شتاء أكثر قسوة على العراقيين .. إيران تخنق العراق بخفض كميات الغاز المولد للكهرباء !

شتاء أكثر قسوة على العراقيين .. إيران تخنق العراق بخفض كميات الغاز المولد للكهرباء !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأت “إيران” بممارسة ضغوطها على “العراق”، وهو ما ظهر بشكل خاص في العاصمة، “بغداد”، ومحافظات “الفرات الأوسط”، من تراجع كبير في معدلات تجهيز الطاقة الكهربائية إلى منازل المواطنين، بحيث لا تتجاوز معدلات التجهيز 5 ساعات في بعض الأيام، ما يفاقم من معاناة السكان في ظل تزايد الطلب مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة والحاجة إلى أجهزة التدفئة التي تعتمد على الطاقة الكهربائية.

وهو ما جعل “وزارة الكهرباء” العراقية تُطلق تحذيرًا خطيرًا، أمس الأحد، من قرار “إيران” بتخفيض كميات غازها المُصدر إلى “العراق” لتوليد الطاقة الكهربائية، مما سيُحرم مواطني العاصمة ومحافظات الوسط من هذه الطاقة، مطالبة بديونها على العراق، البالغة 4 مليارات دولار، ثمن غازها المُصدر إليه.

وحذرت “وزارة الكهرباء” من أن تخفيض الغاز الإيراني؛ سيجعل تجهيز الطاقة الكهربائية شبه معدوم، وقال المتحدث باسمها، “أحمد موسى”، أن: “الجانب الإيراني سيُقلل تجهيز العراق بوقود الغاز من 5 ملايين متر مكعب إلى 3 ملايين متر مكعب؛ نتيجةً لعدم تسديد الديون المترتبة على شراء الغاز”.

وأضاف المتحدث أن: “التخفيض سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في العاصمة ومناطق الفرات الأوسط”، منوهًا إلى أن قرار تخفيض نسبة تجهيز الغاز الإيراني جاء بعد أسبوعين من اتخاذ قرار مماثل لخَفَض نسبة التجهيز من 50 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب. ودعا “وزارة المالية”؛ إلى دفع مستحقات الغاز الإيراني تلافيًا لفقدان التيار الكهربائي .

تمديد الإعفاء الأميركي 60 يومًا جديدة..

يُذكر أنه، في 23 أيلول/سبتمبر الماضي، مددت الإدارة الأميركية إعفاء “العراق” من عقوبات استيراد الطاقة من “إيران”، 60 يومًا آخر. ووافق وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، على التنازل الجديد لمدة 60 يومًا، قبل يوم من إنتهاء صلاحية الإعفاء السابق، البالغ 120 يومًا.

وكان محافظ البنك المركزي الإيراني، “عبدالناصر همتي”، قد أعلن، في 19 حزيران/يونيو الماضي، عقب اجتماع مع “الكاظمي”، في بغداد، عن موافقة الحكومة العراقية على تسوية ديونها المتعلقة بالغاز والكهرباء لطهران من خلال توفير الغذاء والدواء.

وبسبب أن “إيران” تخضع لعقوبات مصرفية أميركية؛ فلا يمكن للعراق تحويل العُملات الأجنبية إليها مقابل الغاز والكهرباء المستوردة منها. ويمكن لـ”ايران” استيراد البضائع فقط من “العراق”؛ بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وذكر مرارًا، من خلال التقارير؛ إلى أن العراق يحتاج لما بين 3 و4 سنوات من العمل المتواصل والبيئة الصالحة للاستثمار ليعتمد على إكتفائه الذاتي من الغاز.

انتقادات لاذعة للسلطات العراقية..

ودائمًا ما كانت تتعرض السلطات العراقية لانتقادات لاذعة لعدم استغلالها الغاز المصاحب لعملية استخراج النفط واعتمادها على الغاز المستورد بدلاً عن ذلك، وحسب بعض التقديرات المختصة فإن العراق يقوم، منذ أعوام طويلة، بإحراق الغاز المصاحب ولا يتم استغلاله بمتوسط يفوق 700 مليون متر مكعب يوميًا.

محاولة حكومية لإحتواء هدر الغاز..

وكان رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، قد افتتح الشهر الماضي، أضخم برج محلي لإنتاج الغاز المصاحب لإستخراج النفط، من حقول الخام العملاقة في محافظة “البصرة” الجنوبية؛ بطاقة تصل إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا.

وقالت “وزارة النفط”، في حينها؛ إن: “البرج الجديد يُعد الأكبر في مشروع غاز البصرة، ويُفترض أن يتم الإنتهاء من إنجاز المرحلتين من المشروع الجديد، بنهاية 2022، ضمن خطة الوزارة للتخلص من ظاهرة حرق الغاز في حقول التراخيص النفطية”. ما يعني أن البلاد لن تكون قادرة على تغطية حاجتها المحلية من الغاز قبل مرور نحو سنتين.

الفساد المالي والإداري معضلة ملف الكهرباء..

وبحسب برلمانيين واقتصاديين عراقيين، فإن ملف الفساد المالي والإداري هو المعضلة الرئيسة التي تقف عائقًا أمام تحسن واقع الكهرباء في “العراق”؛ إذ تكشف الوثائق عجز الحكومات المتعاقبة في توفير الكهرباء، رغم إنفاق حوالي 42 مليار دولار، والتي كانت تكفي لبناء أحدث الشبكات الكهربائية في العالم.

ويحتل “العراق” المرتبة 168 عالميًا ضمن الدول الخمس الأكثر فسادًا في العالم، بحسب “منظمة الشفافية الدولية”، في تقريرها الصادر عام 2019، وهذا ما يُجبر العراقيين على العيش في دوامة المعاناة.

ويستورد “العراق”، الغاز الطبيعي، يوميًا لسد العجز في إنتاج الكهرباء، حيث يعاني القطاع من أوضاع متردية للغاية عقب سنوات طويلة من الفساد المالي والإداري في البلاد، فضلاً عما يزيد على 3 أعوام من الحرب على تنظيم (داعش)، التي أدت إلى تدمير البنية التحية في كثير من المحافظات التي احتلها التنظيم، شمال وغرب البلاد.

ويعاني العراقيون من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، خاصة في فصل الصيف، بينما هذه المرة تزامنت مع قدوم فصل الشتاء، وهو ما يؤدي بين الحين والآخر إلى اندلاع تظاهرات في بعض المحافظات تشوبها أعمال عنف واشتباكات مع قوات الأمن.

مطالب باستبدال قيادات وزارة الكهرباء..

وأمس، طالب عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية، “همام التميمي”، رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، باستبدال الكوادر المتقدمة وقيادات “وزارة الكهرباء” بعد ما سمّاه: “الفشل الكبير” في معالجة أزمة الكهرباء ووصولها إلى مرحلة الإنهيار.

وقال “التميمي”، في تصريحات: “سبق وحذرنا من إنهيار المنظومة الكهربائية في عموم المحافظات؛ نتيجة للتلكؤ في التعامل مع المشكلات واستمرار التخبط في العمل، ما أدى إلى تراجع كميات الطاقة المنتجة وتسبب في تراجع ساعات التجهيز اليومي إلى أدنى المستويات في عموم المحافظات”.

مضيفًا أن: “لجنة النفط والطاقة النيابية سبق أن قدمت العديد من الملاحظات والمعالجات والمقترحات لواقع المنظومة الكهربائية، لكن لم نجد أي متابعة أو تفاعل مع تلك المقترحات، وكانت نتيجة حالة التعنت الوضع المتردي للمنظومة الكهربائية في هذا الوقت من العام؛ ولا نعلم ما هو حالها في حال وصول موسم الذروة في فصل الصيف”.

وشدد “التميمي” على: “أهمية إيجاد حلول فعلية وحقيقية لواقع الكهرباء في البلد، وإنهاء حالة التخبط والمحسوبية التي أوصلتنا إلى هذا المستوى، وربما إلى الأسوأ في المستقبل في حال عدم المعالجة السريعة”.

يُذكر أن البرلمان العراقي قد شكّل، في تموز/يوليو الماضي، لجنة خاصة للتحقيق في ملف الكهرباء، وخلصت إلى وجود هدر يُقدر بمليارات الدولارات نتيجة الفساد وسوء الإدارة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة