10 يونيو، 2025 12:52 ص

دعوة الصدر لترميم “البيت الشيعي” .. مدخل جديد لإعادة العراق إلى حقبة الإقتتال الطائفي !

دعوة الصدر لترميم “البيت الشيعي” .. مدخل جديد لإعادة العراق إلى حقبة الإقتتال الطائفي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة استباقية منه للإعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، اختلف عليها البعض وقبلها آخرون، وهو اتفاق لو تم سيُسفر عن حصول الشيعة على نحو (175) مقعدًا في البرلمان المقبل.. دعا زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، إلى ترميم “البيت الشيعي”، عبر اجتماعات مكثفة لكتابة “ميثاق شرف”.

وذكر في تغريدة بموقع (تويتر)؛ إنه: “في خضم التعدي الواضح والوقح ضد (الله) ودينه ورسوله وأوليائه، من قِبل ثلّة صبيان لا وعي لهم ولا ورع، تحاول من خلاله تشويه سمعة الثوار والإصلاح والدين والمذهب.. مدعومة من قوى الشر الخارجية ومن بعض الشخصيات في الداخل، أجد من المصلحة المُلحة الإسراع بترميم البيت الشيعي من خلال اجتماعات مكثفة لكتابة ميثاق شرف عقائدي وآخر سياسي”.

وكان زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، قد دعا مؤخرًا، الشعب العراقي، إلى عدم مقاطعة الانتخابات.

وقال “الصدر”، في تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إنه: “من يقول لن اشترك في الانتخابات؛ فإنني أحمله أمام الله وأمام الشعب كامل المسؤولية في إيصال الفاسدين للحكم مرة أخرى”.

وتساءل “الصدر”: “أما آن الأوان أن نعيش بسلام بلا احتلال ولا فساد ولا عنف ولا قطع طرق وأرزاق ؟”.

وتابع أن: “الفساد لا يُدرأ بفساد مثله”، مبينًا أنه تظاهر و(التيار الصدري) واعتصم: “وكنا نستطيع أن نستعمل العنف ونحمل السلاح في ثورتنا الإصلاحية، إلا أن ذلك حرام علينا؛ فهو يؤدي إلى الإضرار بالوطن والمذهب”.

كما دعا زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، المعتصمين في محافظة “ذي قار”، إلى العودة لمنازلهم: “سالمين آمنين”؛ والاستعداد للانتخابات المقبلة، وعدم التصارع بين أهالي المحافظة، مطالبًا الحكومة الاتحادية بفرض الأمن والقانون: “وإلا فهي مقصرة”.

وأضاف: “لنتآخى من أجل بناء العراق انتخابيًا؛ ونفوت الفرصة على المتربصين أمثال الاحتلال والإرهابيين والفاسدين والتبعيين والمتشبهين بالجوكر”.

ورغم عدم تبني “الصدر”؛ استهداف المتظاهرين مباشرة، لكن المقرب من زعيم (التيار الصدري)، “صالح محمد العراقي”، بارك ضرب المحتجين في “ساحة الحبوبي”؛ مخاطبًا المهاجمين بالقول: “أيها الشجعان استمروا بالتنظيف لإرجاع الحياة الطبيعية وإرجاع هيبة الدولة”.

من جهتها؛ رفضت غالبية الاتجاهات المدنية وجماعات الحراك دعوة “الصدر”، وعدّوها مدخلاً جديدًا لإعادة البلاد إلى حقبة الإصطفافات الطائفية ومحاولة لجر البلاد إلى مرحلة جديدة من الصراع والإقتتال الطائفي التي بالكاد تجاوزتها.

عقبات في طريق “الصدر”..

فيما يعتقد غالبية المراقبين المحايدين، بحسب صحيفة (الشرق الأوسط)؛ أن دعوة “الصدر” الجديدة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن سياق صراعه الأخير مع جماعات الحراك الاحتجاجي، التي باتت تتهمه وتياره علنًا بالوقوف وراء مهاجمة ساحات الاعتصام، خصوصًا في أحداث الجمعة الماضي، التي وقعت في مدينة “الناصرية” وأدت إلى مقتل 7 وإصابة نحو 90 شخصًا.

كما يستبعد كثيرون إمكانية تكوين تحالف جديد، تكون أعمدته الأحزاب والكتل الشيعية الرئيسة، نظرًا للخلافات العميقة فيما بينها، فتيار “الصدر” مثلاً، يتقاطع بقوة ومنذ سنوات طويلة مع “حزب الدعوة الإسلامية” و”ائتلاف دولة القانون”، اللذين يتزعمهما رئيس الوزراء الأسبق، “نوري المالكي”، وأنتهج “مقتدى الصدر”، منذ نحو 10 سنوات، سياسة معادية له حتى أرغمه على الخروج من رئاسة الوزراء، عام 2014.

وكذلك الحال بالنسبة لعلاقات “الصدر” مع غالبية الفصائل المسلحة، التي تتموضع سياسيًا في “ائتلاف الفتح” الحشدي؛ إذ درج “الصدر” منذ سنوات أيضًا، على انتقاد “عصائب أهل الحق” ويصفها، بـ”الميليشيات الوقحة”.

ويضيف موقع (الشرق الأوسط)؛ أنه من غير المتوقع أن يستجيب رئيس (تيار الحكمة الوطني)، “عمار الحكيم”، لدعوة “الصدر”، خصوصًا وهو يسعى منذ أسابيع إلى بناء تحالف سياسي: “عابر للطوائف”؛ لخوض الانتخابات المقبلة.

وليس هذه فقط، وإنما إلى جانب العقبات القائمة والمحتملة التي تواجهها دعوة “الصدر” داخل خيمة “البيت الشيعي” السياسية ذاتها، فإنها تواجه رفضًا واسعًا داخل الأوساط الشعبية الشيعية، فضلاً عن أوساط بقية المكونات، حيث باتت أعداد غير قليلة من عموم السكان تنظر بتوجس شديد لكل الدعوات المذهبية والقومية والإثنية، وتعدّ أن الجماعات السياسية سبق أن استغلت مشاعر المواطنين وتمكنت من الوصول للسلطة دون أن تقدم شيئًا يُذكر لمكونها أو لبقية المكونات.

رفض الحراك الشعبي للدعوة..

وفي مقابل ترحيب أتباع “الصدر” بدعوة زعيمهم إلى “ترميم البيت الشيعي”، هاجمت جماعات الحراك ذلك بشدة، ووجه كثير منهم انتقادات شديدة لزعيم التيار، وتداولوا تغريدة نشرها “الصدر”، بعد انتخابات آيار/مايو 2018، قال فيها: “لا تتوقعوا مني أي تخندق طائفي يُعيد لنا الردى ويجدد العدا، بل تحالف عراقي شامل، ولن نتنازل عن ذلك طول المدى”.

وردًا على دعوة “الصدر”، كتب الناشط والكاتب، “شاكر الناصري”، عبر (فيس بوك): “لا يمكن ترميم بيت يقوم على أُسس منخورة. الطائفية والفساد والإجرام هي أعمدة البيت الشيعي الذي يوشك على الإنهيار، نتيجة ما ترتكبه القوى الشيعية الحاكمة، كلها، دون استثناء أي طرف منها، من جرائم وفساد وانتهاكات بحق العراق والعراقيين”، مضيفًا أن: “ترميم البيت الشيعي دعاية انتخابية هزيلة جدًا، فقوى هذا البيت الفاسد أثبتت أنها لا تصلح للحكم أو إعادة بناء دولة في عالم اليوم”.

المكون حق موجود..

وفي إطار التأييد لدعوة “الصدر”، قال عضو مجلس النواب عن تحالف (سائرون)، “محمود الزجراوي”، إن: “المكون حق موجود في كل البلدان بالعالم، وهو أمر طبيعي، ومن حق المذاهب الدفاع عن ثوابتها”، متهمًا: “أعداء المذهب؛ باستخدام السذج في ساحات التظاهر لشتم الذات الإلهية والمذهب”.

“الزجراوي” رأى أن: “المحتجين في ساحات التظاهر انقسموا إلى شطرين، الأول رفض سب الذات الإلهية، والثاني تناول الذات الإلهية؛ وهي سابقة خطيرة تحدث لأول مرة في الناصرية علنًا”، عادًا هذه التحركات ناتجة من: “حركة إلحادية بحتة”.

كما وجه النائب عن (سائرون) تحذيرًا إلى هؤلاء بالقول: “نحن المعنيين بالدفاع عن توحيد الله ورفع راية السلام، ولملمة الصفوف هي واجب عقائدي”، مشيرًا إلى أنه في حال استمر التعرض للذات الإلهية في “ساحة الحبوبي”، بمدينة “الناصرية”؛ “فإننا لن نسكت على ذلك، ونحن مستعدون للدفاع عن الثوابت والدين والرسول وأهل البيت والمذهب، مهما كلفنا الأمر”.

وشدد “الزجراوي” على أن: “على الحكومة تطبيق القانون بحق هؤلاء”، مردفًا أن: “تحالف (سائرون) يعتزم سن قانون يُجرّم التعرض للذات الإلهية والإسلام والرسول وأهل البيت”، محذرًا من: “محاولات إيجاد دولة عراقية ملحدة وأعداء لأهل البيت”.

