“شرق” الإيرانية تقرأ في .. أزمة “غزة” والسياسة الخارجية الإيرانية !

“شرق” الإيرانية تقرأ في .. أزمة “غزة” والسياسة الخارجية الإيرانية !

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

منذ بداية انتصار “الثورة الإسلامية”؛ وبالنظر إلى عدم تعاون وأحيانًا تعارض النظام الثوري مع أقطاب القوة الأساسية في العالم، فقد أمسّت جملة: “الأوضاع الحسّاسة الراهنة” الأكثر تكرارًا على لسان المسؤولين في “إيران”؛ حتى فقدت هذه الجملة أهميتها وتأثيرها بشكلٍ طبيعي ونتيجة للتكرار غير الضروري أحيانًا، وتسببت خلال السنوات الماضية في سأم العامة بحيث أضحت مثار للسخرية. بحسّب “مرتضی شربیاني”؛ في تحليله المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.

لكن لابد من الاعتراف بأن “إيران” تعيش أوضاعًا بالفعل حسّاسة نتيجة عمليات (طوفان الأقصى) وما تلاها من هجوم “الكيان الإسرائيلي” على “غزة”، وسوف تستمر الحسّاسية حتى انتهاء هذه الأزمة.

ومن البديهي في ظل هذه الظروف؛ مراعاة الدقة والذكاء في القرارات بمنأى عن المشاعر حرصًا على مصالح الدولة، وفي هذا الإطار وللمزيد من فهم الأوضاع الراهنة تُجدر الإشارة إلى الملاحظات التالية:

الفشل الإسرائيلي..

01 – شّنت “إسرائيل”؛ عقب عمليات (طوفان الأقصى)، بتاريخ 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م، هجمات جوية واسعة النطاق على “قطاع غزة” بهدف القضاء على (حماس) وتحرير الأسرى.

وقد استمرت هذه العمليات مدة عشرين يومًا قبل أن تقترن؛ وفق المعلن، بعمليات برية. وكانت الآمال معقودة على تجنب “إسرائيل” الهجوم البري، التي أرتأت أن تحقيق الهدف المعلن يسّتدعي التدخل البري، ورُغم التحذيرات الأميركية بدأت “إسرائيل” عملية برية على شمال “قطاع غزة” و”بيت حانون”؛ بتاريخ 27 تشرين أول/أكتوبر 2023م.

وقلما توقع أحد في البداية أن تنجح (حماس) في صد هجوم الجيش الإسرائيلي المجهز، لكن الآن وبعد مرور نحو ثلاثة أشهر منذ بداية العمليات الإسرائيلية، ازدادت الشكوك حول إمكانية نجاح “تل أبيب”. والواقع أن “الكيان الصهيوني”؛ الذي استهدف المدنيّين الأبرياء في “غزة”؛ خلال هذه المدة، بهجمات وحشية وبربرية، قد فشل في تحقيق إنجاز هام ضد (حماس).

كذلك باءت جهود “إسرائيل”؛ طوال هذه المدة، بالفشل في تحرير أحد أسراها لدى (حماس). في حين أن العمليات العسكرية على “غزة” تسببت في إحراج أمام الرأي العام العالمي بشكلٍ غير مسّبوق، وازدادت الضغوط الدولية على “تل أبيب” من جميع الجهات.

عدم قدرة إسرائيل على مواجهة “إيران” مباشرة..

02 – تاريخ “إسرائيل”؛ منذ نشأتها وحتى الآن، يُثبّت عدم اعترافها أساسًا بأي حدود أو قيود على عملياتها العسكرية خارج الحدود، وتهاجم بدعم أميركي غير محدود أي تهديد محتمل في أي منطقة بالشرق الأوسط.

وما عمليات أيلول/سبتمبر 2007م؛ على مواقع الجيش السوري في “دير الزور”، وهجوم حزيران/يونيو 1981م؛ على المنشآت النووية العراقية، إلا نماذج تؤكد أن “إسرائيل” تحرص على استخدام عنصر المفاجأة في كل عملياتها.

لكن التهديدات والأضرار؛ وكذلك الأنشطة السياسية والدعاية الإسرائيلية، ضد البرنامج النووي الإيراني تُثبّت أن المخطط الاستراتيجي الدفاعي الإيراني الذكي، سلب “إسرائيل” إمكانية القيام بأي هجوم عسكري ضد “إيران”.

وفي ضوء هذه الأوضاع؛ سّعت “إسرائيل” على مدار العشرين عامًا الماضية، إلى تهيئة أجواء الصراع الإيراني مع “الولايات المتحدة الأميركية” بكل الطرق الممكنة، ولم تتورع في هذا الصّدد عن أي إجراء يُحفز “إيران” على القيام بخطوات انفعالية ومثّيرة للتوتر، وإقناع الإدارة الأميركية للقيام بإجراء عسكري ضد “إيران”.

مع هذا؛ ورُغم المسّاعي الإسرائيلية الشاملة ونفوذ اللوبي الصهيوني في الفضاء السياسي الأميركي، فقد سّاهمت عوامل من مثل الهيكل الدفاعي والهجوم الإيراني القوي، ونفوذ “إيران” الواضح في المنطقة، ومعارضة حلفاء “أميركا” من الدول الأوروبية، في بقاء مستوى التوتر بين البلدين عند مستويات محددة. إلا أن (طوفان الأقصى) هيأت الأجواء إلى اضطرار “الولايات المتحدة” للتدخل، وتعقيد أوضاع المنطقة قد يورط “الولايات المتحدة” أكثر في قضايا المنطقة.

ازدياد قوة إيران و”محور المقاومة” منوط بالتصرف الذكي..

ختامًا لطالما لعبت الأزمات على مدار التاريخ دورًا هامًا في تغييّر مكانة الحكومات؛ حيث يُصيّغ الطرف المنتصر مسّار التطورات المستقبلية.

وغداة أزمة “غزة” الراهنة يمكن توقع زيادة قوة ونفوذ “إيران” و(محور المقاومة) بشكلٍ ملفت بعد فشل “إسرائيل” في تحقيق أهدافها، لكن هذا الأمر منوط بالدقة والذكاء في السياسات والخطوات المقبلة.

وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية؛ تقدمت “إيران” بسياسات مقبولة، على مسّار يخدم المصالح الوطنية والأمل معقود على استمرار هذا النهج بشكلٍ يفضي إلى السلام، والاستقرار، والتطوير للمنطقة، و”إيران”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة