“سيلفي مع الفيضان” .. ظاهرة شاذة تنهش الشارع الإيراني !

“سيلفي مع الفيضان” .. ظاهرة شاذة تنهش الشارع الإيراني !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

في حين يمثل فيضان الأنهار كارثة بكافة تفاصيلها للسواد الأعظم من طبقات وشرائح أي مجتمع؛ مثل عناصر فرق الإنقاذ التي يمثل لهم فيضان النهر “الموت” بوجهه المهلك، إلا وقد إستجددت ظاهرة لا تخلو من الطرافة والتفكه، وهي التقاط صور، “السلفي”، مع فيضان الأنهار وعمل المواطنين على تسجيل أكثر ذكرياتهم رعبًا حياله !

لذلك فإن هذه المجموعة من المواطنين، لم تعتزم مطلقًا التسجيل وتُعد تليفوناتها المحمولة وتضغط على زر الكاميرا وتلتقط الصور، تلك الصورة التي قد تكلفهم حياتهم. بينما تحول التقاط صور، “السيلفي”، ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، تجربة مثيرة في أسلوب حياتنا اليومية، لكن البعض قد يلجأ إلى التقاط صور “سيلفي” عجيبة وخطيرة في سبيل نشر صورة طريفة ومختلفة باسمه تثير دهشة وحيرة الكثيرين.

وتشهد حاليًا معظم المحافظات الإيرانية سيول وفيضانات عارمة، لكن صور “السيلفي” للمواطنين، في هذه المحافظات المأزومة، تكشف مدى الخطورة، حتى أن أحد الشباب إنزلق بينما كان يلتقط صورة “سيلفي” على ضفاف نهر “كلدان”، بمنطقة “دلفارد”، ومات غرقًا.

والسؤال المطروح: “ما هي أسباب السلوكيات الخطيرة عند البعض ؟”..

تقديم الجسد على الروح..

للإجابة عن ترحيب البعض بالحركات الخطيرة؛ يقول عالم الاجتماع، “جعفر باي”، في حوار إلى “مريم گندمكار”، مراسل صحيفة (آفتاب) الإيرانية الإصلاحية: “القضية الأهم أن البعض يلجأ، بسبب نقص أو إنعدام دوافع إفراغ الإثارة، إلى السلوكيات الخطيرة، وهم ينتظرون بالحقيقة وقوع كارثة حتى يمكنهم تفريغ مشاعر الإثارة. على سبيل المثال قد يخسر حياته بالوقوف أمام حادث تصادم خطير، لكنه مع هذا يقف”.

مضيفًا: “وللأسف يعاني المواطن من ضغوط نفسية مخزونة؛ قد لا يستطيع تفريغها في روتين حياته اليومية، ومن ثم يرحب بالحركات والحوادث المفاجئة. وطالما لم يتم تفريغ هذه العواطف بشكل صحيح، فسوف نعاني من هذه السلوكيات الخطيرة في المواقف والحالات غير القياسية”.

وعن مسألة التقاط صور “السيلفي” في حالات الأزمات، يقول “باي”: “في لحظة ما ينتبه الناس إلى تقديم الروح على الجسد، بينما في لحظة أخرى يحظى الروح والجسد بنفس الأهمية الكبيرة، لكن في هذه الحالة يكون الجسد مقدم على الروح. وإذا أمعنا النظر فإن عمليات تجميل الوجه والمظهر الجسدي بكل أنواعها تضرب بجذورها في الاهتمام بالجسد، والتقاط الصور السيلفي هي إحدى خصوصيات بعض الأفراد اللذين هم على استعداد لتقبل الأخطار الجمة في سبيل التقاط صورة سيلفي”.

الرغبة في الرؤية سبب السلوكيات الخطيرة..

في تعليقه على الظاهرة، يقول، “مجيد أبهري”، خبير علم السلوك: “استيراد سلوكيات أجنبية له أعراض جانبية، ولو لم تتحرك المؤسسات الثقافية، والإعلامية، وبخاصة الإذاعة والتليفزيون، والأسرة للوقاية من هذه الأعراض الجانبية، فسوف تطال الأعراض غير القياسية لذلك النوع من السلوكيات جميع المواطنين.. وأحد هذه السلوكيات التي تنتشر للأسف، كالفيروس بين الكثير من المواطنين، التقاط صور سيلفي أثناء الأوقات الحرجة والحوادث وبعض اللحظات التي من الممكن أن تتهدد حياة الأفراد. ولا يمكن أن ننسى كيف وقف البعض يلتقط صور غير لطيفة للأوضاع المأزومة جراء إنهيار مركز (بلاسكو) التجاري في العاصمة طهران، وهو الحادث الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين إطفائي.. وللأسف فقد أصبح هذا السلوك شائعًا ومقبولًا اجتماعيًا في الكثير من المدن والقرى”.

متابعًا: “وقد رأينا في قرية كرات، بمدينة لاهيغان، محافظة غيلان، الكثير من حالات التقاط صور السيلفي في الحوادث، هذا بخلاف التقاط صور السيلفي في شيراز على ضفاف نهر خروشان؛ مع احتمالات الموت غرقًا”.

وعن أسباب شيوع هكذا سلوك في المجتمع، يجيب: “السبب الأول من منظور علم السلوكيات هو حافز الرؤية. للأسف بعض الفضائيات تستفيد من المواطنين كمراسلين وتريد منهم التقاط الصور أو الفيديوهات للأضرار والتشوهات الاجتماعية وإرسالها، وهذا ينم عن سلوك غير احترافي تمامًا. السبب الثاني إنما يكمن في متلازمة المشاهدة، بمعنى أن الكثير من الأفراد يعاني هذه المتلازمة في ظل تجاهل الأسر والمؤسسات الاجتماعية والثقافية، وهم يبحثون في الواقع بالتقاط الصور السيلفي ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي عن متابعين، وهذا ما يدفعهم إلى التقاط صور عجيبة وغريبة. أما السبب الثالث إنما يرتبط بشعور المنافسة بين بعض الأفراد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة