاملة “غاكسون” الجنسية، وميوله الشاذة تجاه الأطفال. مستندًا على شهادة أحد ضحايا “غاكسون”، وهما “ويد روبسون” و”غيمس سافشوك”، اللذين يصفان بالتفصيل الدقيق الأفعال التي يدّعيان أن النجم العالمي إرتكبها ضدهما وهم صُغار لم يتجاوز أعمارهم الحادية عشر.
شهادة ميلاد جديدة لـ”ميركوري”..
يعرض الفيلم، بالتزامن مع فيلم (البوهيميان الرابسودي)، الذي يروي السيرة الذاتية لأسطورة الروك، “فريدي ميركوري”، المغني الرئيس لفرقة “كوين”، والمعروف بشذوذه الجنسي، فقد توفي إثر إصابته بمرض نقص المناعة المكتسب، “الإيدز”، لكن المخرج، “براين سينغر”، إبتعد عن سلوكيات “فريدي” التي من الممكن أن تفقده جماهيريته ونجوميته، ومنحه شهادة ميلاد جديد، ليصبح متربعًا في قلوب الأجيال الجديدة الذين لم يحالفهم الحظ في معاصرة “فريدي ميركوري”.
إلتزم “سينغر” بالمسار المألوف في عالم موسيقى “الروك”، التي تشمل سحر الاستوديو، والدخول إلى كواليس الحفلات، ومشكلات المخدرات، وتناول حياة “فريدي” الفنية دون المساس بحياته الخاصة، عكس ما فعل مخرج فيلم (مغادرة نيفرلاند)، الذي تعمق في تفاصيل حياة “غاكسون” الجنسية ليغير من الصورة الذهنية التي كان يرسمها الجمهور العاشق لفنه له في مخيلتهم. ويجعلهم يتعاطفوا مع الضحايا ضد “غاكسون”.
حكمان مختلفان والشذوذ واحد !
رغم أن التهمة واحدة؛ فالاثنين لديهم ميول شاذة في حياتهم الجنسية، لكن في فيلم (البوهيمان الرابسودي)، تيمنًا بأغنيته الشهيرة التي تحمل نفس الاسم؛ التي لاقت نجاحًا كبيرًا في حقبة السبعينيات، وتربعت على عرش الأغنية البريطانية والأميركية، نجد أن المخرج كسب تعاطف الجمهور مع شذوذ “فريدي”، أثناء عرضه لبعض المشاهد التي كان يلتقي فيها مع حبيبته، “ماري أوستن”، والتي جسدتها، “لوسي بويتون”، وفي وقت لاحق، مع حبيبه الشرير، “بول برينتر”، “ألن ليتش”، والذي نال معظم اللوم عن أي شيء سيء حدث لـ”ميركوري” في حياته.
لقد هرب فيلم (البوهيمان رابسودي)؛ في نهاية المطاف من سرد السيرة الذاتية القياسية، وكذلك من طريقة رواية القصص تمامًا، إذ ركز على نجاح “فريدي” الفني، وأدائه المذهل على خشبة المسرح، وكيف كان يقضي مزيدًا من الوقت داخل غرفته الموسيقية مع أعضاء فرقته، “كوين”، للخروج بموسيقى جديدة ومختلفة وبلحن متفرد، حتى تربع على عرش موسيقى “الروك”.
وهنا تأتي أسئلة عديدة تطرح نفسها؛ هل حياة الفنان الخاصة تعتبر ملكًا للعموم يمكن للكل الإطلاع عليها ؟.. هل يحق لأحد الخوض في الحياة الشخصية للفنانين دون الرجوع لعائلته ؟.. وهل يعتبر مسًا بحقوق الخصوصية في حالة ما إذا تعدى الأمر الأخبار المألوفة والشائعة ؟.. هل ما فعله المخرج، “دان رايف”، في فيلم (مغادرة نيفرلاند) بحق “غاكسون”، يُصنف تحت بند “الجرائم”، خاصة بعد أن منع راديو الـ (BBC) إذاعة أي أغانٍ لملك البوب الراحل ؟