خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إطار الرسائل التي تريد إيصالها إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قبل رحيلها بأسابيع، وبعدما هاجم “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركي، “رجب طيب إردوغان”، أثناء زيارته لـ”فرنسا”، أثارت زيارته إلى “إسطنبول”، العديد من ردود الأفعال الغاضبة في تركيا، حيث تعمد إهانته للرئيس التركي، وهو الأمر الذي يزيد من التوتر في العلاقات “التركية-الأميركية”، فقد استطاع “بومبيو”، من خلال هذه الزيارة، إثارة مخاوف “إردوغان” لمناقشته قضية الحريات الدينية في تركيا؛ وأيضًا رفضه القاطع لسياسات “أنقرة” الاستفزازية في “كاراباخ” وشرق المتوسط.
وكان “بومبيو”؛ قد أعلن عن نواياه الغاضبه تجاه “أنقرة” قبيل زيارته لـ”إسطنبول”، وخلال جولته بـ”باريس”، إذ ناقش مع الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الأفعال “العدوانية للغاية” التي تقوم بها تركيا وضرورة “إقناع” رئيسها، “إردوغان”، بتغيير سلوكه.
وصرح “بومبيو”، لصحيفة (لو فيغارو) اليومية الفرنسية: “لقد أمضينا، أنا والرئيس ماكرون، وقتًا طويلاً في مناقشة الإجراءات التركية الأخيرة واتّفقنا على أنّها عدوانية للغاية”، مشيرًا بالخصوص إلى: “دعم تركيا لأذربيغان” و”حقيقة أنّها زرعت قوات سورية في المنطقة أيضًا”، في إشارة إلى: “مرتزقة سوريين”؛ أكّدت “يريفان” أنّ “أنقرة” أرسلتهم لمؤازرة القوات الأذربيغانية في “كاراباخ”.
كما بحثا الدعم التركي لميليشيات “الوفاق” الليبية، وأفعالها في “شرق البحر المتوسط”، والقائمة تطول، مشددًا على أن موقف بلاده هو إيقاف ضرر الصراعات المؤذية بكل الدول المعنية، مطالبًا كل الدول بوقف تدخلها في “ليبيا”، سواء أكانت “روسيا” أم “تركيا” أم سواهما، مضيفًا: “الشيء نفسه في أذربيغان”، حيث إنّ: “الاستخدام المتزايد للقدرات العسكرية التركية يقلقنا”.
وأكد “بومبيو” أنّه: “يجب على أوروبا والولايات المتحدة العمل معًا لإقناع إردوغان بأنّ مثل هذه الأعمال لا تصبّ في مصلحة شعبه، كما يجب مواجهة تصرفات تركيا في الشرق الأوسط خلال الأشهر القليلة الماضية”.
غضب رسمي لعدم مقابلته المسؤولين..
وأشعلت زيارته لتركيا غضبًا رسميًا؛ كونها خلت من أي لقاءات مع المسؤولين في حكومة “إردوغان”، فضلاً عن الرئيس نفسه، وركزت هدفها على ملف حساس في العلاقات بين البلدين هو ملف الحريات الدينية.
وخلال جولته بـ”إسطنبول”، رفض “بومبيو” زيارة “آياصوفيا”، موصلاً رسالة إلى “إردوغان” بعدم اعترافه بتحويل “آياصوفيا” لمسجد، واختار “بومبيو” مسجد “رستم باشا” لزيارته برفقة زوجته، “سوزان بومبيو”، والسفير الأميركي في أنقرة، “ديفيد ساترفيلد”، وكان قبلها قد توجه إلى كنيسة البطريركية اليونانية، “آيا يورغي”، وقام بإشعال الشموع هو وزوجته، وبعد ساعة ونصف استغرقتها تلك الزيارات غادر إلى محطته التالية، “جورجيا”.
وعقد “بومبيو” عدة لقاءات؛ بدأها بلقاء رئيس الكنيسة الأرثوذكسية بطريرك القسطنطينية، “برثولوماوس”، والتقى بعدها بعددًا من رجال الدين بالكاتدرائية، لمناقشة الحريات الدينية في تركيا، والحقوق الأساسية وحقوق المسيحيين في الشرق الأوسط.
استياء تركي..
وعبرت “الخارجية التركية” عن استيائها من برنامج زيارة “بومبيو” وتركيزه على مسألة الحريات الدينية، التي قالت إنها “محمية” في تركيا.
وقال المتحدث باسم الوزارة، “حامي أكصوي”، في بيان رد فيه على بيان “وزارة الخارجية” الأميركية؛ الذي تضمن برنامج زيارة جولة “بومبيو” في سبع دول بينها تركيا: “سيكون من المناسب أكثر للولايات المتحدة أن تنظر في المرآة وتفكر بالعنصرية ومعاداة الإسلام وجرائم الحقد على أراضيها”.
ورفض “بومبيو” دعوة نظيره التركي، “مولود غاويش أوغلو”، التوجه إلى “أنقرة” للقائه والمسؤولين بالحكومة، ورد “غاويش أوغلو” برفض مقابلته في “إسطنبول”.
واحتجت مجموعة من المتظاهرين، يتبعون جمعية قومية تركية، قرب مقر البطريركية الأرثوذكسية، على زيارة “بومبيو” وطالبوه بالعودة إلى بلاده.
وفي تموز/يوليو الماضي، فجرت تركيا موجة غضب وانتقادات في الغرب المسيحي، عبر تحويلها متحفي “آيا صوفيا” المصنف ضمن التراث العالمي، و”كاريا”، إلى مسجدين.
لحشد الدعم في الانتخابات المقبلة..
في تعليق على الزيارة، قال العميد المتقاعد من القوات المسلحة التركية، وهو مدرس في جامعة إسطنبول، “أيدين نعيم بابوروغلو”: “أولاً وقبل كل شيء، ترتبط هذه الخطوة برغبة بومبيو في الترشح لعضوية مجلس الشيوخ في انتخابات عام 2022؛ عن ولاية كانساس المحافظة. للقيام بذلك، يحتاج إلى أصوات ممثلي الكنيسة الإنجيلية اليونانية، لذلك قام بزيارة البطريركية في منطقة الفنار. أي أن بومبيو في هذه الحالة يعمل لمصلحته الخاصة. كما سيلتقي في جورجيا بممثلي الكنيسة الأرثوذكسية. وبالتالي، فهو ينوي حشد الدعم في الانتخابات المقبلة”.
وأضاف: “بغض النظر عن الاجتماع مع مسؤولي الدولة في برنامجه لزيارته إلى تركيا، ذهب بومبيو إلى استفزاز وإنتهاك البروتوكول الدبلوماسي والممارسات الدولية والقواعد الأولية لاحترام تركيا، العضو في (الناتو) وحليف الولايات المتحدة”.
النظام التركي تغاضى عن الإهانة الأميركية..
فيما أوضح “كعان أتاتش”، الدكتور بقسم العلاقات الدولية بجامعة “مرسين”، لصحيفة (جمهورييت)، إن “إردوغان” حاول حفظ ماء الوجه، وبعث رسالة إلى “بومبيو”؛ مفادها أنه لن يستطيع لقاؤه بـ”إسطنبول” بسبب إزدحام جدول أعماله، ولكنها رسالة متأخرة ولا تحمل ردًا لاعتبار الأتراك.
مضيفًا أن: “الحكومة التركية تغاضت عن الإهانة الأميركية برفض بومبيو لقاء أي مسؤول تركي، فكان ينبغي استدعاء السفير الأميركي لوزارة الخارجية التركية وإبلاغه اعتراضهم على تلك الإهانة، فهذا الرجل مكانه ليس إسطنبول”.
غضب الكونغرس من زيارة “فاروشا”..
وبينما يتلقى “إردوغان” صفعات “بومبيو”، كان “الكونغرس” الأميركي يُعد وثيقة لمعاقبة الرئيس التركي على زيارته لـ”فاروشا”، التي تحدى بها قرارات “مجلس الأمن”، وخالف القوانين والمواثيق الدولية، إذ ذكر موقع (تركيا الآن)، أن 23 عضوًا من “الكونغرس” الأميركي تقدموا إلى وزير الخارجية الأميركي، برسالة يحثون فيها على محاسبة “تركيا” على إعادة فتحها غير القانوني للشاطيء في “فاروشا” وإدانة خطاب “إردوغان” الأخير الداعم لحل الدولتين لـ”قبرص”.
وطالبت عضو الكونغرس، “كارولين مالوني”، الرئيس المشارك والمؤسس المشارك لتجمع الكونغرس حول القضايا اليونانية، بضرورة محاسبة “إردوغان” على خطابه بـ”قبرص”، قائلة: “إنه يجب على الولايات المتحدة محاسبة تركيا على أعمالها غير القانونية، في فاروشا، ومنع تركيا حكومة وشعبًا من احتلال المنطقة، وإعادة توحيد قبرص كاتحاد فيدرالي ثنائي المنطقة والطائفتين، وتحميل تركيا المسؤولية عن إنتهاك القانون الدولي”.
ويمنع قرار “مجلس الأمن الدولي” رقم 550 لسنة 1984، أي محاولات لتوطين أي جزء من “فاروشا” بخلاف سكانها، كما حث قرار “مجلس الأمن الدولي” رقم 789 لسنة 1992؛ على توسيع المنطقة الخاضعة لسيطرة قوة “الأمم المتحدة لحفظ السلام” في “قبرص”؛ لتشمل “فاروشا”، وذلك بهدف تنفيذ القرار 550 لسنة 1984.