شاب صغير جميل يحب العمل الوطني.. يحب بلده العراق.. بهذه الكلمات تحدثت شقيقة الصحافي المختطف ضمن الطلاب والنشطاء السبعة الذين جرى اختطافهم من شقتهم مساء الإثنين الثامن من آيار/مايو 2017، من منطقة “البتاوين” وسط العاصمة بغداد، لوسائل الإعلام تروي مأساة جديدة للواقع في العراق من وجهة نظرها.
مآسي إنسانية جديدة..
دموعها تقول ما يؤرق كثيراً من العراقيين.. فالصحافي، المولود عام 1994، يعمل مراسلاً لصحيفة “طريق الشعب”، تتسائل شقيقته: “هل كل ذنبه أنه مهتم بوطنه.. ويعمل وفق القانون والدستور لا يخالفهما ؟”.
تفاعل جماهيري وتهديد بالتصعيد..
على الفور تفاعل العراقيون ومنظمات المجتمع المدني بشكل غير عادي في محافظات آخرى غير العاصمة كـ”البصرة وكربلاء” رفضاً لسياسة الاختطاف مقابل التعبير عن الرأي لهذا الصحافي والطلاب والنشطاء، فيما منعت – لبعض الوقت – القوات الأمنية في ساحة التحرير ببغداد فضائيات كثيرة من تغطية التظاهرات التي خرجت تحمل الحكومة المسؤولية وتستنكر سلبية الأمن تجاه بعض الفصائل المسلحة، ومنهم من اتهم مجموعة “عصائب أهل الحق” بتنفيذ عملية الاختطاف رداً على انتقاد ومهاجمة أمينها العام “قيس الخزعلي” من قبل أحد المختطفين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أين العبادي ؟.. يتسائل العراقيون..
لقد طالب المتظاهرون بشكل مباشر رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”، بالتدخل وإظهار أن هناك قانون يحكم وليست مناطق “مافيا”، حيث السيارات رباعية الدفع الضخمة التي تجوب شوارع بغداد وتنفذ عملية اختطاف وكأنها جهة حكومية رسمية، فيما انتقد الرئيس العراقي “فؤاد معصوم” بشدة عملية الاختطاف معرباً عن بالغ قلقه، مؤكداً على أن الأجهزة الأمنية هي فقط المسؤولة عن تطبيق القانون وليس أي فصائل مسلحة !
تسريب معلومات عن المختطفين..
الأزمة كادت أن تتصاعد، بعد اتجاه نشطاء ومجموعة كبيرة من الطلاب إلى التصعيد والتهديد بالتظاهر المفتوح، فيما ذهب آخرون للسخرية من المختطفين والتأكيد على أن لديهم معلومات أنهم سيعودون قريباً إلى منازلهم، فقط هو خطف قصير الوقت للتأديب حتى لا يتهكم أحدهم أو ينتقد “الحشد الشعبي” مرة أخرى، وهو ما حدث بالفعل بعدها بعدة ساعات وقبل انتهاء يوم الثلاثاء 9 آيار/مايو 2017، حتى أعلن مكتب وزير الداخلية، “قاسم الأعرجي”، إطلاق سراح الناشطين المدنيين السبعة، وبالفعل أكد أهالي المختطفين إطلاق سراح ذويهم.
كالعادة الفاعل مجهول !
كالعادة لم تتجرأ وزارة الداخلية أو الحكومة باتهام جهة بعينها أو فصيل بتنفيذ عملية الاختطاف، بل اكتفت بوصف الخاطفين بـ”المجموعات المسلحة المجهولة”، وفي وقت سابق، من الثلاثاء، قال “قاسم الأعرجي”، خلال مؤتمر صحافي، إنه يرفض حادثة خطف النشطاء المدنيين السبعة في بغداد، واصفاً إياها بـ”سياسة كتم الأفواه”، ملمحاً إلى أن أي فصيل أو مجموعات لديها مشكلة مع أي جهة عليه أن يلجأ إلى القضاء، لا أن ينتحل صفات حكومية ويستغل احترام السيطرات للجهات الأمنية !، في إشارة لمعرفته الجيدة بالمنفذين، لكنه أيضاً لم يوضح إذا ما كان هناك ثمة توجيه اتهام أو عقاب لهذه المجموعة “المسلحة المجهولة” أم لا ؟
تأمين المقاعد وضمان الاستمرار أهم من أمن الشارع..
تحدث هذه الوقائع في الشارع البغدادي.. بينما ساسة بغداد يتحسسون مناصبهم ومقاعدهم في “مرحلة ما بعد داعش” بالتوافد على كربلاء، ففي أسبوع واحد ذهب كل من وزير الدفاع ووزير الداخلية، ثم رئيس مجلس النواب “سليم الجبوري”، ثم أخيراً رئيس الوزراء “حيدر العبادي”، للقاء “مقتدى الصدر” في حي الإسكان !
لقد خرج للإعلاميين والصحافيين “مقتدى الصدر” بعد لقائه بـ”سليم الجبوري” رئيس البرلمان، آخذاً الكلمة دون الانتظار، مؤكداً على أن نقاشات هامة دارت بينهما على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاجتماعية وشكر له تلبيته لدعوته، حسب نص ما ذكره زعيم التيار الصدري.
التغطية الإعلامية تكشف متابعة إيران وسيطرة الفصائل الشيعية..
ثم اخذ الجبوري الكلمة وقال أمام نحو 18 قناة تليفزيونية، يتبع كثير منها إيران بشكل مباشر أو غير مباشر لفصائل شيعية تتعاون بشكل وثيق مع طهران، إن هذا الاجتماع مثمر ومفيد.. وشهد الحديث عن المرحلة القادمة والمناطق المحررة وما بعد داعش، وهو أول ما يهتم له الجبوري !
مصالحة وتعايش مع الاختطافات !
كما تحدث الجبوري عن ما أسماه ضرورة إتمام ملف المصالحة الوطنية والتعايش الاجتماعي.
وعند الحديث عن الإصلاح السياسي، بدا الجبوري متردداً في صياغة ما يريد قوله، خاصة عندما أكد على ضرورة تعاون “كل الأطراف السياسية”، لتفويت الفرصة على من يريد أن يودي بالعراق إلى حافة الهاوية، من خلال عمل سياسي ناضج، على حد قوله، فكيف مع هذه الاختطافات ورفض أي نقد تتحقق اي مصالحات، يتسائل متابعون للشأن العراقي ؟
البرلمان ورئاسته هي الهدف من الزيارة..
ثم جاء الجبوري إلى بيت القصيد والذي عجل بزيارته إلى كربلاء، “عمل البرلمان خصوصاً في الفترة القادمة” كان محور الحديث.. إذ أن هناك بعض التشريعات الأساسية المطلوب التعامل معها وفي مقدمتها قانون الانتخابات، لم يفت الجبوري أن يعظم “الصدر” بالإثناء عليه ومواقفه أمام الكاميرات.. لافتاً إلى أن “الصدر” له دور كبير في تحقيق الوحدة الوطنية.. والنظر بواقعية للأمور، بينما أمن الصدر على كلام الجبوري بإيماءة له بالرأس تؤيد ما يقول عند ذكر ان “العراق في ظرف يحتاج إلى العقلانية والترشيد”.
ما بعد داعش.. أهم ما يؤرق السياسيين والمسؤولين..
“المرحلة المقبلة في العراق غير ما قبل تنظيم داعش، نقطة يعلمها السياسيون جيداً في العراق.. إذ أن من أوكلت له مهمة التخلص من هذا التنظيم كان على قدر المسؤولية، والآن حان وقت دفع المقابل، ويدرك الجبوري ذلك بقوله إن المرحلة المقبلة تحتاج تعاون مشترك وأنه على استعداد، هنا يؤكد من منصة كربلاء أن له دور في المستقبل، فالجميع يسعى لمد فترة التعاقد على المناصب، بل يثبت رئيس البرلمان مقعده بقوله “إنهم مستعدين لذلك”، في إشارة منه إلى استكمال تولي المسؤولية.
ويرى النشطاء أن هذه الزيارات تصب في مصلحة السياسيين والمسؤولين الشخصية، دون أي اهتمام بتوفير الأمن في الشارع العراقي أو الرعاية الصحية لأغلب المواطنين، بدليل أن بعد هذه الزيارات هناك فصائل لازالت تصر على إحراج الحكومة بإظهار نفسها دولة داخل الدولة تستطيع اختراق أي سيطرات وتنفيذ ما من شأنه يشكك في عدم تبعية أجهزة الأمن لهذه الفصائل !
- تعتذر (كتابات) عن إعادة نشر مثل تلك الرسائل التهديدية الطائفية، وتؤكد على أنها مجرد مقتضيات مهنية تطلبتها طبيعة موضوع المادة التحريرية.