29 نوفمبر، 2024 2:43 ص
Search
Close this search box.

طالباني يغيب عن العراق تاركا جدل خلافته وأزمة لم يحلها  ‏

طالباني يغيب عن العراق تاركا جدل خلافته وأزمة لم يحلها  ‏

‏بدأ الرئيس العراقي جلال طالباني اليوم الخميس رحلة علاج من جلطة في الدماغ في المانيا يعتقد انها ‏ستطول لاشهر عدة تاركا خلفه أزمة سياسية معقدة كان يعد لمؤتمر لم ينعقد من اجل حلها وجدلا حول ‏خلافته في رئاسة الجمهورية ينتظر ان تعقد المشهد السياسي بشكل اكبر قد يقوده الى مزالق خطيرة ‏مالم يقدم الفرقاء السياسيين تنازلات متبادلة توصل لاتفاقات نافذة.‏

فقد قرر فريق طبي وصل الى بغداد وأجرى فحوصات لطالباني (79 عاما) اثر جلطة دماغية اصابته ‏بغيبوبة منذ مساء الاثنين الماضي نقله الى مستشفى الماني متخصص كان الرئيس عولج فيه لثلاثة ‏اشهر الصيف الماضي وذلك لاجراء فحوصات وتحاليل أدق وأفضل. ‏
وفي آخر تطور للوضع الصحي للرئيس العراقي فقد اشار مقربون منه الليلة الماضية ان هذا الوضع ‏يشهد تحسنا مستمرا وقد فتح عينية وبدأ يصافح ضيوفه ويستجيب للاصوات التي يسمعها . وخلال ‏الساعات الاخيرة اشرف على فحوصات اجريت لطالباني وعلاجات قدمت له فرق طبية عراقية ‏وبريطانية وايرانية اضافة الى الفريق الالماني.   ‏
ويعاني طالباني وهو اول رئيس كردي في تاريخ العراق منذ سنوات من مشاكل صحية، حيث اجريت ‏له عملية جراحية للقلب في الولايات المتحدة في اب (اغسطس) عام 2008، قبل ان ينقل بعد عام الى ‏الاردن لتلقي العلاج جراء الارهاق والتعب. كما توجه خلال العام الحالي الى الولايات المتحدة واوروبا ‏عدة مرات لاسباب طبية. ‏
وشغلت الانتكاسة الصحية الحالية للرئيس العراقي الاوساط السياسية والاعلامية وقد زاره في ‏المستشفى كبار قادة البلاد فيما تلقى مساعدوه اتصالات من قبل زعماء ومسؤولين عرب واجانب، الى ‏جانب ممثلين عن المرجعيات الدينية في النجف للاطمئنان على صحته.  ‏

طالباني يترك مؤتمرا للمصالحة والاصلاح لم ينعقد ‏
وبمغادرة طالباني الى المانيا في رحلة علاج يتوقع ان تطول يكون قد ترك خلفه ازمة سياسية بين ‏الكتل الكبيرة في البلاد وتوترا بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردستانية في اربيل كان على ‏وشك ان ينجح في جمع الفرقاء السياسيين وجها لوجه من لحل مشاكلهم والتوافق على حلول ترضي ‏الجميع.   ‏
وفي هذا الاطار قال مستشار ائتلاف “العراقية” هاني عاشور ان تدهور صحة طالباني بعد جهد ‏لتقريب وجهات النظر قد ألقت ورقة الإصلاح للنسيان ولم يعد هناك أي أمل بالاصلاح  وان الحديث ‏الذي دار لاكثر من شهرين عن الاصلاح والاجتماعات الدورية التي عقدت بشأنها لم تكن سوى ‏محاولة لتذويب موضوع سحب الثقة ولم تكن هناك اية جدية في هذا الموضوع  وان الازمة مع الكرد ‏كان هدفها تفتيت فكرة الاصلاح  .‏
واوضح عاشور في تصريح صحافي ان “سفر الرئيس طالباني للخارج للعلاج في وعكته الصحية ‏الاولى اودى بمشروع سحب الثقة عن الحكومة والمؤتمر الوطني، ووعكته الثانية الحالية ستجعل ‏الاصلاح نسيا منسيا ولا وجود للاصلاح، ما يمكن ان يدفع العراق الى ازمات متتالية حتى موعد ‏الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما يبدو افضل وسيلة لمعالجة الازمات بالازمات”. وأوضح ان ‏‏”الشعب العراقي هو دائما من يدفع الثمن، ولا يرى في الافق حلولا او تحسنا في الجانبين الامني ‏والخدمي وسط حالات من الفساد اضاعت عليه فرصه المستقبلية” .‏
ويغيب طالباني عن العراق بعد ان كان على وشك جمع الفرقاء السياسيين في مؤتمر لحل الازمة ‏السياسية الناتجة عن عدم تنفيذ اتفاق اربيل بين القوى السياسية والذي انبثقت عنه الحكومة الحالية ‏اواخر عام 2010. وكان طالباني دعا قبل اشهر لعقد مؤتمر لحل الازمة السياسية . لكن اجتماعات ‏اللجنة التحضيرية للمؤتمر توقفت بعد أربعة اجتماعات فشلت خلالها في تحديد موعد نهائي لانعقاد ‏المؤتمر أو الاتفاق على جدول اعماله، بسبب الخلافات بين القوى السياسية، وكل ما أنجزته أنها ‏تسلمت اوراق عمل مقترحة للمؤتمر قدمتها الكتل السياسية الكبرى المشاركة، وهي الائتلاف الوطني ‏والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني. 
‏ وكان طالباني يسعى من خلال عقد هذا المؤتمر حل الأزمة السياسية الناشبة بين القوى السياسية حول ‏مجموعة من القضايا الخلافية، أهمها عدم اكتمال تطبيق اتفاقية أربيل التي تشكلت بموجبها الحكومة، ‏فضلاً عن موضوعات استجدت كمشكلة التعامل مع مطالب بعض المحافظات بتشكيل أقاليم، وكذلك ‏اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بارتكاب “أعمال إرهابية” وانتقاله اواخر العام الماضي ‏للإقامة في إقليم كردستان، الذي رفض تسليمه إلى السلطات الاتحادية، ثم الحكم عليه بالاعدام مؤخرا .. ‏أضافة الى المشكلات بين حكومة الإقليم والحكومة الإتحادية ومنها عدم إصدار قانون للنفط والغاز ‏ينظم صلاحيات الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وتأخر تنفيذ المادة 140 الدستورية التي تعالج ‏مصير كركوك والمناطق المتنازع على تبعيتها بين بغداد واربيل.  ‏
وفيما يخص الازمة بين بغداد واربيل فقد نجح طالباني في الثالث عشر من الشهر الحالي في اقناع ‏رئيسي الحكومة العراقية نوري المالكي واقليم كردستان مسعود بارزاني بالموافقةعلى خطة لحفظ ‏الامن والاستقرار في البلاد تقضي بوقف الحملات الاعلامية وان تجتمع اللجان العسكرية – الفنية ذات ‏الاختصاص بهدف تشكيل مجموعات تضم مواطنين من سكان المناطق المتنازع عليها وبنسب ‏متساوية بين أبناء القوميات الثلاث  وتناط بها مسؤولية حفظ الأمن هناك ويبدأ اثر ذلك انسحاب ‏القوات التي تحركت في وقت سابق إلى هذه المناطق. ‏
وجاء اعلان الاتفاق بعد ايام من وصول الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل الى اخطر مدياتها اثر ‏دفع الجانبين لقوات عسكرية الى خطوط التماس على حدود اقليم كردستان حيث تشهد العلاقة بين ‏بغداد و اربيل ازمة حادة بسبب خلافات عدة آخرها تشكيل بغداد “قيادة عمليات دجلة” لتتولى ‏مسؤوليات أمنية في مناطق متنازع عليها. وقد انعكس الخلاف توترًا على الارض حيث قام كل من ‏الطرفين بحشد قوات قرب مناطق متنازع عليها خصوصًا في محافظة كركوك (255 كم شمال شرق ‏بغداد).‏

خلافة طالباني بين الاكراد والسنة
وتثير خلافة الرئيس طالباني جدلاً وخلافات سياسية في العراق حيث ينتظر أن يكون على رأس ‏المرشحين لخلافته برهم صالح نائبه في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس حكومة كردستان ‏ونائب رئيس الوزراء العراقي سابقا ، باعتبار أن المنصب هو للمكون الكردي، وكذلك اسامة النجيفي ‏رئيس البرلمان القيادي السني في القائمة العراقية، على اساس أن الرئاسة هي للسنة، بحسب ‏المحاصصة الطائفية المعمول بها في العراق منذ عام 2003. ‏
فمنذ انتخاب أول مجلس للنواب العراقي عام 2005 بعد سقوط النظام السابق فقد اقتضت المحاصصة ‏ان يكون رئيس الجمهورية سنيا على ان يكون له نائبان شيعي وكردي ولكن لان طالباني كردي فقد ‏كان له نائبان سني وشيعي ثم رئيس الحكومة شيعيا وله نائبان سني وكردي ورئيس مجلس النواب ‏سنيا وله نائبان شيعي وكردي. ‏
وتنحصر خلافة الرئيس العراقي في حال اختيار شخصية كردية ببرهم صالح حيث يتوقع أن يصر ‏مسعود بارزاني رئيس الاقليم على احتفاظ الاكراد بمنصب رئيس الجمهورية وقد يرشح زوج ابنته ‏رئيس حكومة الاقليم نجيرفان بارزاني لمنصب. ‏
اما على الجانب السني فأن اقوى الشخصيات المرشحة لخلافة طالباني هو النجيفي الذي يحظى بقبول ‏القوى السياسية التي يحتفظ بعلاقات جيدة معها ولم يدخل معها في خلافات او مماحكات سياسية ‏تجعلها تعترض على توليه رئاسة العراق. ومن المنتظر أن تمر المناقشات حول هذا الامر بأزمات ‏وخلافات قبل أن يتم الاتفاق على ثاني رئيس للجمهورية منذ عام 2003 بين جميع الفرقاء السياسيين.‏
ويقول زعماء سنة في مجالسهم الخاصة انهم يتطلعون لمنصب الرئيس لكنهم يدركون صعوبة ‏المعركة التي سيخوضونها لتحقيق هدفهم بسبب قوة الصوت الكردي وتأثيره على مجريات الاحداث ‏في البلاد وما يمكن ان يؤدي حرمان الاكراد من المنصب الى مخاطر كبيرة على الاوضاع السياسية ‏في البلاد التي تعيش اصلا وضعا مضطربا. ولذلك يؤكد محللون سياسيون اكراد ان برهم صالح هو ‏المرشح الاوفر حظا لخلافة طالباني.  ‏
وكان طالباني عاد إلى العراق في 17 ايلول (سبتمبر) الماضي بعد رحلة علاج في المانيا استمرت ‏ثلاثة اشهر بعد أن اجريت له عملية ناجحة في الركبة. وقبل ذلك عولج مطلع عام 2007 في مدينة ‏الحسين الطبية بعمان التي يشرف عليها الجيش الاردني اثر معاناته من ارهاق شديد وفقدان الكثير من ‏السوائل في جسمه. ‏
وتسلم طالباني منصب رئاسة الجمهورية عام 2005 ثم جدد له مجلس النواب ولايته الرئاسية في ‏اواخر عام 2010 وحتى مطلع عام 2014 بعد ان يكون قد شغل منصبه لولايتين ويحق له وفقا ‏للدستور الاستمرار بالمنصب لدورة ثالثة. وجلال طالباني الملقب “مام جلال” اي “العم جلال” باللغة ‏الكردية، هو اول رئيس كردي في تاريخ العراق الحديث.‏

الدستور العراقي وخلافة الرئيس
وتنص المادة 67 من الدستور العراقي على “ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة ‏الوطن، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، ‏وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور، وينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية، باغلبية ثلثي عدد ‏اعضائه وتحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات، ويجوز اعادة انتخابه لولايةٍ ثانيةٍ فحسب”.‏
وفي مادته 75 ثالثا ينص الدستور على “يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو ‏منصبه لاي سببٍ كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدةٍ لا تتجاوز الثلاثين يوماً ‏من تأريخ الخلو. ويتضمن الدستور فقرة اخرى تتعلق بخلو المنصب في حالة عدم وجود نائب لرئيس ‏الجمهورية هي الفقرة رابعا التي تقضي بان يحل رئيس مجلس النواب، محل رئيس الجمهورية في ‏حالة عدم وجود نائبٍ له، على ان يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدةٍ لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ ‏الخلو.‏
ويرى رجال القانون انه في حالة خلو المنصب لعجز الرئيس عن ممارسة عمله او الوفاة فان نائب ‏رئيس الجمهورية خضير الخزاعي سيتولى منصب رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد في ‏جلسة لمجلس النواب خلال 30 يوما حيث سيكمل الرئيس الذي ينتخبه مجلس النواب المدة المتبقية ‏لولاية رئيس الجمهورية التي ستنتهي بنهاية الدورة الحالية لمجلس النواب مطلع عام 2014 موعد ‏اجراء الانتخابات العام في البلاد..‏

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة