خاص : ترجمة – محمد بناية :
في رسالته، الإثنين، بمناسبة أعياد “النيروز”، تطرق المرشد الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، للحديث عن أعداء “الجمهورية الإيرانية”، وقال: “هناك أعداء من الجن وأعداء من الإنس، وهم يساعدون بعضهم، وكذا تتعاون أجهزة مخابرات الكثير من أعدائنا معًا”.
وقد كان لانتشار هذه التصريحات على وكالات الأنباء الإيرانية، أصداء واسعة لدى الرأي العام. وحين أضحى الموضوع أكثر صخبًا؛ عمدت الكثير من وكالات الأنباء، بشكل متزامن، إلى حذف الجملة المتعلقة “بالجن الأعداء” من الخطاب، في حين كانت هذه الجملة ماتزال موجودة على الموقع الرسمي للمرشد الإيراني. بحسب موقع (بي. بي. سي) الفارسية.
آية من سورة “الأنعام”..
وهي خطوة لا سبب لها بالأساس سوى أن الجملة عجيبة. مع هذا فإن جملة، آية الله “علي خامنئي”، العجيبة بشأن التعاون بين “الجن والإنس” ليست جديدة، فقد استفاد المرشد من استناده بجزء خاص من إحدى الآيات القرآنية، على مدى السنوات الماضية، في تحليل القضايا الداخلية والخارجية مرارًا.
هذه الآية على وجه التحديد؛ هي رقم 112 من سورة “الأنعام”: (وكذلك جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًاۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)..
وحتى الآن فقد استخدم، آية الله “خامنئي”، هذه الآية، (مع الترجمة للفارسية أو بدون)، في عدد 14 خطاب، وفي العادة كلما جاء على ذكر مواجهة القوى الغربية ضد “الجمهورية الإيرانية”.
على سبيل المثال؛ قال مستشهدًا بالآية سابقة الذكر، بتاريخ 15 آذار/مارس 2018م: “الأهداف والشعارات المطروحة بالجمهورية الإيرانية … إنه الإستعداء، وشن الحرب … (في المقابل) تتعاون جبهة الباطل مع بعضها البعض”.
كذلك؛ وفي خطابه، بتاريخ 23 أيار/مايو 2018م، لتحليل التعاون “الأوروبي-الأميركي” بخصوص “الاتفاق النووي”، تلا الآية ذاتها، وقال: “إنهم يساعدون بعضهم، يبعثون الرسائل لبعضهم … وعلينا الإنتباه للأشياء التي اكتسبناها من خلال تجربة الاتفاق النووي”.
كذلك خاطب، آية الله “خامنئي”، بتاريخ 14 كانون ثان/يناير 2007م، رجال الدين بالآية السابقة، وقال: “يهب أعدائنا من كل مكان … يعلمون بعضهم، يعلم البريطانيون الأميركيون، ويشرف الإسرائيليون على تعليم الجميع”.
وحذر المسؤولين، بتاريخ 7 تموز/يوليو 2014م، قائلاٍ: “انتبهوا حتى لا تتعرض أجهزتنا للخلل بواسطة شياطين الإنس والجن … فأحد الأخطاء حصر الإنسان ضمن أطر العوامل الملموسة والمادية البحتة”.
نظرية المؤامرة..
عمومًا فقد استشهد، آية الله “خامنئي”، بهذه الآية في الكثير من الخطابات؛ وهو يميل بشكل عام لتأييد تحليلاته بالنصوص القرآنية، ويستخدم آيات خاصة في كل مرة، والآية التي نتحدث عنها إحداها. مع هذا فالتكرار استناداً لتلكم الآية، لا ينفي الأهمية الاستثنائية لإستشهاد، آية الله “خامنئي”، بهذه الآية في خطابه الأخير.
فقد طرح، في هذا الخطاب؛ مجموعة من نظريات المؤامرة، بدءً من احتمال تورط “الولايات المتحدة” في تخليق فيروس “كورونا” واستهداف “إيران” لإحاطتها العلمية بـ”الجينات الإيرانية”.
وهي النظرية الغربية التي طرحها الكثير من المسؤولين، لكن لا يُتصور أن تؤخذ هذه النظرية بشكل جاد على أعلى مستويات النظام.
بهذه الخلفية، فقد خلق تصور: “وجود أعداء الجن والإنس، والتعاون فيما بينهم”، أن منظور آية الله “خامنئي”، هو بالفعل تعاون “أعداء الجن” مع “أعداء الإنس” وبالعكس، (وبخاصة في مجال الاستخبارات)، وهو نفس الأداء الذي سبق طرحه في التصريحات المثيرة للجدل عن بعض الوجوه الحكومية، مثل حديث “علي أكبر رائفيپور”، عن دور “الجن” في العالم، أو حوار “ولي الله نقي پورفر”، التليفزيوني، عن استعانة جهاز المخابرات الإسرائيلي بالجن.
أخيرًا، حذف وكالات الأنباء الإيرانية للجملة المتعلقة بـ”الجن”، في حديث المرشد بعد نشره؛ يحمل معنى مثير للتأمل وهو: متى صدر قرار الحذف، فإنه يلفت الإنتباه إلى التصور الشخصي للجملة من منظور القائل.