خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
على خلفية التصعيد العسكري الأخير في شمال “سوريا”، هناك مخاوف متزايدة بسبب احتمال اندلاع مواجهة عسكرية واسعة النطاق بين “تركيا” وجيش “بشار الأسد”.
فخلال يوم أمس، وقع صدام شبه علني بين “تركيا” و”سوريا”، في منطقة “إدلب” المُحاصرة. إذ هاجمت قوات “الأسد” الميليشيا المسلحة التابعة لـ”جبهة النصرة”، فيما يقوم جيش “إردوغان” بإرسال الأسلحة والذخيرة للمتمردين.
وكانت ذروة الصدام عندما شن الجيش السوري غارات قصف بالقرب من قافلة تركية مسلحة داخل الأراضي السورية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة هو: هل استمرار الدعم التركي للمتمردين السُنة في “إدلب” سيُفضي، في نهاية المطاف، إلى اندلاع حرب بين الدولتين ؟
كل طرف سينتظر تراجع الطرف الآخر !
يعتقد البروفيسور، “إيال زيسر”، الأستاذ بقسم تاريخ الشرق الأوسط وإفريقيا التابع لجامعة “تل أبيب”، حدوث مناوشات ومواجهات مسلحة على نطاق ضيق بين القوات التركية وجيش “الأسد”، وسيكون ذلك بمثابة محاولات لجس النبض لمعرفة مَن هو الطرف الأكثر تصميمًا وإصرارًا، وبالتالي سيتم حسم مسألة السيطرة على منطقة “إدلب”.
الأيام حُبلى بالمفاجآت !
يضيف “زيسر”؛ أن “إردوغان” يريد السيطرة مُستغلًا وجود المتمردين في منطقة “إدلب”. وعلى الجانب الآخر، فإن “الأسد” لن يتنازل عن تلك المنطقة. لذلك، سنرى كثيرًا من حالات استعراض القوة، التي لن ترقى إلى الحرب.
مشيرًا إلى أن “الأسد” سيحاول المضي قدمًا، كما سيرسل “إردوغان” مزيدًا من الأسلحة، والذي سيواصل إصراره هو الذي سينتصر في النهاية.
ويرى “زيسر”؛ أن هذا الوضع ربما سينتهي بتراجع “إردوغان” في النهاية، لأنه لن يتصرف عسكريًا داخل “سوريا”. لكن “الأيام حُبلى بالمفاجآت”.
الطرفان لا يريدان الحرب..
أما الخبير الإسرائيلي في الشؤون السورية والأستاذ بقسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة “بار إيلان”، الدكتور “يهودا بالانغا”، فيعتقد بأن الطرفين، التركي والسوري، ليس لها مصلحة في اندلاع مواجهة شرسة، وأن ما قام به جيش “الأسد”، أمس، من قصف بالقرب من القافلة التركية؛ إنما هو مجرد تعبير عن استياء “سوريا” من الوجود العسكري التركي في أراضيها.
يقول “بالانغا”: “ما حدث أمس بمثابة رسالة من، بشار الأسد، مفادها أنه لن يقبل بالفعل الوجود العسكري التركي في منطقة إدلب. ولذا فقد استهدف قافلة غير مؤثرة لمجرد التعبير عن استيائه”.
مُضيفًا أن: “هذا الهجوم السوري سيُقابل برد تركي ضعيف مثله، لأن الطرفين لا يريدان اندلاع مواجهة كُبرى. فالرئيس، الأسد، لم ينجو من حرب أهلية استمرت ثماني سنوات لكي يدخل في صدام عسكري مباشر مع، إردوغان. فهذا الأمر ليس في صالحه وليس واردًا في حُسبانه. وما يريد، الأسد، أن يقوله هو أن منطقة إدلب أرض سورية ذات سيادة وهو يسعى للسيطرة عليها”.
“إردوغان” لا يعتزم احتلال إدلب..
من ناحية أخرى، فإن “إردوغان” لم يُدخل قواته إلى الأراضي السورية إلا لهدف واحد فقط، ألا وهو التصدي للأكراد. على حد تصور “بالانغا”.
لقد أرسل قواته لمنع التواصل الإقليمي الكُردي على طول حدود بلاده، لأن وجود الميليشيات الكُردية هناك يمثل مشكلة كبيرة في نظره. لذا فإن “إردوغان” أيضًا لا يخطط لاحتلال الأراضي السورية لفترة طويلة، وإذا فرض “الأسد” سيطرته على تلك المنطقة، ليمنع قيام دولة كُردية، فسيقبل “إردوغان” ذلك.
روسيا لا ترغب في اندلاع المواجهة..
علاوة على ذلك، فإن “روسيا”، كذلك، لن ترغب في اندلاع مواجهة كبرى في المنطقة، لأن ذلك سيضر بمصالحها بشكل كبير.
لهذا السبب سوف يتباحث “بوتين” و”إردوغان”، وسيكون هناك رد تركي. وعلى الأرجح سيكون هناك مزيد من المواجهات، ولكنها لن ترقى إلى مستوى الحرب، بل ستكون نوعًا من جس النبض بين الطرفين.
وجدير بالذكر؛ أن “روسيا” غير سعيدة كذلك بوجود التدخل الإيراني في “سوريا”، لذا فإن آخر ما يحتاج إليه “بوتين” و”الأسد” هو الوجود التركي على رأسيهما في المنطقة الشمالية لـ”سوريا”. ولهذا السبب فلن تكون هناك مواجهة شاملة، بل مزيد من المناوشات الخفيفة إلى أن يتم التوصل تسوية.
مخاوف مختلفة..
يرى المستشرق الإسرائيلي، “مردخاي كيدار”، أن المشكلة المستعصية في منطقة “إدلب” تكمن في وجود مصالح متضاربة لكلا الطرفين.
إذ يريد “بشار الأسد” القضاء على فلول جميع المنظمات الإرهابية التي أتت إلى المنطقة من جميع أرجاء “سوريا”. ولهذا فإن “الأسد” لا يعبأ بقتل النساء والأطفال، في سبيل القضاء على الإرهابيين وعدم قيام دولة للإرهابيين داخل الدولة.
وفي المقابل؛ فإن “إردوغان”، كزعيم إسلامي، لا يمكنه أن يسمح بوقوع تلك المجزرة في حق النساء والأطفال بالقرب من حدود بلاده. وهذا في نظره كأنما سمح للكفار “العلويين” بذبح الأبرياء من أهل السُنة. لهذا السبب يرسل “إردوغان” المساعدات إلى منطقة “إدلب” المحاصرة.