تحذير من تغيير الهوية الوطنية..

وبدوره؛ قال عضو تحالف (القرار العراقي)، النائب “أحمد المشهداني”، إنه: “من الطبيعي أن تلجأ المكونات إلى هكذا دعوات وإصطفافات قبل الانتخابات، فاليوم نرى المكون الشيعي يدعو لترميم بيته، وغدًا نرى المكون السُني؛ ومن بعده المكون الكُردي”.

“المشهداني” تساءل: “لماذا لا تُطلق دعوات لترميم البيت الوطني تحت خيمة العراق، ليكون أكثر مقبولية لدى كل الأطراف السياسية في البلاد ؟”، موضحًا أنه: “في حال تمت الدعوة إلى لملمة البيت السُني ستكون بنبرة طائفية أيضًا، وهذه الدعوات غير مقبولة وعفا عليها الزمن”.

وحذّر “المشهداني” من تبعات: “تغيير الهوية الوطنية على حساب الهويات الطائفية، لأن العراق بحاجة إلى رجال دولة وليس رجال سلطة، فالبلد يتعرض لمؤامرات عديدة، وأن تمزيق النسيج الاجتماعي لا يصب في مصلحة أي أحد”، لافتًا إلى أن: “المصلحة الوطنية تتطلب الجلوس على طاولة حوار موسعة لكل الأطراف، تحت عنوان الشعار الوطني وليس المكوناتي أو المناطقي أو المذهبي”.

يؤكد أن العراق دولة مكونات..

في حين يرى النائب عن “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، “بشار حميد”، أن: “هكذا دعوات؛ تؤكد أن العراق هو دولة مكونات”، منوهًا إلى: “ضرورة أن تكون إدارة البلاد بالتوافق بين المكونات الأساسية فيه”.

“حميد”؛ قال إنه: “لا ضير إطلاقًا من هكذا دعوة، على اعتبار أن توحيد البيت الشيعي يؤدي إلى تهيئة الأجواء من أجل التوافق مع المكونين الآخرين، الكُردي والسُني، وبالنسبة للكُرد سيمكّنهم من مخاطبة المكون الشيعي بأسره والتفاوض والتحاور مع المكون كله يكون أفضل من حيث الاتفاق والتوافق”.

اختلاف موقف “البيت السُني” و”الكُردي !

إلى ذلك تقول؛ (وكالة أنباء الصحافة المستقلة)؛ أنه بالمقابل يشهد “البيت السُني” انقسامًا كبيرًا وصراعًا علنيًا واتهامات بالفساد ومحاولات تزوير الانتخابات، حتى قبل أن تبدأ، ما يُشظي موقف الأحزاب السياسية السُنية ويُضعف موقفها فيما يبقى جمهورها متخذًا موقف المتفرج الذي فقد الثقة بمن يدعون تمثيله.

وهو ما تعانيه الأحزاب الكُردية أيضًا، حيث تأثر الأزمة المالية والخلافات مع “بغداد”؛ على علاقتها مع بعضها وعلاقتها مع جمهورها.

ولكن ما يجعل الأمر مختلفًا، أن الأحزاب الكُردية والسُنية ، لن تجد منافسة كبيرة في مناطقها التي تبدوا محصورة على بعضها مع شبهات التزوير أو الضغط على الناخبين باتجاه اختيار جماعات معينة دون غيرها في كل دائرة انتخابية، وحسب التوزيع العشائري أو الهيمنة الحزبية.

أما بالنسبة للمحافظات الجنوبية و”بغداد”؛ فيبدو أن الصراع الانتخابي الحقيقي سينحصر هناك، مع تعدد الاتجاهات وتنوع الولاءات، والتأثيرات الدينية على الناخبين، إضافة إلى أن الفوز بأكبر عدد من المقاعد يعني الوصول إلى رئاسة الحكومة، وهو الطموح الذي أعلنه (التيار الصدري) بوضوح.

وتعود قضية “البيت الشيعي” إلى حدود، عام 2004، حين أقدم السياسي الراحل، “أحمد الجلبي”، على تأسيسه ليضم قوىً وأحزابًا شيعية تدافع عن فكرة “أحقية” الشيعة في الحكم؛ بالنظر لأغلبيتهم السكانية، لكنه لم يحظ بالإجماع اللازم ولم يلتحق به معظم القوى الشيعية الرئيسة، كما أن دعاته لم يكسبوا الشعبية المناسبة ولم يتمكنوا من الحصول على أصوات الناخبين في معظم الانتخابات التي جرت لاحقًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة